مع انطلاق منافسات بطولة كأس إفريقيا للأمم بالمغرب، وتحول المملكة إلى قبلة رياضية إفريقية بامتياز، توافدت جماهير القارة من مختلف الدول، وعلى رأسها الجماهير الجزائرية، في مشهد إنساني ورياضي لافت. هذا التوافد لم يكن مجرد حضور لمتابعة مباريات كرة القدم، بل تحوّل إلى فرصة حقيقية لاكتشاف المغرب عن قرب، بعيدًا عن الصور النمطية والدعاية السياسية المغرضة.
منذ لحظة الوصول، لمس الجمهور الزائر، وخاصة الجزائري، دفء الاستقبال المغربي، وحسن المعاملة، وروح الترحيب الصادقة التي طبعت تعامل المواطنين والسلطات على حد سواء، في تجاوب تلقائي خالٍ من أي حساسية أو توتر. وهو ما عكس عمق القيم المغربية الأصيلة المبنية على التسامح، وحسن الضيافة، واحترام الآخر، مهما كانت الخلفيات أو الاختلافات.
كما شكّلت البطولة مناسبة عملية لمعاينة البنيات التحتية الحديثة والذكية التي يتوفر عليها المغرب، من ملاعب رياضية بمواصفات عالمية، ووسائل نقل متطورة، ومنشآت سياحية وخدماتية متكاملة، إضافة إلى مشاريع تنموية كبرى تؤكد المسار التصاعدي الذي تسلكه المملكة. وهي حقائق ظل النظام الجزائري لسنوات يضلل بها شعبه، مروجًا أن هذه الإنجازات مجرد أوهام أو صور مفبركة، بل وصل به الأمر إلى الادعاء بأنها من نسج خيال الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، يواصل المغرب تثبيت مكانته الإقليمية والقارية من خلال تنمية شاملة لمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، في مسار متواصل من التقدم والازدهار، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من الاستثمار في الإنسان والبنية التحتية والرياضة رافعة أساسية للتنمية المستدامة وتعزيز إشعاع المملكة.
لقد أسقط الاحتكاك المباشر والواقع الملموس كل تلك الأكاذيب، وأثبت أن الحقيقة أقوى من أي خطاب دعائي، كما لم يعد للنظام الجزائري أي مبرر أخلاقي أو سياسي للاستمرار في إغلاق الحدود بين الشعبين الشقيقين. فقد كشفت وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب التواصل الإنساني المباشر، زيف الرواية الرسمية، وعرّفت الجزائريين على الشعب المغربي الحقيقي: شعب جار يكن لهم المحبة والاحترام، ويؤمن بوحدة المصير وروابط الأخوة التي لا يمكن أن تمحوها الحسابات السياسية الضيقة.
كما لوحظ أن عددًا من أفراد الشعب الجزائري، بعد زيارتهم للمغرب واحتكاكهم المباشر بالمجتمع المغربي، عبّروا صراحة عن اعتذارهم للشعب المغربي عمّا كانوا يحملونه من صور نمطية وأحكام مسبقة وسوء اتهامات غذّتها الدعاية الرسمية، مؤكدين أن الواقع الذي عايشوه يختلف كليًا عن الخطاب الذي لُقّن لهم لسنوات.
وفي المقابل، وجد بعض الإعلام الجزائري، إلى جانب عدد من الأصوات الإفريقية والمؤثرين السلبيين على وسائل التواصل الاجتماعي، أنفسهم في مأزق حقيقي بعد افتضاح تزييفهم للحقائق، وعجزهم عن مجاراة الواقع الميداني الذي نقله الجمهور الزائر بالصوت والصورة، وهو ما أفقد خطابهم المصداقية، وعرّى الخلفيات الدعائية التي طالما حاولت تشويه صورة المغرب.
وتبرز تظاهرة كأس إفريقيا، مرة أخرى، كجسر للتقارب بين الشعوب الإفريقية، وفرصة لاكتشاف المغرب الحقيقي: بلد الاستقرار، والتنمية، والانفتاح، وطيبة أهله المشهود لهم بالجود والكرم وحسن المعشر. وهكذا، تؤكد الرياضة قدرتها على فضح الزيف، وتقريب الشعوب، وإبراز الحقائق كما هي، دون وساطة أو تزييف.
هذا المحتوى مقدم من وكالة الأنباء المغربية
