تناول الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الليبي، عبد الستار حتيتة، التقرير الصادر عن المعهد البريطاني تشاتام هاوس حول الأوضاع الليبية منذ عام 2011 بكثير من التحليل، موضحاً خلال تصريحاته لفضائية الحدث السعودية أن التقرير نجح في رصد الحالة الاقتصادية المتدهورة للبلاد بصورة دقيقة.
وأكد حتيتة أن الأزمة تكمن في توجيه كافة الإيرادات السيادية التي تدخل المصرف المركزي لخدمة الجانب العسكري فقط، حيث تستنزف الميليشيات المنتشرة في الشرق والغرب هذه الأموال تحت مسميات مختلفة، مما يجعل ميزانية الدولة رهينة للسلاح وليس للتنمية.
وشدد حتيتة على أن التقرير ركز بشكل جوهري على غياب الشفافية والنزاهة في التعامل مع المال العام، مشيراً إلى ظاهرة استنزاف الثروات عبر تقديم قادة المجموعات المسلحة طلبات تمويل ضخمة بحجة حماية المنشآت، مدعين زوراً امتلاكهم لمئات الأفراد، ليحصلوا في المقابل على مبالغ تتراوح ما بين 60 إلى 100 مليون دولار تذهب لجيوب قادة هذه المجموعات بدلاً من خدمة الدولة.
وفيما يخص البعد الدولي للأزمة، أوضح حتيتة أن التقرير كشف عن تماهي أطراف محلية مع قوى إقليمية ودولية، حيث تسعى كل جهة لحماية مصالح الدول التي تعمل لصالحها بعيداً عن مصلحة ليبيا الوطنية.
ووصف حتيتة المشهد الدولي بصراع على الكعكة، حيث تحاول الولايات المتحدة وبريطانيا الاستحواذ على النصيب الأكبر، بينما تترك الفتات للدول الإقليمية، في حين لا يتبقى للشعب الليبي سوى فتات الفتات .
واختتم حتيتة قراءته للتقرير بالتأكيد على أن المواطن الليبي هو الضحية الوحيدة التي تعاني من تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، محذراً من محاولات القوى السياسية المتصدرة للمشهد مثل عبد الحميد الدبيبة وعقيلة صالح لاستغلال المظاهرات الشعبية وتوجيهها لخدمة مصالحهم، وهو ما تجلى في حوادث إحراق المنشآت الحكومية التي أضرت بمقدرات الشعب بدلاً من إنصافه.
ونشر المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس دراسة بحثية موسعة بشأن سبل الخروج من دوامة الصراع المستمر في ليبيا.
وقالت الدراسة إن السياسات المتبعة لمعالجة الأزمات السياسية والأمنية المستعصية في ليبيا واصلت الاعتماد على نظام معيب من الصفقات بين النخب، واستخدام تقاسم السلطة والثروة للحفاظ على السلام بين الفصائل المتناحرة، معتبرة أن هذه المقاربات تفاقم غالباً ديناميات الصراع من خلال تحفيز الاستغلال الاقتصادي والسعي وراء الريع عبر السيطرة على مؤسسات الدولة.
هذا المحتوى مقدم من ج بلس
