يمثل قرار ألمانيا الشروع في برنامج إعادة تسليح مستدام، عبر رفع الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، أحد أهم التحولات الاستراتيجية في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة. وبالنسبة للعديد من حلفاء ألمانيا، فقد طال انتظار هذه الخطوة. إذ إن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب التهديدات المتزايدة ضد أعضاء حلف «الناتو» الشرقيين، هزَّ الافتراضات الراسخة حول استدامة النظام الأمني الأوروبي لما بعد عام 1991. ومع ذلك، فإن إعادة تسليح ألمانيا ليست مجرد مسألة ميزانية أو قدرات عسكرية، بل هي وثيقة الصلة بالتاريخ، وبالمخاوف التي لا تزال الذاكرة تحتفظ بها، وتعود إلى دائرة النقاش بين وقت وآخر.

بعد هزيمة ألمانيا في عام 1918، فَرضت معاهدةُ فرساي قيوداً صارمة على حجم القوات المسلحة الألمانية وهيكلها وقدراتها. لم تكن هذه القيودُ تهدف فقط إلى معاقبة الدولة المهزومة، بل أيضاً إلى منعها من زعزعة استقرار أوروبا مجدداً، إلا أن هذا المسعى باء بالفشل الذريع. فبعد وصول أدولف هتلر إلى السلطة عام 1933، تحايلت ألمانيا في البداية على معاهدة فرساي سراً، من خلال تعاون محدود مع الاتحاد السوفييتي، ثم تخلت علناً عن بنود المعاهدة. وبحلول أواخر الثلاثينيات، كانت ألمانيا قد امتلكت واحدةً من أحدث وأقوى القوات العسكرية في العالم، وهو تطور أسهم بشكل مباشر في اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939.

لقد شكّلت العواقب الكارثية لإعادة التسلح تلك الفكرَ الأوروبيَّ والألمانيَّ لعقود، إذ جلبت هزيمة ألمانيا عام 1945 الاحتلالَ والانقسام، وتعهداً رسمياً من القوى المنتصرة بعدم السماح لألمانيا بتهديد جيرانها مجدداً. ولفترة من الزمن، بدا أن نزع السلاح سيكون دائماً، لكن اندلاع الحرب الباردة سرعان ما فرض إعادة التقييم. ومع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وخاصة بعد اندلاع الحرب الكورية عام 1950، خلص القادةُ الغربيون إلى أن الدفاع عن أوروبا الغربية مستحيل دون مشاركة ألمانية.

وكان إعادة تسلّح ألمانيا الغربية مثار جدل عميق، داخل ألمانيا وفي.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية