المرأة العراقية في رواية "يمامة بغداد" لشلال عنوز بين الوفاء والإدانة

روايةُ يمامة بغداد هي الرواية الثانية التي أصدرها الأديب العراقي شلال عنوز, بعد روايته الأولى ( وكر السلمان), ثَمَّةَ ثيمة تشترك بهما الروايتين, وهي ثيمة الجريمة, ففي الرواية الأولى كانت الجريمة هي الثيمة المركزية ومسرحها هو مكان نقرة السلمان, الذي وضع مفردة الوكر لدلالة سيميائية تتعلق بطريقة الجريمة التي نُفِذّت هناك, وفي هذه الرواية, تجلّت الجريمة بصورة مضمرة, فهي جاءت كثيمة مخفية لكنها مركزية, والثيمة المركزية أو الشخصية المركزية , تعرف بمركزيتها من حيث أهميتها, إذ لوْ تخلخل المركزية لاحترقت الرواية, وهنا تعتبر هذه ميزة تُضاف إلى مهارة السرد عند الكاتب, فأنت إنْ أسقطت شخصية حنان, أو ثائر, أو سامر, لاختل التوازن في الرواية وربما احترقت, وحين تحذف الجريمة الفردية التي حصلت, لتغيرت أحداث الرواية كلّها, فهذه المركزية هي سمة الرواية التي نقرأها.

يُقدمُ الروائي شلال عنوز في هذه الرواية المرأة على أعلى قيمة من قيم الإنسانية, ففي روايته الأولى أعطها النقاء والإيثار, وفي هذه الرواية أعطاها الوفاء والإدانة, إذ جعل المرأة تُدين الحرب والجريمة, وفي الوقت ذاته, تُقدمُ صورةً عيمة من صور الوفاء الإنساني الذي قدّمته المرأة العراقيّة على وجه التحديد.

ثيمة الوفاء, تجلت في وفاء الزوجة لزوجها, وفي التبني الإنساني الذي قامت به, حتَّى أوصلت الطفل الذي أخذته من مرآب السيارات ليكون طبيبًا, هذه المرأة الأصيلة, تجلّت عظمتها في طبيعة نفسها منذ أيام الجامعة حين كانت تعيش قصة حبٍّ عذريٍ بريءٍ, هذا الحبُّ الذي تحوّل إلى رباطٍ مقدسٍ, كان يتنازع حبّها شخصان, ثائر وسامر, كانت تحبّ ثائر, وعاشت معه قصة حبّها التي تسمى حبّ العمر, والشريك المناسب للقلب والروح, ولكنّ نار الغيرة التهمت شخصية سامر, والغيرة سببُ الجريمة النكراء التي حصلت, الطريقة الرائعة التي سردَ لنا من خلالها الكاتب الجريمة, تُشيرُ إلى قُدرتهِ في صناعةِ الحكاية وسردها بالطريقة التي لا تفقد الإثارة والتشويق, لأنَّ أهم ما ينبغي في الحكي, أنْ يحافظَ على ميزة التشويق لأنَّ المتلقي سيملّ وينفر من القراءة أو السماع, فينبغي أنْ تكون هنالك عوامل تجعله على تواصل إيجابيّ مع النصّ, وهذا ما حصل في طريقة سرد الرواية, فهذه الرواية, قام البناء الفني فيها على تقنية السرد الدائري, الذي يكون أشبّه بالحلقة التي لها نهاية وبداية لتنغلق, وأجدُ أنَّها تقنية صعبة, لأنَّك حتَّى تُحافظ على مسار الحلقة ينبغي إلَّا تخرج عن مسار السلسلة الذي يؤدي إلى الربط مع الحلقة الأخيرة تنغلق بالنهاية وتكتمل الصورة, وهذا ما كان في رواية يمامة بغداد, إذ بدأها في المقبرة وانتهت في المقبرة, بدأت في النتيجة وانتهت في السبب الذي قاد إلى النتيجة, وهنا تقنية بديعة, لأنَّ المقبرة هي المكان الذي بدأ منه مسرح الأحداث, وأخذ بعدها عبر تقنية الاسترجاع يمارسُ السرد, هذا كسرٌ لنمطية البناء الذي نقرأهُ في الروايات, فالمغايرةُ والتجديد يجعل من الأعمالِ مشوّقة ونقبل عليها ونحن نطمح بأنْ نقيمَ علاقة إيجابيّة معها, هذا يعودُ إلى الإبداع والصنعة, فالإبداعُ لا يكتفي من دون صنعة ترسمه بالطريقة الأجمل, الإبداعُ جوهرٌ والصنعة شكلٌ, أو الإبداع طبقٌ والصنعة الإناء الذي يُقدمُ به الطبق, فكلاهما ضروريان لتكتمل جمالية الصورة التي يخرج بها العمل الأدبي كاملًا.

السردُ الدائريُ, بدأ من رجوعِ حنان المرأة العراقية الوفيّة, وهي تزورُ قبر زوجها في مقبرة وادي السلام في مدينة النجف العراقية, وحينَ قفلت راجعة إلى بغداد, ( تعلق بجلبابها المثقل بالسواد طفل تجاوز الثانية من عمره..الرواية: 12), أخذت هذا الطفل معها إلى بيتها في بغداد, وبدأت الحكاية, الرواية ترمزُ وتشيرُ إلى تاريخ أحداثها عبر استداعها للحرب التي حصلت والدمار الكبير الذي أصاب الشعب العراقي في فترة 1990 وما بعدها, لتكون الأحداث تتراوح بين هذا التاريخ, وتحكي الرواية عن ثيمة الحرب.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من وكالة الحدث العراقية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من وكالة الحدث العراقية

منذ 12 ساعة
منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ ساعتين
قناة الرابعة منذ ساعة
قناة السومرية منذ 8 ساعات
قناة السومرية منذ 20 ساعة
قناة الرابعة منذ 37 دقيقة
عراق أوبزيرڤر منذ 3 ساعات
قناة السومرية منذ 6 ساعات
قناة الرابعة منذ 10 ساعات
قناة السومرية منذ 12 ساعة