فجر تقرير صادر عن معهد آفاق الجيوسياسة نقاشا واسعا حول خلفيات الاتفاق العسكري المبرم بين الجزائر وتونس في أكتوبر 2025، بعدما خلص إلى أن هذا التفاهم يتجاوز أهدافه المعلنة في مكافحة الإرهاب، ليحمل أبعادا استباقية مرتبطة بتطورات القضية القبايلية.
ويرى التقرير أن توقيع الاتفاق قبل أسابيع من إعلان ما سمي بـ جمهورية القبائل الفدرالية يطرح فرضية استعداد أمني جزائري مبكر لاحتواء تداعيات محتملة داخل منطقة القبائل، في ظل تخوفات من إعادة تشكل حركات معارضة ذات طابع مسلح.
عمق التدخل وحدود السيادة
وأشار المعهد إلى أن الاتفاق يمنح، وفق معطيات غير معلنة، هامش تحرك للقوات الجزائرية داخل الأراضي التونسية بعمق يصل إلى 50 كيلومترًا، وهو ما يثير نقاشا سياديا واسعا، خاصة وأن هذا المجال قد يغطي ما يقارب ثلث التراب التونسي.
وأبرز التقرير الأهمية الجيوسياسية لمنطقة غار الدماء، بالنظر إلى دورها التاريخي خلال الثورة الجزائرية، معتبرا أن إعادة وضعها في صلب الحسابات الأمنية يعكس هاجس منع أي امتدادات خلفية لحركات انفصالية محتملة.
إشكالات دستورية في تونس
وعلى الصعيد القانوني، تساءل التقرير عن مدى احترام الاتفاق للدستور التونسي، في ظل غياب مسطرة المصادقة البرلمانية، واحتمال تحميل الدولة التونسية التزامات أمنية دون نقاش تشريعي شفاف، مع احتفاظ الجزائر بقيادة القرار العملياتي.
وحذر التقرير من أن تشديد القبضة الأمنية قد يمنح زخما إضافيا للخطاب القبايلي في الخارج، ويفتح الباب أمام تدويل القضية، خاصة في ظل توازنات إقليمية هشة بمنطقة المغرب العربي والساحل.
أفق مفتوح على التعقيد
وحدد المعهد ثلاثة مسارات محتملة: تصعيد أمني تدريجي، أو احتواء مشدد دون انفجار، أو انتقال القضية القبايلية إلى مستوى الصراع الإقليمي والدولي، خاتما بأن الاتفاق الجزائري التونسي قد يؤسس لمرحلة جديدة من التعقيد بدل تحقيق الاستقرار المنشود.
هذا المحتوى مقدم من آش نيوز
