قال الخبير الأمني والعسكري أحمد الشحات، إن تحرك باكستان تجاه ليبيا يركز على التعامل مع المؤسسة العسكرية الرسمية، التي تحظى بقبول محلي، موضحاً أن الهدف هو تطوير الجيش الليبي ليصبح رقماً أساسياً في المعادلة الإقليمية.
وأضاف في تصريحات لتلفزيون المسار ، رصدتها الساعة24 أن الاستقرار المصري والليبي مرتبط بشكل مباشر بتوحيد الجيش الليبي ومنع التدخلات الخارجية، فضلاً عن تأمين الحدود المصرية، وهو ما يتم التنسيق بشأنه بين باكستان وليبيا، لا سيما في مجال التدريب ومكافحة الإرهاب.
ولفت الخبير الأمني، إلى أن باكستان تعمل على تعزيز دورها في منطقة الشرق الأوسط من خلال التواصل مع الدول المؤثرة وفرض تركيبات أمنية جديدة باعتبارها مدخلاً رئيسياً لتحقيق أهدافها الاستراتيجية. مستشهداً بالتعاون العسكري بين باكستان والسعودية والذي يأتي في إطار اتفاقية الدفاع المشترك، مؤكداً في الوقت نفسه توطيد العلاقات بين مصر وباكستان عبر تفاهمات متواصلة، وزيارات متبادلة، واتفاقيات للتصنيع العسكري، بالإضافة إلى مناورات مشتركة تعزز الشراكة الاستراتيجية في المنطقة.
وأكد الشحات أن توحيد الجيش الليبي سيتيح جذب كافة العناصر المتفرقة، ما ينعكس إيجاباً على الاستقرار السياسي في البلاد، ويحقق الهدف الأساسي للدول المعنية، وخاصة مصر، وهو وحدة ليبيا ووحدة جيشها.
وبين أن الجيش الليبي يُعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار في ليبيا، موضحاً أن الجيش، رغم كونه الأكثر تماسكا نسبياً، لا يمكن اعتباره النموذج المطلق لحل كل التحديات الأمنية في البلاد.
وأضاف أن جميع التحركات السابقة، وكذلك جهود تحرير ليبيا من الإرهاب، جاءت في إطار العمل المنضبط لتحقيق الأمن الداخلي، وإن كان ذلك بشكل نسبي بسبب التدخلات الإقليمية والدولية المختلفة.
كما أشار إلى أن هناك دعماً ملحوظاً للجيش الليبي من قبل العديد من الدول، التي ترى فيه جيشاً وطنياً قادراً على توحيد البلاد بعيداً عن أي صدامات عسكرية قد تضر بمصلحة ليبيا بشكل كبير.
وأكد أن باكستان تمثل قيمة مضافة للجيش الليبي، مشيراً إلى أنها دولة نووية كبيرة ذات خبرات عسكرية متنوعة، اكتسبتها من مشاركتها في أفغانستان وسريلانكا وبعض الدول الأفريقية، فضلاً عن خبرتها في تطوير الجيوش بعد الصراعات والنزاعات.
وأوضح أن هذه الخبرات تشمل التدريب والتأهيل العسكري ومواجهة الإرهاب والتعامل مع الميليشيات المسلحة، مشيراً إلى أن توظيفها مع الأسلوب المصري والشرقي يوفر للجيش الليبي تنوعاً في المدارس العسكرية، ما يعزز من قدراته التكتيكية والفنية، ويجعله رقماً أساسياً في معادلة القوة داخل البلاد.
وأضاف أن الجيش الليبي، من خلال دمج هذه الخبرات، سيكون أكثر قدرة على التحكم في تحركاته على المستويات الغربية والشرقية والأسيوية والشرق أوسطية، ما ينعكس على شخصية العنصر العسكري ويزيد من قيمته داخل القوات المسلحة، ويجعل المؤسسة قادرة على ترسيخ وجودها على جغرافية ليبيا والمساهمة في استقرارها السياسي.
وأشار الشحات إلى أن أي تحرك عسكري لا يمكن أن ينجح دون تعاون استخباراتي وأمني فعال، بما يشمل تأمين الحدود وتبادل المعلومات، موضحاً أن الجيش الليبي يتبع منذ سبع سنوات نهجاً تدريجياً في التدريب والتأهيل، ما يمنحه الثقة ليكون طرفاً تفاوضياً، بالتعاون مع مجلس النواب كجهة شرعية، لإحداث توافق داخلي وضمان تنفيذ أي اتفاقات على الأرض.
وشدد على أن تدويل قضية ليبيا ووجود زخم دولي يمكن أن يدعم تقديم تصور حقيقي قابل للتطبيق على الأرض، ويضمن نجاح الانتخابات وتحقيق الاستقرار السياسي، في ظل وجود جيش قوي ومنظم قادر على فرض قوة الردع وضمان الترتيبات الأمنية داخل البلاد. مبينا إن فكرة تدويل قضية ليبيا ترتبط بشكل أساسي بإمكانية رفع بعض العقوبات عن البلاد، مع الحفاظ على الإطار القانوني والرقابي الدولي، بما يسمح للجيش الليبي باستقدام أسلحة من مدارس صناعية مختلفة دون اختراق العقوبات.
وأضاف أن توقيع أي اتفاقيات في هذا السياق لن يشكل تحايلاً أو انتهاكاً للقيود الدولية، مشيراً إلى أن الجيش الليبي جيش منضبط ولن يسلك هذا النهج في المرحلة الحالية. وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن اعتراف العديد من الدول بإمكانات الجيش يعزز شرعيته ويترسخ وضعه أمام جميع أطياف الشعب الليبي.
وأوضح أن تحريك قضية ليبيا على المستوى الدولي قد يسهم في رفع العقوبات تدريجياً، ويدعم تطوير قدرات الجيش العسكرية، بما يجعله قادراً على مواجهة أي تهديدات محتملة، ويؤكد دوره الأساسي في استقرار البلاد.
من جهة ثانية قال الشحات، إن التعاون بين مصر والجيش الليبي يركز على تأمين الحدود المشتركة ومنع وجود أي ميليشيات خارج الإطار الرسمي، وهو ما يمثل حماية مباشرة لدول الجوار ويحد من استغلال الأراضي الليبية لتنفيذ عمليات ضد هذه الدول أو جذب عناصر إرهابية. كما أشاد الشحات بدور الجيش الليبي في استعادة السيطرة على المناطق المهمة وضمان بيئة مستقرة، مؤكداً أن هذا التحرك يعكس تقدماً كبيراً في تعزيز استقرار ليبيا على الصعيدين الأمني والسياسي.
وكشف الشحات أن الاتجاه الرئيسي في المرحلة الحالية يتركز على تحقيق تحرك دولي يدعم وحدة المجتمع الليبي في المقام الأول، إلى جانب وحدة الجيش الليبي باعتباره الركيزة الأساسية لاستقرار البلاد.
وأضاف أن هذا التحرك الدولي سيسمح بتحرير الأصول المالية لليبيا، ما ينعكس إيجاباً على تطوير الجيش والمؤسسات السياسية، من خلال توفير موارد مالية منظمة تساهم في تعزيز القدرات العسكرية.
وأشار إلى أن التمويل السياسي المنضبط هو العامل الأساسي الذي يتيح للجيش القيام بدوره بكفاءة لمواجهة أي تهديدات محتملة.
وتابع أن الدولة المصرية تعمل على دعم هذا المسار عبر تعزيز وعي المجتمع الليبي بأهمية الوحدة الوطنية، والتنسيق مع الجيش الليبي لتأكيد الدور الرسمي للدولة، في ظل التحديات الإقليمية والدولية.
كما شدد على أن الأحداث الأخيرة في غزة وبعض الملفات الأخرى أظهرت أحياناً انحراف الاهتمام عن الأولويات الليبية، مؤكداً أن هناك فرصة مواتية الآن لتحريك هذه الموارد والسياسات بشكل منضبط يحقق الأهداف المرجوة.
هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا
