تتجه أنظار المغاربة وعشاق الكرة الإفريقية، مساء اليوم الأحد ابتداءً من الساعة الثامنة، إلى المركب الرياضي مولاي عبد الله بالرباط، الذي يحتضن المباراة الافتتاحية للنسخة الـ35 من نهائيات كأس أمم إفريقيا «المغرب 2025»، في مواجهة تجمع المنتخب الوطني المغربي بنظيره منتخب جزر القمر، ضمن منافسات المجموعة الأولى.
ويفتتح أسود الأطلس مشاركتهم القارية على أرضهم وبين جماهيرهم، حاملين طموح التتويج باللقب الإفريقي للمرة الثانية في تاريخهم، بعد انتظار دام قرابة خمسة عقود منذ التتويج الوحيد سنة 1976 في إثيوبيا. ولا تكتسي هذه المواجهة طابعًا افتتاحيًا فحسب، بل تشكل نقطة انطلاق لمسار يراهن عليه المغاربة لكتابة صفحة جديدة في تاريخ الكرة الوطنية.
وتُقام المباراة في أجواء احتفالية حماسية تمزج بين رمزية الاستضافة وثقل التطلعات الشعبية، حيث تمثل هذه الليلة الصفحة الأولى في رحلة «الأسود» نحو اللقب القاري، وسط ترقب واسع داخل المغرب وخارجه، في واحدة من أكثر النسخ المنتظرة لكأس الأمم الإفريقية.
ويدخل المنتخب المغربي اللقاء مدعّمًا بنجومه المحترفين في كبرى الدوريات الأوروبية، يتقدمهم القائد أشرف حكيمي، الذي استعاد جاهزيته بعد تعافيه من إصابة في الكاحل، ما يمنح المدرب وليد الركراكي دفعة قوية على المستويين الفني والمعنوي، ويعزز من صلابة الخط الخلفي منذ ضربة البداية.
وتُعلّق على هذه النسخة آمال كبيرة، في ظل المسار التصاعدي الذي بصم عليه المنتخب المغربي خلال السنوات الأخيرة، سواء ببلوغه نصف نهائي كأس العالم 2022، أو عبر حضوره القوي في المنافسات القارية والدولية. هذا التطور، الذي رافقه إعداد منهجي واستقرار تقني تحت قيادة الركراكي، يعكس طموحًا واضحًا لكسر عقدة غياب اللقب القاري وتعزيز مكانة المغرب بين كبار القارة السمراء.
ويميل تاريخ المواجهات المباشرة لصالح المنتخب المغربي، الذي تفوق في معظم لقاءاته السابقة أمام جزر القمر ضمن التصفيات والمنافسات الإفريقية، مقابل تعادل وحيد، ما يجعل عاملي الأرض والجمهور عنصرين إضافيين في دعم حظوظ «الأسود». وستُدار المباراة تحت أنظار الحكم الكونغولي جان جاك ندالا، أحد أبرز الأسماء التحكيمية في القارة.
ورغم أن المغرب ظل حاضرًا بقوة في العديد من نسخ كأس أمم إفريقيا بعد تتويجه الأول عام 1976، واقترب في أكثر من مناسبة من استعادة اللقب، فإن الحسم غاب عنه في محطات مفصلية. غير أن العودة إلى أرضه، وما يملكه هذا الجيل من خبرة وطموح، تجعل الإيمان كبيرًا بأن النسخة الحالية قد تكون الأقرب لتحقيق حلم النجمة الثانية.
وفي هذا السياق، شدد الناخب الوطني وليد الركراكي على أن الهدف واضح ولا يقبل التأويل، ويتمثل في التتويج باللقب القاري. وقال خلال الندوة الصحافية التي تسبق المباراة الافتتاحية: «نستعد لهذه البطولة منذ سنتين، ونعلم حجم المسؤولية. هدفنا الأول هو الفوز بكأس أمم إفريقيا، وأي منتخب نواجهه نكن له الاحترام، لكن الأهم أن نلعب بالطريقة التي نريدها وأن نكون أوفياء لطموحاتنا».
وأضاف الركراكي أن التحضيرات لم تخلُ من صعوبات، خاصة على مستوى الإصابات، موضحًا: «واجهنا بعض الإكراهات التي فرضت التفكير في خطط بديلة، لكننا نشتغل منذ أسبوع في أجواء جيدة لنكون في أقصى درجات الجاهزية».
كما تطرق المدرب المغربي إلى الجانب الذهني، معتبرًا أن تغيير العقلية كان أحد مفاتيح العمل منذ توليه المهمة قبل ثلاث سنوات، وقال: «منذ البداية أردت تغيير الذهنية. ربما قيل إن الطموح مبالغ فيه، لكننا وضعنا لأنفسنا هدف المنافسة على الألقاب، سواء في كأس إفريقيا أو كأس العالم، وسنواصل العمل تحت هذا الضغط».
ووجّه الركراكي رسالة مباشرة إلى الجماهير المغربية، دعاهم فيها إلى الحضور القوي والمساندة المتواصلة، قائلًا: «نحتاج إلى جماهير تشجع وتؤازر حتى النهاية. عندما تلعب كأس إفريقيا في بلدك، يجب أن تكون الأجواء حافزًا حقيقيًا. نشتغل منذ الإقصاء الماضي بروح تحفيزية عالية، ونأمل أن نعيش معًا لحظة التتويج».
هكذا، تنطلق من الرباط رحلة «الأسود» في «كان 2025»، وسط آمال عريضة بأن يكون الافتتاح خطوة أولى نحو معانقة لقب طال انتظاره.
هذا المحتوى مقدم من أشطاري 24
