هؤلاء القوم يترصدون لكل صغيرة أو كبيرة من المناسبات والأحداث الوطنية الحبلى بالإنجازات والمكاسب ويضبطون ساعاتهم مع تزامنها وتوقيتها لتلك الأحداث ليخرجوا في خرجات مشبوهة للتشويش عليها وكأن ذلك الذي يحدث من تميز يحسب للمغرب قد يغيظهم ويبعثر أوراقهم وأجندتهم المناوئة لكل ما فيه خير هذا البلد الذي أجمع الكل على الاعتراف به، باستثناء ذوي النفوس المريضة والعقول المستلبة-
ونحن هنا لا نفتري على قوم عودنا على خرجاته يحسبها بحساباته السياسوية المليئة بالضغينة والكراهية- ولنا من أمثلتهم ما يؤكد وجود تقاطعات في مواقفهم وخرجاتهم- فليس من باب الصدفة أن يتهجموا على رؤساء دول وازنة تقف إلى جانب المغرب على غرار ما خرجوا به من انتقادات للرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون مباشرة بعد خطاب له أمام البرلمان المغربي اعترف فيه بمغربية الصحراء- وانبرى بعض القياديين من حملة الكوفية بالتهجم عليه كونه لم يشر إلى الاعتراف باستقلال فسطين- وكأن الاعتراف بمغربية الصحراء لا معنى له ما لم يعترف الرئيس الفرنسي بدولة فلسطين-
وكذلك فعلوا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هاجموه في ذروة مواقفه المؤيدة لقضيتنا الوطنية- وقالوا عنه أنه يريد أن يحكم العالم بعقلية رعاة البقر لا لشيء سوى أنه أبدى تعاطفه مع المغرب ولأن ذلك لم يعجبهم ذهبوا في اتجاه التشويش على تلك المواقف من خلال استعداء ترامب في مواقفه المتعلقة بمجريات الحرب في قطاع غزة-
وزاد غيظهم المتدفق من كل ما هو مغربي بعد أن صدم دونالد ترامب هؤلاء القوم وغيرهم بشرعنة مغربية الصحراء من خلال قرار مجلس الأمن 2797- وفي أعقاب ذلك القرار التاريخي انكمش الكوفيون وكأن الطير على رؤوسهم- لم يخرجوا للترحيب بذلك القرار وقد كان صمتهم كاشفا وواضحا وخير معبر عن مشاعر المؤامرة ضد الوطن-
ما يحزنهم كثيرا هو كل حدث يرفع من شأن المغرب في المحافل الدولية ويعطي قيمة مضافة لهذا البلد- ففي الأحداث المتكالبةعلى المغرب والتي عرفت بمظاهرات جيل زيد ، حاول الكوفيون وغيرهم من اليساريين والقومجيين الركوب على تلك الموجة لقضاء مآربهم وتصفية حساباتهم مع الوطن ورأوا في ذلك فرصة للانقضاض وكشفوا عن أنيابهم للافتراس من جسد المغرب- لكنهم عادوا بخفي حنين وقد فعلت فيهم كرة القدم أكثر مما فعله الرئيسان الأمريكي والفرنسي وانقلبت الاحتجاجات إلى احتفالات بعد أن أدخلت كأس العالم للشباب الفرحة إلى قلوب جميع المغاربة إلا الكوفيين الذين دمرتهم تلك الكأس-
بالأمس القريب، عاد أسود الأطلس بكأس أخرى قيل عنها بأنها كأس العرب- فازوا بها عن جدارة واستحقاق وغصبا على الذين كرهوا أن يروا منتخبنا ولو في الأدوار المتقدمة لكن الأسود لا تكثر اللغط مثل الكوفيين عندنا وأسيادهم هنالك، بل ردها يكون على أرضية الملعب- وقد حملوا الكأس معهم واكتملت البهجة وساء سبيل من كان يستخف بكرة القدم في المغرب-
ولم يتوقف مسلسل الانتصارات عند هذا الحد- فالمغرب قد انتصر قبل أن تبدأ البطولة الإفريقية لكرة القدم- هذه البطولة شدت أنظار العالم لأنها تنظم في مملكة التحديات والمعجزات- وكان أول تحدي الذي نال إعجاب الأصدقاء وصدم أعداء المغرب في الداخل، بينما أعداؤه في الخارج وقفوا على حقيقة واحدة وهي أنهم كانوا ضحية إعلام مفبرك- فما روجوه عن الملاعب المغربية بأنها فوطو شوب رأت شعوبهم اليوم على أن المستحيل ليس مغربيا- ومنهم من راهن على غضب الطبيعة لإفساد هذا العرس الرياضي تبين لهم بفضل الله أن العبقرية المغربية لا حدود لها-ومني بخيبة الأمل أعداء الوطن كما هي الخيبة ذاتها تفاقمت عند بعض الجوار، وخاصة تلك الانطباعات التي حملها وسيحملها مشجعوهم بعد انتهاء البطولة وعودتهم إلى أوطانهم- وقد استوقفتني شهادة لمشجعة تونسية بعد أن انبهرت بجمالية المغرب وتقدمه، ودعت المغاربة أجمعين إلى الحفاظ على بلدهم- وبكل تأكيد هذه المشجعة التونسية تتحدث بحرقة وهي تذرف الدموع عن الوضع الذي آلت إليه تونس قاسم الشابي- إنها رسالة موجهة بالدرجة الأولى إلى من طوق عنقه بكوفية الآخرين، وتناسى العمامة الأمازيغية
الشهادات التي سيحملها أولئك المشجعون إلى بلدانهم كافية للرد على المشككين- لكن المشوشين عندنا لهم هاجسهم وحكاياتأخرى- خرجوا كعادتهم ليشوشوا على هذا العرس الإفريقي وهم متأكدون أنه سيكون مبهرا للعالم- وهذه هي معضلتهم- وبالفعل خرجوا وهم ليسوا بعيدين عن المعلمة الكروية في عروس الشمال بطنجة فساء سبيلهم أيضا بعد أن حل بهم الظلام وأشاع نور الحفل الافتتاحي بالرباط كل بقعة من بقاع العالم
حفل غير مسبوق في تاريخ الاحتفالات الافتتاحية لكرة القدم- حفل تضمن رسائل في أبعادها الإنسانية والحضارية واجتمعت فيه كل التكنولوجيا لخدمة العراقة وخدمة تاريخ الشعوب الإفريقية بكل أصنافها وأجناسها- لم يكن حفلا رياضيا فقط بل إشعاعا للقارة الإفريقية على أرضية مملكة ضاربة في القدم- استهل بالموال الأمازيغي المعروف باسم تموايت تاريخ يعود بنا إلى ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين قرنا- حاول البعض منا أن يتنكر لهذا التاريخ بالتكالب في تنزيل ألأمازيغية كلغة رسمية في دستور المملكة، لكن القائمين على الحفل أحسنوا اختيار هذا الموال الأمازيغي لإعادة الاعتبار للهوية المغربية والتي تلعب فيها المرأة الأمازيغية الدور الريادي، وهو ما سيكون موضوع مقالنا في قادم الأيام- وإن عاد الكوفيون وغيرهم فإننا نبشرهم بأننا نحن هنا للكشف عن خبثهم وخيانتهم
هذا المحتوى مقدم من موقع بالواضح
