أكد الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة بنك التنمية الأوراسي (EDB) نيكولاي بودجوزوف، أن المخاوف العالمية المرتبطة بارتفاع الديون السيادية لا تنعكس على أوضاع دول آسيا الوسطى، مشيراً إلى أن مستويات الدين في المنطقة لا تزال ضمن النطاق الآمن دولياً.
وأوضح، في لقاء خاص مع «إرم بزنس»، أن نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في دول آسيا الوسطى تتراوح بين 25% و45%، وهي أقل من مستويات الخطر المعتمدة لدى صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى أن كازاخستان تحديداً تحتفظ بنسبة دين تقل عن 30%، إلى جانب وجود صناديق سيادية تعادل نحو 22% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف أن نمو الناتج المحلي في آسيا الوسطى بحدود 6%، يدفع نسب الدين إلى مسار هبوطي، ولا نرى مخاطر وشيكة من هذه الزاوية.
في هذا السياق، أكد بودجوزوف أن بنك التنمية الأوراسي ينتقل عملياً إلى مرحلة جديدة في علاقته مع دول الخليج، عبر إطلاق منصة استثمارية مقرها سوق أبوظبي العالمي (ADGM)، تهدف إلى ربط رؤوس الأموال الخليجية مباشرة بمشاريع البنية التحتية في دول آسيا الوسطى، على أن يبدأ التنفيذ الفعلي بين نهاية 2025 وبداية 2026.
ممر استثماري جديد
أشار بودجوزوف إلى أن البنك يعمل على إنشاء ممر استثماري منظم بين الخليج وآسيا الوسطى، عبر منصات مالية محددة، تتضمن إنشاء صندوق ائتماني مخصص داخل ADGM، يوفر للمستثمرين الخليجيين قناة آمنة ومنظمة لتمويل مشاريع البنية التحتية.
أوضح أن بنك التنمية الأوراسي سيتولى قيادة هذه المنصة عبر إتاحة الوصول إلى مشاريع منتقاة عالية الجودة، وتوفير دعم مؤسسي وحكومي عند الحاجة والاستعداد لمشاركة المخاطر مع المستثمرين.
في سياق متصل، كشف بودجوزوف أن البنك نفذ في عام 2025 أول إصدار سندات له بالدرهم الإماراتي، مؤكداً أن الإقبال القوي من المستثمرين عكس ثقة الأسواق الخليجية في أدوات البنك التمويلية.
وقال: «المستثمر الخليجي بات يمتلك خيارين واضحين: الاستثمار المباشر في مشاريع البنك، أو الدخول عبر السندات، وهو خيار مناسب للعديد من المؤسسات».
تعاون مع الشركات الإماراتية
في ما يتعلق بالتعاون مع الشركات الإماراتية، أكد بودجوزوف في حديثه لـ «إرم بزنس» أن البنك يمتلك خبرة واسعة في مشاريع: الطاقة، المياه، البنية التحتية، الصناعة والأمن الغذائي.
وأشار إلى أن العلاقات مع دولة الإمارات تنمو بسرعة، و«ننظر إليها كشريك رئيسي في التمويل المشترك لمشاريع البنية التحتية الكبرى في آسيا الوسطى».
السعودية: طاقة ومياه
حول السعودية، أوضح بودجوزوف أن هناك مناقشات متقدمة مع مستثمرين ومؤسسات سعودية، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة ومشاريع شح المياه.
وقال: «نناقش مشاريع في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والبنية التحتية للري، ومحطات الطاقة الكهرومائية، إضافة إلى فرص في القطاع اللوجستي والأمن الغذائي».
وأشار إلى أن توجه دول المنطقة نحو تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط والغاز يفتح المجال أمام استثمارات غير تقليدية، مضيفًا: «هذا المسار قد يشكل استراتيجية جذابة للشركات السعودية».
دور بنوك التنمية
تطرق بودجوزوف إلى تراجع الحصة النسبية لبنوك التنمية من الناتج العالمي، موضحاً أن السبب الرئيسي هو أن النمو الاقتصادي العالمي بات أسرع من وتيرة استثمارات هذه البنوك.
أشار إلى أن التحديات تشمل: محدودية زيادات رأس المال، البيروقراطية والاعتماد المفرط على الضمانات السيادية. مضيفاً أن مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) باتت أداة أساسية لتجاوز هذه القيود، في ظل توجه مجموعة العشرين لإصلاح منظومة بنوك التنمية.
النقل واللوجستيات
في ملف الربط اللوجستي، شدد بودجوزوف على أهمية ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، معتبراً أنه قادر على تقليص مسافات الشحن مقارنة بمسارات البحر الأسود.
وأشار إلى أن الطلب على المستودعات الحديثة في آسيا الوسطى قد يصل إلى 20 مليون متر مربع بحلول 2040، أي أكثر من سبعة أضعاف المستوى الحالي، مؤكدًا وجود فرص استثمارية موازية في الخليج.
بحسب بيانات بنك التنمية الأوراسي، ارتفعت الاستثمارات الخليجية في آسيا الوسطى من 16 مليار دولار في النصف الأول من 2024 إلى نحو 23 مليار دولار في النصف الأول من 2025.
ولا تزال الإمارات المستثمر الأكبر بحصة تقارب 70%، تليها السعودية وقطر، فيما تشهد الاستثمارات العُمانية نمواً متدرجاً.
شراكات غير سيادية
في إطار التوسع في المشاريع غير السيادية، أشار بودجوزوف إلى مشروع في قيرغيزستان يركز على إدارة النفايات المستدامة والاقتصاد الدائري، عبر تحويل النفايات إلى موارد اقتصادية ضمن نموذج شراكة بين القطاعين العام والخاص.
ختم بودجوزوف بالتأكيد على أن العلاقات الاقتصادية بين الخليج وآسيا الوسطى «تشهد زخماً متسارعاً، متوقعاً أن يصل حجم التجارة المتبادلة إلى نحو 5 مليارات دولار على المدى المتوسط، مع نمو الاستثمارات بنحو 20% سنوياً.
وقال: «دورنا هو تسهيل هذا التدفق الاستثماري في الاتجاهين، من الخليج إلى آسيا الوسطى، ومن آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط، عبر مشاريع ذات عائد مجزٍ ومخاطر مدروسة».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس
