يؤكد سياسي جزائري لـ"" أن مشروع قانون "تجريم الاستعمار" يستند إلى مبدأ المساءلة كشرط لتحقيق مصالحة حقيقية. ويوضح أن السعي إلى دفع فرنسا للاعتراف بـ"جرائمها الاستعمارية" وفق تعبيره، لا يهدف إلى استهداف باريس وإنما إلى معالجة آثار ماضٍ لم يُحسم بعد. في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية واحدة من أشد أزماتها التاريخية، يعود إلى الواجهة مشروع قانون يهدف إلى تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر. ويُحوِّل مشروع القانون، المطالبَ الجزائريةَ المتكررة بضرورة اعتراف فرنسا بـ"جرائمها الاستعمارية في البلاد وتحقيق العدالة التاريخية"، إلى إطار قانوني رسمي مطروح للتصويت داخل البرلمان الجزائري.
ومع غرق العلاقات بين البلدين في واحدة من أعقد فصولها، يبدو أن الجزائر قررت هذه المرة تحويل "الذاكرة" من مادة للنقاش الثقافي إلى نص تشريعي ملزم.
من "التمجيد" إلى "التجريم" تعود جذور المعركة القانونية إلى عام 2006، حين طُرح المشروع لأول مرة ردًا على قانون البرلمان الفرنسي لعام 2005، الذي نص على تدريس "الدور الإيجابي" للاستعمار.
وأكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، أن الوقت قد حان لتجريم الاستعمار، واصفًا الخطوة بأنها: "ليست خيارًا، بل واجب وطني وأخلاقي تجاه الشهداء والتاريخ، في ظل هجمات تهدف لتشويه صورة الجزائر" وفق تعبيره.
وعلى امتداد سنوات طويلة، ظلّت العلاقات الجزائرية الفرنسية رهينة مدٍّ وجزرٍ، تتراوح بين محاولات التقارب الحذر والانزلاق المتكرر نحو التجاذب السياسي والدبلوماسي. غير أن هذا التوازن الهشّ سرعان ما انهار مع عودة التوترات إلى الواجهة. وكان آخر تصعيد في صيف 2024، عندما أعلنت باريس اعترافها بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، ما اعتبرته الجزائر مساسًا مباشرًا بثوابت سياستها الخارجية، لكونها داعمًا رئيسيًا لجبهة البوليساريو. وردًا على ذلك، اتخذت الجزائر إجراءات دبلوماسية شملت سحب سفيرها من باريس وإلغاء زيارة كانت مقررة للرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا.
اعلان
وزادت الخلافات المرتبطة بملف اتفاقيات الترحيل والهجرة من تعقيد المشهد، في ظل تبادل الاتهامات بشأن تنفيذ الالتزامات الثنائية واحترام السيادة الوطنية. ومع تراكم هذه الملفات الخلافية، عاد ملف الذاكرة ليطفو بقوة على السطح، بوصفه أحد أكثر القضايا حساسية وتأثيرًا في العلاقات بين البلدين، إذ لا يزال شبح الماضي يُلقي بظلاله الثقيلة على الحاضر.
"تسوية الماضي لبناء المستقبل" يقول المختص في الشؤون المغاربية نزار مقني في تصريح سابق لـ"" إنه حين وُقّعت اتفاقيات إيفيان التي أنهت رسميا الاستعمار الفرنسي في مارس/آذار 1962، خُيّل للجزائريين والفرنسيين أنّ صفحة جديدة قد فُتحت، غير أنّ تلك الصفحة ظلّت محمّلة ببقايا الماضي، وظلت العلاقة بين الجزائر وفرنسا محكومة بفترة استعمارية معقدة.
وفي قراءة تحليلية، يربط السياسي الجزائري عبد الرحمن صالح، في تصريح لـ""، بين البعد القانوني لمشروع تجريم الاستعمار والرهان السياسي الأوسع المرتبط بإدارة الذاكرة التاريخية بين الجزائر وفرنسا. ووفقا للمتحدث، لا يمكن فهم عودة المشروع إلى الواجهة بمعزل عن مسار طويل من المبادرات التشريعية التي بدأت منذ سنة 2009، ولم تكن يومًا خطوة معزولة أو رد فعل ظرفي.
ويشير صالح أثناء حديثه، إلى أن النقاش لا يدور حول سنّ قانون جديد فحسب، بل حول تصحيح خلل قائم في التعاطي مع التاريخ، في ظل وجود قانون فرنسي مقابل يُعرف بـ"قانون تمجيد الاستعمار"، ما خلق "حالة من عدم التوازن في الذاكرة الرسمية بين البلدين". ويؤكد أن المشروع الجزائري الحالي يهدف بالأساس إلى تحصين الذاكرة الوطنية قانونيًا، وتجريم كل أشكال الإشادة أو التبرير للأفعال التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الجزائر.
ويشدّد صالح على أن الاعتراف القانوني المقترح "لا يختزل الفترة الممتدة بين 1830 و1962 في مجرد احتلال عسكري، بل يسعى إلى توصيفها.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة يورونيوز
