رائحة الكسل #مقالات

مادة إعلانيـــة الكسل هو ترك الشيء مع القدرة على فعله كما يقال، لهذا كان العرب يستعيذون منه، ويُرشدون من يسأل الناسَ إلى العمل ولو بالاحتطاب، فمن الروايات أنَّ رجلًا جاء إلى أحد العرب فسأله مالًا، فقال العربي: ماذا تملك؟ فسمّى السائلُ شيئًا، فقال له العربي: جئني به، فلما جاء به باعه العربي بدرهمين، وأمر السائلَ أن يُصلح شأنَه بدرهم، وبالدرهم الآخر يشتري فأسًا فيحتطب به ويبيع. وربما كان جوهر الحكاية أن تكون الثمار مرئية للناس، أن يكون المال بسبب محسوس، واللافت للانتباه أنَّ العرب الأوائل فهموا الإسلام بهذا المعنى، أي أنَّ العمل هو جوهر الإسلام ونقيضه تمامًا الكسل، أما العربُ الذين تلوا الأوائلَ مباشرة فبعد أن تقاتلوا على الحكم، شقّوا مفهومَ الدين وأدخَلوا فيه شيئًا من الكسل/ترك العمل مع القدرة عليه، فالعرب لم تعرف المذاهب إلا بعد هذا القتال، ومن هذه المذاهب ما سُمي بالإرجاء، أي إرجاء البتّ في أمر عثمان وعلي، وتطور هذا المفهوم ليكون إرجاء العمل والاكتفاء بالإيمان القلبي وهذا نوع من الكسل، أي أن تقول إني مؤمنٌ لكن دون دليل محسوس عملي يراه الناس، فتكون كأنَّك ذلك السائل الذي جاء للعربي يريد أن يملك مالًا دون سبب عملي، وهذا ما سينقلنا إلى رؤية المجتمع التي صنفت الأعمال إلى صالح وطالح، وعلى أنَّ الطالح لا قيمة له لأن الزمن سينساه والتاريخ سيُبطله، لهذا يُسمَّى الذي لا يعمل في دورةِ التاريخ المُنتَقى عاطلًا ولو كان يعمل مئة عمل.

في عام 1904 كتبَ هرمان هسّة مقالة عنوانها (عن فن الكسل)، أراد أن يقول فيها -مما قال- أنَّ الكسل هو مقاومة ماكينة التفكير الحديثة، تلك الماكينة التي لا تترك للروح فسحةً لتتسكّع، وربما كان هسّة ينتصر للمرجئة الذين أرادوا أن يُحرروا الروح من قيدِ العمل الإلزامي في داخل دورة اقتصادية دينية ينتقيها المجتمع، ويُحرروا الوعيَ من ذروةِ الانشغالات ويجعلوه يسبح في ملكوتِ اللحظات التي تبدو للناسِ بلا فائدة. سنلاحظ أنَّ الكسلَ -هنا- تَحرَّر من أن يكون نقيض العمل، لهذا هو غير واضح تمامًا عند عُبّاد العمل الحديث، الذين سيسألون: ما معنى الكسل إن لم يكن يُعرف بترك العمل المنتج في الدورة الاقتصادية الاجتماعية؟ وهذا ما أربك كسلاء العالم الذين يشتغلون في الظاهر على لا شيء ثم يُفاجئون الناسَ بشيء يُربكهم، كألف ليلة وليلة حين لم يره المجتمع إلا عملا طالحا لكنه أربك عدادات الزمن، ومع كل هذا ظلت الليالي مسارًا خارج اللعبة الاقتصادية المباشرة، تلك التي تصنع أثرها سريعًا، ومن هنا كان العمل الذي ينتمي للكسل مفتقرًا إلى أن يكون داخل الخط الإنتاجي وخارجه في الآن نفسه، وهو عمل الــ (انترلود) ذلك الذي يقع بين حدثين، ومثاله للتقريب.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ 5 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 43 دقيقة
منذ 4 ساعات
اليوم - السعودية منذ 3 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 12 ساعة
صحيفة سبق منذ 3 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 6 ساعات
صحيفة عكاظ منذ ساعتين
صحيفة سبق منذ 12 ساعة
صحيفة عكاظ منذ 6 ساعات
صحيفة عكاظ منذ 10 ساعات