تضم القاهرة، عاصمة مصر لأكثر من ألف عام، عددًا كبيرًا من الشوارع والميادين التاريخية التي يعود تاريخها إلى قرون وتعد هذه الأماكن مقصدًا للعديد من السياح، لما تحمله من طابع جمالي وأهمية ثقافية وتاريخية، مما يجعلها من أبرز معالم القاهرة السياحية والتاريخية، ومنها شارع جان فرانسوا شامبليون.
يُعد جان فرانسوا شامبليون واحدًا من أبرز العلماء الفرنسيين الذين غيّروا مسار دراسة الحضارة المصرية القديمة، بعدما نجح في فك رموز اللغة المصرية القديمة مستعينًا بحجر رشيد، الذي اكتُشف أثناء الحملة الفرنسية على مصر، ليكشف الستار عن أسرار ظلت مغلقة لقرون طويلة، ويمهّد الطريق لتأسيس علم المصريات في أعرق جامعات أوروبا.
منذ بداياته، أبدى شامبليون شغفًا واضحًا بالتاريخ واللغات، فدرس اللغات الشرقية والقبطية على يد كبار علماء عصره، وهو ما منحه أدوات علمية نادرة مكّنته من التعمق في النصوص المصرية القديمة. عمل فترة في تدريس التاريخ، ثم انتقل إلى باريس حيث تولّى منصب أول أمين للمجموعة المصرية بمتحف اللوفر، كما شغل وظيفة أستاذ كرسي الآثار المصرية في «الكوليج دي فرانس»، إلى جانب وضعه معجمًا في اللغة القبطية، الذي شكّل مرجعًا مهمًا للباحثين.
لم يكن إنجاز شامبليون في فك رموز اللغة المصرية القديمة عام 1822 وليد الصدفة أو جهدًا عابرًا، بل جاء نتيجة سنوات طويلة من البحث المضني والصبر العلمي. فقد استطاع أن يجمع الخيوط الأولى التي تركها علماء سبقوه، ويحوّلها إلى كشف علمي هائل أثبت أن الهيروغليفية نظام كتابي يجمع بين الرموز الصوتية والدلالية.
ولم يتوقف جهد شامبليون عند حدود الدراسة النظرية، بل سافر إلى مصر ليواصل أبحاثه ميدانيًا، حيث أقام فيها نحو عام ونصف، أجرى خلالها مسحًا منهجيًا للنقوش والكتابات على المعابد والمقابر، وسجّل مشاهداته في كتابه الشهير «آثار مصر وبلاد النوبة». وبعد عودته إلى باريس، تفرغ لوضع كتاب قواعد اللغة المصرية القديمة، الذي أتمه قبل وفاته عام 1832، ليبقى اسمه محفورًا في تاريخ العلم بوصفه مؤسس علم المصريات وأحد أعظم مفاتيح فهم الحضارة الفرعونية.
هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال
