يشكل تنظيم كأس إفريقيا للأمم بالمغرب رافعة اقتصادية حقيقية تتجاوز البعد الرياضي، إذ يفتح آفاقًا واسعة أمام المقاولات الصغرى والفاعلين المحليين للاستفادة من الطلب المتزايد على مختلف الخدمات والمنتجات المرتبطة بالبطولة.
ففي المدن المستضيفة، تتحول أجواء المباريات والاحتفالات المرافقة لها إلى فرصة تجارية استثنائية، إذ تشهد المطاعم والمقاهي ومتاجر البيع بالتجزئة، إلى جانب الحرفيين المحليين، إقبالًا متناميًا من جماهير محلية ودولية تبحث عن تجربة متكاملة تجمع بين كرة القدم والثقافة والمنتج المحلي.
ولا تقتصر هذه الدينامية على القطاعات المرتبطة مباشرة بالاستهلاك، بل تمتد إلى النقل والخدمات اللوجستية، مع ارتفاع الطلب على التنقلات، الإقامة، والتجهيزات المختلفة المرتبطة بتنظيم البطولة.
هذا الزخم يتيح للمقاولات الصغرى ليس فقط تعزيز مداخيلها على المدى القصير، بل أيضًا توسيع دائرة شهرتها وبناء قاعدة زبناء جديدة يمكن الحفاظ عليها بعد إسدال الستار على المنافسات، بما يساهم في ترسيخ أثر اقتصادي مستدام.
في هذا السياق، قال ياسر الدرويش، الباحث في الاقتصاد، إن كأس إفريقيا للأمم يمثل محفزًا مباشرًا للاقتصاد الوطني، إذ يخلق دورة استهلاكية قوية تتجلى في ارتفاع الطلب على السلع والخدمات، ما ينعكس إيجابًا على الناتج المحلي الإجمالي .
وأكد في تصريح لجريدة مدار21 الإلكترونية، أن المقاولات الصغرى تستفيد بشكل مباشر من هذا النشاط، إذ تتحول تكاليف التنظيم إلى فرص ربحية ملموسة، ويرتفع حجم التداول الاقتصادي داخل المناطق المستضيفة، بما يعزز الحركية الاقتصادية المحلية.
وسجل الدرويش أن الحدث القاري يتيح أيضًا للمقاولات الصغيرة فرصة ثمينة لتعزيز قدرتها التنافسية عبر الابتكار وتقديم عروض مميزة تستجيب لتطلعات الجماهير.
وأضاف أن الزوار، سواء من داخل المغرب أو خارجه، يبحثون عن تجارب فريدة ومختلفة، وهو ما يدفع المقاولات إلى تحسين جودة منتجاتها وخدماتها ، معتبرا أن هذا التوجه يرفع مستوى القطاع ككل ويؤسس لسمعة قوية يمكن استثمارها على المدى الطويل.
ويرى الباحث في الاقتصاد أن التنظيم المكثف للبطولة يفرض في المقابل تحديات لوجستية وتنظيمية معقدة على المقاولات الصغرى، من قبيل تدبير المخزون، وتوظيف الموارد البشرية المؤقتة، وضمان استمرارية سلاسل الإمداد.
وأوضح أن القدرة على التعامل الناجح مع هذه التحديات تعكس مستوى نضج المقاولة وكفاءتها، وتمنحها خبرة عملية تعزز صمودها وقدرتها على التكيف مع أحداث اقتصادية كبرى مستقبلًا.
ولفت الدرويش إلى أن كأس إفريقيا للأمم لا ينبغي النظر إليها كمجرد تظاهرة رياضية عابرة، بل كأداة استراتيجية لربط الاقتصاد المحلي بالأسواق الإقليمية والدولية.
وأبرز أن المقاولات الصغرى التي تحسن استغلال هذه المناسبة قادرة على بناء شبكات علاقات وشراكات مستدامة، وفتح آفاق تصديرية جديدة، بما يرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني ويعزز صورة المغرب كوجهة اقتصادية ورياضية وازنة على الساحة الإفريقية.
هذا المحتوى مقدم من مدار 21
