أكد الناشط السياسي عبد الله الغرياني أن الزيارة الأخيرة لقائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير إلى بنغازي ولقائه القائد العام للقوات المسلحة المشير خليفة حفتر تأتي ضمن سياسة تهدف إلى تصفير العلاقات مع المحيط الإقليمي والدولي،

وأوضح الغرياني في حديث لقناة ليبيا الحدث رصدته الساعة 24 ، أن هذا يتزامن مع الدور المحوري الذي لعبه نائب القائد العام الفريق أول ركن صدام حفتر من خلال سلسلة زيارات شملت عددًا من الدول الإقليمية، وكانت باكستان إحدى أبرز محطاتها، بهدف إحياء العلاقات الثنائية وتجديد أطر التعاون العسكري بين البلدين.

وقال الغرياني إن أهمية باكستان تكمن في ثقلها العسكري، حيث يُصنَّف جيشها ضمن أقوى الجيوش عالميًا، ويحتل مرتبة متقدمة من حيث الجاهزية والتسليح، إلى جانب خبرته الواسعة في مكافحة التنظيمات الإرهابية، لا سيما خلال الحرب على الإرهاب في أفغانستان، حين كانت باكستان حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة الأمريكية.

ولفت الغرياني إلى وجود قواسم مشتركة واسعة بين الجيشين الليبي والباكستاني، خاصة في ملف مكافحة التنظيمات المتطرفة، مؤكدًا أن هذا التعاون يعكس توجه القيادة العامة نحو بناء شراكات عسكرية جديدة تتجاوز الإطار الإقليمي التقليدي وتمتد إلى آسيا، بعيدًا عن حصر العلاقات في الشرق الأوسط فقط.

في السياق نفسه، كشف الغرياني أن عددًا كبيرًا من عناصر الجيش الليبي تلقوا، ولا يزالون يتلقون، تدريبات عسكرية متقدمة في باكستان، موضحًا أن هذه البرامج التدريبية تُعد من بين الأفضل على المستوى العالمي نظرًا للتطور الكبير الذي تشهده المؤسسات العسكرية الباكستانية.

كما أشار الغرياني إلى البعد الجيوسياسي لباكستان، مستشهدًا بعلاقاتها الاستراتيجية مع الصين ودورها في موازنة الصراع مع الهند، إضافة إلى امتلاكها السلاح النووي منذ ثمانينيات القرن الماضي، ما يمنحها ثقلًا إقليميًا ودوليًا مهمًا.

وأضاف أن البعد الإسلامي يشكل عاملًا إضافيًا في تعزيز العلاقات الثنائية، لافتًا إلى مشاركة باكستان في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، وإسهامها في عمليات عسكرية في مناطق مثل الرقة والموصل وشمال شرق سوريا، إلى جانب عضويتها الفاعلة في منظمة التعاون الإسلامي، وتدخلها في عدد من الأزمات التي تمس العالم الإسلامي.

وفي معرض رده على تساؤلات حول تأثير تعزيز العلاقات مع باكستان على توازنات القوى الإقليمية، أكد الغرياني أن العكس هو الصحيح، مشيرًا إلى أن الجيش الليبي يمتلك إرادة وطنية مستقلة وقد أثبت قدرته على تحرير مناطق واسعة من التنظيمات الإرهابية، لا سيما في الجنوب الليبي، حيث لا تزال التحديات الأمنية قائمة عقب انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل.

ولفت الغرياني إلى أن توقيع اتفاقيات رسمية مع الجيش الباكستاني في مجال التدريب العسكري يمثل ثمرة مباشرة للزيارات السابقة، مضيفًا أن المجتمع الدولي بات يتعامل فقط مع الجيوش والمؤسسات النظامية، وليس مع التشكيلات المسلحة غير المنضبطة، وهو ما يعزز موقع الجيش الليبي على الساحة الإقليمية والدولية.

وأشار الغرياني إلى أن عملية تطوير الجيش الليبي تشكل محورًا أساسيًا ضمن رؤية 2030، والتي ترتكز على خمس ركائز تشمل: تطوير القوات المسلحة، البنية التحتية للمدن والطرق، ونشر التنمية في جميع المناطق والقرى التي عانت من الإهمال لعقود طويلة.

كما شدد على أن زيارة قائد الجيش الباكستاني تأتي في سياق تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، مؤكدًا أن إسلام أباد تمتلك خبرة عسكرية عالية وقوات قادرة على تنفيذ مهام حساسة على مسافات بعيدة، ما يجعلها شريكًا استراتيجيًا مهمًا للجيش الليبي في المرحلة الراهنة.

وأبرز الغرياني أن العلاقات الدولية المتوازنة للجيش الليبي تمثل خطوة مهمة في تعزيز الأمن الداخلي والتعاون مع القوى الإقليمية والدولية، معتبرًا أن الجيش أصبح عنصر استقرار وحماية للبنية المدنية والسياسية، ويضطلع بدور محوري في دعم الأجهزة الأمنية.

كما أوضح أن التعاون العسكري يشمل تدريب وتطوير القوات المسلحة، مستعرضًا تجربة التعامل الحذر والمسؤول لدول مثل تركيا بعد سنوات من التوتر، والتي باتت اليوم تقدر الدور الوطني للجيش الليبي وتساهم في تعزيز قدراته.

وتطرق الغرياني إلى التحديات التي تواجه الجيش، بما في ذلك التهديدات المرتبطة بالميليشيات والانقسامات الداخلية، مؤكدًا أن التطوير العسكري والمناورات المدعومة من الأفريكوم وزيارات القيادات العسكرية الأجنبية، بما في ذلك طاقم عملية إيريني الأوروبية، تسهم في تعزيز الانضباط العسكري على الأرض.

وبينّ الغرياني أن الجيش الليبي يشهد اليوم تطورًا ملموسًا يمكّنه من استعادة الدور الريادي لليبيا في المنطقة، وحماية الأراضي الليبية واسترداد السيادة خطوة خطوة، بما يعزز الثقة بين المواطنين ويؤسس لمستقبل مستقر وآمن للبلاد.

هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا