حصيلة سيـر النيابة العامة وتنفيذ السياسة الجنائية برسم سنة 2024

تمكنت النيابات العامة من تصفية ما مجموعه 497.052 شكاية، خلال سنة 2024، أي بما يفوق عدد الشكايات المسجلة خلال السنة نفسها (481.145 شكاية)، محققة بذلك نسبة إنجاز بلغت 88% من الرائج وحوالي 104% من المسجل.

و انعكس هذا المجهود، وفق التقرير التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة برسم سنة 2024 الذي قدمه الوكيـل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيـابة العامة، هشام بلاوي، حـول سيـر النيابة العامة وتنفيذ السياسة الجنائية برسم سنة 2024 أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية، (انعكس) على تقليص حجم المخلف، الذي تراجع من 82.558 شكاية سنة 2023 إلى 66.651 شكاية سنة 2024.

وبخصوص الأشخاص المقدمين أمام النيابة العامة للاشتباه في ارتكابهم جرائم، فقد بلغ عددهم 664.637 مقدما، منهم 632.855 تم تقديمهم أمام النيابات العامة لدى المحاكم الابتدائية و31.782 أمام النيابات العامة لدى محاكم الاستئناف.

وقد تقرر متابعة 94.293 متهما في حالة اعتقال، أي بنسبة 14.19% من مجموع المقدمين، وهو ما يمثل انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالسنوات السابقة. وتجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة أمرت باعتقال 77.148 متهما، فيما اعتقل قضاة التحقيق 17.145 شخصاً، مما يجعل نسبة الاعتقال المباشر الصادر عن النيابة العامة في حدود 11.61% فقط.

على مستوى التصدي للانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان، أبانت النيابات العامة عن سرعة استجابتها لكل ادعاء يرتبط بسوء المعاملة أثناء إنفاذ القانون.

وهكذا سُجلت 150 شكاية تتعلق بادعاء العنف، و7 شكايات تتعلق بادعاء التعذيب. وقد أمرت النيابات العامة بإنجاز 379 فحصاً طبياً ترسيخاً للشفافية وضماناً للموضوعية في الأبحاث والتحريات المأمور بها.

ولم يقف الأمر عند حدود التتبع اللاحق، بل امتد إلى الوقاية الاستباقية عبر انتظام زيارات أماكن الحرمان من الحرية، حيث أنجز قضاة النيابة العامة 22.375 زيارة لأماكن الوضع تحت الحراسة النظرية، و1.116 زيارة للمؤسسات السجنية، و186 زيارة لمؤسسات علاج الأمراض العقلية والنفسية، وهي نسب تجاوزت السقف المفروض قانوناً بما يعكس،وفق التقرير، حرصاً مضاعفاً لدى النيابات العامة على الوفاء بما يفرضه القانون في هذا الإطار.

أما في مجال حماية الحقوق والحريات، فقد واصلت رئاسة النيابة العامة تكريس مقاربة شمولية لترشيد الاعتقال الاحتياطي، تقوم على تعزيز آليات الرصد والتتبع الإحصائي، وضبط مدى مطابقة أوامر الإيداع الصادرة عن النيابات العامة للمقتضيات القانونية، فضلاً عن تفعيل قنوات التنسيق المؤسساتي على المستويين المركزي والجهوي.

وقد أسفرت هذه الجهود خلال سنة 2024 عن تحقيق أدنى نسب للاعتقال الاحتياطي خلال العقد الأخير، إذ لم تتجاوز 31,79% من مجموع الساكنة السجنية البالغ عددها 105.094 نزيلاً عند متم دجنبر 2024.

وفي إطار جهودها الرامية إلى حماية الفئات الخاصة، عرفت قضايا العنف ضد النساء تراجعاً ملحوظاً خلال سنة 2024، إذ استقرت عند 26.884 قضية بعدما كانت قد بلغت 29.950 قضية خلال سنة 2023. وفي المقابل، ارتفعت قضايا العنف ضد الأطفال إلى 9.618 قضية، توبع فيها 10.169 شخصاً، فيما بلغ عدد الضحايا 9.948 طفلاً، وهو ما استدعى تفعيل التدابير البديلة وتكثيف إجراءات الحماية المقررة لفائدة هذه الفئة. كما شهدت قضايا الاتجار بالبشر تطوراً ملحوظا، مسجلة 155 قضية، في مؤشر بارز على اليقظة الخاصة التي أبدتها النيابات العامة في مواجهة هذا النوع الخطير من الجريمة وضمان الحماية الفعلية لضحاياه، انسجاماً مع الالتزامات الوطنية والدولية لبلادنا.

وعلى مستوى تخليق الحياة العامة وحماية المال العام، واصلت رئاسة النيابة العامة تفعيل آلية الخط المباشر للتبليغ عن جرائم الرشوة والفساد المالي، حيث بلغ مجموع المكالمات الواردة عليه خلال سنة 2024 ما مجموعه 8.967 مكالمة، أسفرت عن ضبط 61 حالة تلبس أُحيلت على الهيئات القضائية المختصة.

وقد ترتب عن هذه القضايا صدور أحكام بالإدانة تضمنت عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية، بما يكرّس جدية هذه الآلية ويعزز ثقة المواطنين في فعاليتها. وفي مجال الجرائم المالية، سجلت القضايا الرائجة أمام الأقسام المختصة خلال سنة 2024 تراجعاً نسبياً، إذ بلغت 874 قضية مقابل 948 في السنة السابقة، فيما استقرت قضايا غسل الأموال عند 801 قضية. وقد صدر 289 حكماً خلال هذه السنة، قضت النسبة الغالبة منها (85%) بالإدانة.

أما على مستوى التصدي للجريمة وحماية الأمن والنظام العام، فقد سُجلت مؤشرات متباينة، مع ميل إلى الاستقرار في القضايا الإرهابية، حيث توبع 96 شخصاً في إطار 116 قضية. كما سُجلت 85.806 قضية مرتبطة بالأمن والنظام العام توبع فيها 96.257 شخصاً، و169.679 قضية ضد الأشخاص توبع في إطارها 205.816 شخصاً، و71.317 قضية ضد الأموال توبع بشأنها 83.675 شخصاً، إلى جانب 24.053 قضية تتعلق بالجرائم الماسة بنظام الأسرة والأخلاق العامة، و10.372 قضية تتعلق بجرائم التزوير والتزييف والانتحال. وهي أرقام تجسد يقظة النيابات العامة في مواجهة مختلف صور وأنماط الجريمة.

وإجمالاً، فإن الحصيلة المسجلة برسم سنة 2024 وفق التقرير، تؤشر على مسار إيجابي في تنفيذ السياسة الجنائية، مسار يصبو إلى الارتقاء بعمل النيابة العامة إلى مستوى نوعي، قائم على ترسيخ الضمانات الحقوقية، وترشيد التدابير المقيِّدة للحرية، وتعزيز حماية الفئات الهشة، وتحصين المال العام، والتصدي لمختلف صور الجريمة.

في السياق، وفي ما يتعلق بالموارد البشرية، بلغ عدد قضاة النيابة العامة العاملين بمحاكم المملكة في متم سنة 2024 ما مجموعه 1223 قاضياً وقاضية، بزيادة نسبتها 12.5% مقارنة بسنة 2023، حيث لم يتجاوز العدد آنذاك 1087 قاضياً. وقد توزع هؤلاء القضاة بين 57 قاضيا بمحكمة النقض و311 قاضيا بمحاكم الاستئناف و729 قاضيا بالمحاكم الابتدائية و31 قاضيا بالمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية. ورغم هذا التطور العددي، فإن المعدل الوطني لقضاة النيابة العامة لم يتجاوز 3 قضاة لكل 100.000 نسمة، وهو معدل يبقى ضعيفاً بالمقارنة مع نظيره الأوروبي الذي يفوق 11 ممثلاً للنيابة العامة لكل 100.000 نسمة.

وانتهى التقرير السنوي إلى إصدار توصيات عملية تهم الموارد البشرية، واللوجستيكية والتقنية، وأخرى تخص تنفيذ السياسة الجنائية.

فعلى مستوى الموارد البشرية، أبرزت المعطيات المسجلة خلال 2024 الحاجة الملحّة إلى تعزيز الموارد البشرية واللوجيستيكية بالمحاكم، وفي مقدمتها الرفع من عدد قضاة النيابة العامة وسد الخصاص المقدر بحوالي 800 قاض، ذلك أنّ الزيادة النسبية التي تحققت خلال هذه السنة تبقى غير كافية أمام حجم المهام المتنامي لا سيما في ضوء التعديلات التشريعية الأخيرة، وبعد اعتماد قانون العقوبات البديلة، وفي الأفق القريب سيتم اعتماد أحكام القانون رقم 03.23 المعدل والمتمم لقانون المسطرة الجنائية بعد استكمال المسطرة التشريعية.

كما يظل من الضروري تمكين النيابات العامة من العدد الكافي من الأطر والموظفين، مع إيلاء الأولوية لتوظيف المساعدين الاجتماعيين بحكم أدوارهم الجديدة في تنفيذ العقوبات البديلة، فضلاً عن توفير موظفين متخصصين في المجالين الإحصائي والمعلوماتي. وتؤكد الحصيلة كذلك على ضرورة تعزيز المحاكم الابتدائية بعدد كاف من قضاة تطبيق العقوبات وتمكينهم من التخصص لمواكبة المستجدات التشريعية، إلى جانب دعم محاكم الاستئناف بالمستشارين بالنظر إلى التمركز الكبير للمعتقلين الاحتياطيين بها، بما يضمن تدبيراً أمثل لقضاياهم.

وعلى مستوى الموارد اللوجستيكية والتقنية، فقد كشفت معطيات سنة 2024 عن الحاجة الملحّة إلى مواصلة تطوير البنية التحتية وآليات العمل بما يعزز نجاعة النيابات العامة وجودة خدماتها، وذلك عبر تحديث النظم المعلوماتية المرتبطة بعملها ولاسيما نظام SAJ2 ليشمل جميع مراحل الإجراءات والقرارات القضائية، بما في ذلك قضايا الأحداث والتحقيق الإعدادي والتنفيذ الزجري والمراسلات الإدارية.

كما يقتضي الأمر تهيئة المحاكم بما يضمن فضاءات استقبال ملائمة للمشتكين والمرتفقين، وتوفير الربط المعلوماتي مع جميع المحاكم، وكذا مع الإدارات والشركاء الاستراتيجيين وفي مقدمتهم الشرطة القضائية، بما يسمح بإنجاز الأبحاث وإحالة المحاضر بشكل إلكتروني وآمن.

وفي السياق نفسه، يبرز مطلب تطوير لوحات قيادة ذكية تمكّن من التتبع الآني لوضعية الاعتقال الاحتياطي والمحاضر والشكايات، وتتيح المراجعة الآلية لبرقيات البحث.

أما على مستوى تنفيذ السياسة الجنائية، فقد كشفت معطيات سنة 2024 عن الحاجة الملحة إلى الإسراع باعتماد مشروع القانون الجنائي في صياغة جديدة تستجيب للمستجدات الاجتماعية والاقتصادية، وتتجاوز الصعوبات التي أبانت عنها الممارسة القضائية في ظل النص الحالي. كما يظل من الضروري اعتماد النصوص القانونية الكفيلة بتيسير تبليغ أطراف الدعوى العمومية بطريقة إلكترونية، مع إبراز الإجراءات العملية والآثار المترتبة عنها، والتعجيل بإصدار النصوص المؤطرة لإصلاح المهن القانونية والقضائية وتوحيد مساطرها التأديبية.

ويُضاف إلى ذلك اعتماد نظام الأبوستيل الإلكتروني عن بعد بما يتيح تصديق الوثائق العمومية عبر منصة رقمية مؤمنة، وتطوير النصوص المنظمة لمراكز حماية الطفولة بما يضمن بنيات استقبال وإيواء ملائمة، وتوفير الإطار التنظيمي اللازم لتمكين النيابات العامة من تفعيل مقتضيات الفصل الثامن من ظهير 21 ماي 1974 بشأن إيداع المدمنين على المخدرات في مؤسسات العلاج. كما تبرز الحاجة إلى إحداث بنيات مؤسساتية لتنفيذ تدابير الحماية المقررة لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر والنساء والأطفال ضحايا الجرائم، وإلى وضع إطار قانوني واضح للتعامل بالعملات المشفرة يحدد الممارسات غير المشروعة وطرق الحجز والمصادرة.

وتؤكد الحصيلة كذلك على ضرورة الرفع من عدد الأطباء المتخصصين في الطب الشرعي بما يكفل التوزيع المتكافئ لتغطية الخصاص القائم، وكذا تعديل الإطار القانوني لتوسيع دائرة المستفيدين من الحق في التغذية ليشمل المقدمين أمام النيابات العامة في حالة انتظار الاستدعاء أو الإحالة الفورية على الجلسة وهم في حالة اعتقال.


هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من جريدة كفى

منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ ساعتين
وكالة الأنباء المغربية منذ 3 ساعات
هسبريس منذ 12 ساعة
وكالة الأنباء المغربية منذ 4 ساعات
هسبريس منذ ساعتين
وكالة الأنباء المغربية منذ 3 ساعات
هسبريس منذ 4 ساعات
جريدة كفى منذ 5 ساعات
هسبريس منذ ساعتين