«إجادة».. بين عدالة الفكرة وإرباك التطبيق

خالد بن حمد الرواحي

اتجهت المؤسسات الحكومية في السنوات الأخيرة إلى تبنّي منظومات لتقييم الأداء، سعيًا إلى رفع الكفاءة، وربط الجهد الفردي بالأهداف المؤسسية. وجاءت منظومة «إجادة» ضمن هذا التوجه، كمحاولة لتنظيم التقييم، وتعزيز العدالة، وتحفيز التميز. غير أن السؤال الحقيقي لا يتعلّق بالفكرة بقدر ما يتعلّق بالتطبيق: هل يشعر الموظف فعلًا أن ما يُقاس يعكس ما يقدّمه؟

فمهما حسنت نوايا أي منظومة تقييم، فإنها تُقاس في النهاية بما يشعر به من تُطبَّق عليهم، لا بما كُتب في أدلتها.

من المهم التأكيد منذ البداية أن منظومة «إجادة» لا ترتبط إلكترونيًا بأنظمة الحضور والانصراف، ولا تُدرج الالتزام الزمني ضمن معايير التقييم. غير أن التحدي الحقيقي يتجاوز ذلك، إذ يكمن في قياس جودة الأثر والسلوك المهني بعدالة، في ظل تفاوت طبيعة الوظائف، ومحدودية أدوات التحقق، واختلاف مستويات التدريب.

تبدأ الإشكالية لدى كثير من الموظفين من مرحلة صياغة الأهداف. ففي التطبيق العملي، يُطلب من الموظف تحديد أهدافه بنفسه، دون مرجع واضح يبيّن المستوى المتوقع وفق الإمكانيات المتاحة. فعندما يكتب هدفًا مثل «تقديم محاضرات توعوية خلال ستة أشهر»، يبقى السؤال مطروحًا: ما العدد الذي يُعد إنجازًا كافيًا؟ ثلاث محاضرات أم خمس أم أكثر؟ ومع غياب معيار محدد، يتحول الهدف إلى اجتهاد شخصي، لا إلى أداة قياس عادلة.

ويترتب على هذا المنطق أثر سلوكي غير مقصود؛ إذ قد يدفع بعض الموظفين إلى خفض سقف أهدافهم منذ البداية لضمان تجاوزها لاحقًا، ما يُفرغ التقييم من مضمونه الحقيقي، ويحوّل التركيز من تحسين الأثر إلى إدارة الأرقام. وتتضاعف الإشكالية حين يعتمد المسؤول المباشر الأهداف والنتائج كما أُدخلت، دون مراجعة معيارية تقارنها بالأداء الفعلي، الأمر الذي يبرز الحاجة إلى حوكمة تقنية أوسع تقلل التدخل البشري، وتربط الأداء بمؤشرات قابلة للتحقق والمقارنة.

وتزداد الصعوبة حين يُناط بالمسؤول المباشر مراجعة هذه الأهداف، خصوصًا في بيئات تضم تخصصات متعددة ومختلفة جذريًا. فمدير مركز صحي، على سبيل المثال، قد يكون طبيبًا، لكنه مطالب بتقييم أهداف التمريض، والصيدلة، والمختبرات، والسجلات الطبية، والإسعاف، والحراسة. ومع غياب معايير دقيقة لكل تخصص، يتحول التقييم إلى مهمة شاقة، حتى مع حسن النية.

وينعكس هذا الخلل على منطق التقييم المعمول به حاليًا؛ إذ يحصل الموظف الذي يحقق جميع أهدافه على تقييم «متوسط»، بينما يُقيَّم من يحقق نتائج تفوق المتوقع بتقييم «جيد» فقط. ثم تبدأ مرحلة التدخل البشري، حيث يُرفع 35% من الحاصلين على «جيد» إلى «جيد جدًا»، و10% إلى «امتياز».

وهنا تبدأ الإشكالية الأكبر؛ إذ تتم عملية المفاضلة غالبًا دون معايير موثقة أو أدوات تحقق واضحة، وتزداد تعقيدًا حين يُطلب من المسؤول المباشر الاختيار بين موظفين يعملون في أقسام مختلفة تمامًا. فكيف يمكن المقارنة بين طبيب، وممرض، وصيدلي، وسائق إسعاف، وحارس، بمعيار واحد؟

أمام هذا الواقع، يلجأ بعض المسؤولين.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرؤية العمانية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الرؤية العمانية

منذ ساعتين
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ 8 ساعات
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 3 ساعات
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 6 ساعات
صحيفة الرؤية العمانية منذ 3 ساعات
عُمان نيوز منذ 8 ساعات
صحيفة الشبيبة منذ 9 ساعات
وكالة الأنباء العمانية منذ 3 ساعات
وكالة الأنباء العمانية منذ 7 ساعات
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 5 ساعات