الانتخابات بلا قرار: حين تُفرَغ الديمقراطية من مضمونها في العراق

منذ عام 2003، أُعيد تشكيل النظام السياسي العراقي على أسس دستورية وانتخابية كان يُفترض بها أن تؤسس لنظام ديمقراطي تمثيلي، تكون فيه الانتخابات أداة حقيقية لتجسيد الإرادة الشعبية وتحديد من يحكم وكيف يحكم . غير أن التجربة العملية، وبعد أكثر من عقدين، كشفت عن فجوة عميقة بين الشكل الديمقراطي والمضمون الفعلي للعملية السياسية، حيث باتت الانتخابات تُجرى بانتظام، لكن من دون أن تُفضي إلى سلطة تنفيذية منبثقة حقًا من خيارات الناخبين. وقد تحوّل منصب رئيس مجلس الوزراء، بوصفه رئيس السلطة التنفيذية، إلى نتاج تسويات سياسية مغلقة، تُدار خارج منطق التنافس الانتخابي، وتُبنى على توازنات داخلية وحسابات إقليمية ودولية، أكثر مما تقوم على التفويض الشعبي.

في جوهر الفكرة الديمقراطية، تمثل الانتخابات الوسيلة التي يعبّر من خلالها المواطنون عن إرادتهم السياسية، عبر اختيار ممثليهم وبرامجهم، بما ينعكس بصورة مباشرة على تشكيل الحكومة وتوجهاتها العامة. وتفترض هذه الآلية وجود علاقة سببية واضحة بين الصوت الانتخابي والقرار التنفيذي، بحيث يكون من يحكم نتاجًا طبيعيًا لنتائج صناديق الاقتراع. إلا أن الحالة العراقية أفرزت واقعًا مختلفًا، حيث انقطعت هذه العلاقة، وتحولت الانتخابات من أداة للاختيار السياسي إلى إجراء شكلي يمنح شرعية قانونية لقرارات تُتخذ في مكان آخر.

فعلى الرغم من النص الدستوري الذي يربط تكليف رئيس الوزراء بالكتلة النيابية الأكثر عددًا، فإن هذا النص لم يُترجم في الممارسة السياسية إلى مسار واضح وشفاف. بل جرى تفريغه من محتواه عبر تأويلات مرنة، سمحت بنقل القرار من البرلمان المنتخب إلى دوائر تفاوض غير رسمية، تتشكل بعد كل انتخابات، وتضم قادة كتل وزعامات حزبية وشخصيات نافذة، بعضها لا يمتلك أصلًا شرعية انتخابية مباشرة. داخل هذه الدوائر، يُعاد ترتيب النتائج، وتُدار المساومات، ويُختار رئيس الحكومة باعتباره خيارًا توافقيًا لا يعكس بالضرورة وزن القوى الفائزة ولا تطلعات الناخبين.

وتكمن خطورة هذا المسار في أن جزءًا كبيرًا من القوى المؤثرة في اختيار رئيس السلطة التنفيذية لا يخضع لمنطق المساءلة الشعبية، ولا يستمد نفوذه من صندوق الاقتراع، بل من عوامل أخرى تتراوح بين النفوذ الحزبي، أو القوة السياسية غير المؤسسية، أو القدرة على التعطيل والضغط. وبهذا، تتحول الشرعية من كونها تفويضًا شعبيًا إلى كونها نتاج توازن قوى داخل نخبة سياسية مغلقة، ما يُفرغ مبدأ التمثيل من مضمونه، ويُضعف ثقة المواطن بالعملية السياسية برمتها.

وفي.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من وكالة الحدث العراقية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من وكالة الحدث العراقية

منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
عراق أوبزيرڤر منذ 3 ساعات
قناة السومرية منذ 7 ساعات
وكالة الحدث العراقية منذ 12 ساعة
قناة الرابعة منذ 9 ساعات
قناة السومرية منذ 11 ساعة
قناة السومرية منذ 5 ساعات
قناة السومرية منذ 19 ساعة
قناة الرابعة منذ 11 ساعة