أكد هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس رئاسة النيابة العامة، أن آليتي الحجز والمصادرة أضحتا اليوم من الركائز الجوهرية في السياسات الجنائية الحديثة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأوضح خلال كلمة ألقاها في اللقاء السنوي لجهات إنفاذ القانون بالرباط، أن هاتين الآليتين تضطلعان بدور حاسم في استهداف البنية المالية للجريمة وتجفيف منابعها، مما يحد من قدرة التنظيمات الإجرامية على الاستمرار والتوسع في أنشطتها غير المشروعة.
تعزيز الشراكة المؤسساتية لمواجهة التحديات
اعتبر رئيس النيابة العامة أن هذا اللقاء الذي نظمته الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تحت عنوان التحديات العملية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: الحجز والمصادرة نموذجاً ، يشكل موعداً مؤسسياً راسخاً وفضاءً وطنياً متخصصاً لتبادل الرؤى وتقييم التجارب الوطنية.
وأثنى البلاوي على مستوى الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المستمر القائم بين رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية، بحضور وازن لمسؤولين قضائيين وأمنيين وممثلي المؤسسات المعنية، مما يعكس الرغبة الجماعية في تطوير المنظومة الوطنية وتحديث آليات اشتغالها.
سياق دولي وتقييم وطني مرتقب
أشار المسؤول القضائي إلى أن اختيار موضوع الحجز والمصادرة يكتسي أهمية خاصة في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي وتطور الأساليب الإجرامية المعتمدة في إخفاء العائدات غير المشروعة.
كما ربط هذا الورش بالاستعدادات الجارية لعملية التقييم المتبادل للمنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المقرر إجراؤها خلال الفترة ما بين 2026 و2028، مما يفرض تعبئة شاملة لتجاوز التحديات المرتبطة بالطابع العابر للحدود للجريمة وتعقيد الهياكل المالية والرقمية المستعملة.
أولويات السياسة الجنائية والتحول الرقمي
شدد هشام بلاوي على أن نجاعة مساطر الحجز والمصادرة لا تتوقف عند إصدار القرارات القضائية فحسب، بل تستلزم إرساء آليات إجرائية وتقنية متكاملة لتعقب الأصول وجردها وتنفيذ قرارات المصادرة بحكامة عالية.
وفي هذا الإطار، جعلت رئاسة النيابة العامة من هذا الورش أولوية قصوى عبر تطوير آليات البحث المالي وتعزيز التبادل المعلوماتي، فضلاً عن إحداث منصات وتطبيقات رقمية متطورة لتتبع قضايا غسل الأموال والتعاون القضائي الدولي، مع الرفع من قدرات القضاة عبر برامج تكوين تخصصية ودلائل عملية محينة.
مقاربة توازنية وانفتاح عالمي
على المستوى الدولي، أبرز البلاوي انخراط رئاسة النيابة العامة في مبادرات إقليمية ودولية فاعلة، منها الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول بشمال إفريقيا والشرق الأوسط (MENA ARIN) والتعاون مع منظمة الإنتربول وهيئات الأمم المتحدة.
وختم كلمته بالتأكيد على اعتماد المغرب لمقاربة متوازنة تقوم على تعزيز الفعالية في مكافحة الجريمة المالية مع ضمان الاحترام التام للحقوق والحريات، وفي مقدمتها الحق في الملكية، وهي المقاربة التي تجد سندها القوي في مقتضيات مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد، بما يضمن حماية الأنشطة الاقتصادية المشروعة وتحقيق العدالة المالية.
هذا المحتوى مقدم من Le12.ma
