نجح باحثون من جامعة يورك البريطانية في توظيف نظام روبوتي متقدم لاكتشاف مرشح دوائي جديد قد يشكل نواة لجيل مختلف من المضادات الحيوية يمنح دفعة جديدة لمواجهة أزمة مقاومة البكتيريا للأدوية، التي تُعد اليوم واحدة من أخطر التحديات الصحية عالمياً.
وأوضحت الدراسة المنشورة في دورية Nature Communications كيف مكّن هذا النظام الآلي الباحثين من تصنيع واختبار مئات المركّبات الكيميائية في وقت قياسي، بدلاً من الاعتماد على الأساليب التقليدية البطيئة.
تشمل الأساليب التقليدية البطيئة لاكتشاف وتطوير المضادات الحيوية سلسلة طويلة ومعقدة من الخطوات المتتابعة، تبدأ بتخليق المركّبات الكيميائية يدوياً واحداً تلو الآخر داخل المختبر، وهي عملية تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب جهداً بشرياً مكثفاً ودقة عالية في كل مرحلة.
يتبع ذلك تنقية كل مركّب على حدة ثم توصيفه كيميائياً باستخدام تقنيات تحليلية مختلفة، قبل الانتقال إلى اختباره بيولوجياً على سلالات بكتيرية محددة، غالباً في تجارب منفصلة وبأعداد محدودة من العينات.
اختبارات السمية
كما تجرى اختبارات السمّية على الخلايا البشرية بشكل تدريجي وبطيء، ما يحد من عدد المركّبات التي يمكن تقييمها خلال فترة زمنية معينة.
وتعتمد هذه الأساليب عادة على جزيئات كربونية تقليدية مع تعديلات طفيفة متكررة في البنية الكيميائية، ما يقلل فرص اكتشاف آليات جديدة للتغلب على مقاومة البكتيريا.
وبسبب غياب الأتمتة والتوازي في العمل فكل خطوة معتمدة على التي تسبقها، بحيث قد يستغرق الانتقال من فكرة أولية إلى تحديد مركّب واعد عدة أشهر أو حتى سنوات، وهو ما لا يتناسب مع تسارع أزمة مقاومة المضادات الحيوية عالمياً.
مضادات حيوية بعد إجراء اختبارات السمّية عليها
لكن بدلاً من تلك الأساليب، اعتمد الفريق البحثي على منصة روبوتية قادرة على تخليق مئات "المعقدات الفلزية" وهي مركّبات كيميائية تتمحور حول ذرة معدن في فترة زمنية قصيرة جداً.
وخلال أسبوع واحد فقط، تمكّن الباحثون من تصنيع أكثر من 700 مركب فلزي معقد، ثم إخضاعها لاختبارات دقيقة لقياس قدرتها على قتل البكتيريا، إلى جانب تقييم سمّيتها المحتملة على الخلايا البشرية السليمة وقد أفضت هذه العملية السريعة إلى تحديد 6 مركبات واعدة، من بينها مركب قائم على معدن الإيريديوم برز بوصفه المرشح الأكثر لفتاً للانتباه.
مؤشر علاجي مرتفع
وأظهر المركب المعتمد على الإيريديوم قدرة عالية على القضاء على البكتيريا، بما في ذلك سلالات قريبة من بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين، وهي من أخطر أنواع البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ولم يظهر المركب سمّية تُذكر تجاه الخلايا البشرية، ما يعني أنه يتمتع بما يُعرف بـ"مؤشر علاجي" مرتفع، وهي سمة أساسية لأي دواء مرشح للاستخدام الآمن والفعال في المستقبل.
تأتي هذه النتائج في وقت يصف فيه الخبراء مقاومة البكتيريا للأدوية بأنها "جائحة صامتة" إذ تشير التقديرات إلى وفاة أكثر من مليون شخص سنوياً بسبب التهابات يمكن الوقاية منها، لكنها أصبحت غير قابلة للعلاج نتيجة فشل المضادات الحيوية الحالية.
مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية
تُعد مقاومة المضادات الحيوية من أخطر التهديدات للصحة العالمية، وتمس الأمن الغذائي والتنمية، وتهدد مكتسبات الطب الحديث.
أي شخص يمكن أن يتأثر بمقاومة المضادات الحيوية بغض النظر عن العمر أو البلد، لأنها مشكلة عالمية عابرة للحدود.
تنشأ المقاومة بشكل طبيعي، لكن إساءة استعمال المضادات الحيوية والإفراط في استخدامها لدى البشر والحيوانات يسرّعان انتشارها بشكل خطير.
العديد من العدوى الشائعة أصبحت صعبة أو مستحيلة العلاج، مثل الالتهاب الرئوي والسل وتسمم الدم والسيلان، بسبب انخفاض فاعلية المضادات المتاحة.
البكتيريا هي التي تطور المقاومة وليس الإنسان أو الحيوان، ما يؤدي إلى التهابات أكثر شدة يصعب علاجها وتستمر لفترات أطول.
مقاومة المضادات الحيوية تزيد من مدة البقاء في المستشفى، وترفع التكاليف الطبية، وتؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفاة.
الشراء العشوائي للمضادات الحيوية دون وصفة طبية، وضعف الالتزام بالإرشادات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من الشرق للأخبار
