في مشهد حمل دلالات تتجاوز حدود المستطيل الأخضر، نجحت كرة القدم في إعادة رسم صورة مختلفة للعلاقة بين الشعبين المغربي والجزائري، وذلك خلال أول مباراة يخوضها المنتخب الجزائري على الأراضي المغربية منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في صيف عام 2021.
مواضيع ذات صلة وتوافد آلاف المشجعين الجزائريين، إلى جانب جماهير مغربية، إلى محيط ملعب الأمير مولاي الحسن في الرباط، لمتابعة مواجهة الجزائر والسودان ضمن الدور الأول من كأس أمم إفريقيا 2025، في أجواء سادتها مظاهر الود والتآخي، بعيدا عن التوترات السياسية الممتدة منذ سنوات.
ورغم قرب الملعب من مقر سفارة الجزائر المغلقة في الرباط، تجمعت جماهير من مختلف الأعمار رافعة الأعلام الجزائرية إلى جانب المغربية، مرددة شعارات شهيرة أبرزها "وان، تو، تري، فيفا لالجيري"، بينما ترددت عبارة "خاوة خاوة" على ألسنة مشجعين من البلدين، في تعبير واضح عن وحدة الشعور الشعبي.
طريق طويل لمشاهدة "الخضر" اضطر العديد من المشجعين الجزائريين إلى السفر عبر دول ثالثة، بسبب إغلاق الحدود البرية منذ عام 1994 وإغلاق المجال الجوي أمام الطيران المغربي منذ 2021.
ورغم ذلك، أكد القادمون من مدن جزائرية مختلفة، ومن الجاليات المقيمة في أوروبا، أنهم حظوا باستقبال "دافئ" داخل المغرب، واعتبروا وجودهم بمثابة عودة إلى "بلدهم الثاني".
وسجّل اللقاء أول زخم جماهيري مشترك من هذا النوع في مناسبة رياضية منذ القطيعة الدبلوماسية، في وقت شهدت فيه مواجهات سابقة توترات واضحة، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، كان أبرزها أزمة قمصان نهضة بركان عام 2024، وغياب المغرب عن بطولة أمم إفريقيا للمحليين بالجزائر عام 2023.
ورغم حالة الاستقطاب الحادة التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي بين أنصار الطرفين، عبّر مشجعون جزائريون ومغاربة عن قناعة راسخة بأن الواقع الشعبي يختلف تماما عن الخطاب المتداول رقميا، مؤكدين أن الروابط الإنسانية والتاريخية لا تزال أقوى من الخلافات السياسية.
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
