هل تسعى مجموعات "صهيونية" لفرض الاستيطان بالجنوبين اللبناني والسوري؟

ملخص توفر "الصهيونية الدينية" اللغة والخيال السياسي لإعادة رسم الخرائط، لكنها لا تملك وحدها أدوات التنفيذ، ولكن حيثما تلتقي مع دولة تقرر وتمول كالذي يحدث في الجولان، يتحول الخطاب إلى واقع متدرج. وحيث تغيب هذه الدولة أو تتردد، كما في لبنان، والعمق السوري، يبقى الأمر محاولة ضغط أيديولوجي تستثمر الفوضى والحرب، من دون أن ترتقي، حتى الآن، إلى تغيير جغرافي فعلي.

لم يكن احتلال إسرائيل لما يعرف بـ"النقاط الخمس" في جنوب لبنان، خلال ما عرف بـ"حرب الإسناد"، حدثاً عسكرياً محدود الدلالة، بل شكل لحظة سياسية ورمزية أعادت فتح شهية التيارات اليهودية الدينية المتطرفة على طرح أفكار كانت تعد حتى وقت قريب من المحرمات أو من أدبيات الهامش. فمع تثبيت هذه النقاط كأمر واقع أمني، عاد الخطاب الاستيطاني ليتقدم خطوة إلى الأمام، مستفيداً من الفراغ السيادي، ومن مناخ الحرب المفتوحة، ليعيد طرح الجنوب اللبناني ليس فقط كمنطقة عازلة أو ساحة اشتباك، بل كأرض "قابلة لإعادة التعريف" ضمن سردية "أرض إسرائيل".

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more هذا التطور تزامن مع تصاعد الحديث عن ممر أمني - جغرافي يربط الجولان بمحافظة السويداء في الجنوب السوري، تحت عناوين حماية الأقليات أو منع التمدد الإيراني، لكنه في العمق يعكس تصوراً استراتيجياً أوسع لإعادة رسم الجغرافيا السياسية في الجنوبين السوري واللبناني. وفي هذا السياق، لم يكن استدعاء التسمية التوراتية "جبل الباشان" تفصيلاً لغوياً بريئاً، بل أداة أيديولوجية تستخدمها جماعات استيطانية متطرفة لإضفاء شرعية دينية وتاريخية على طموحات توسعية تتجاوز حدود الجولان، وتمتد في خطابها إلى الجنوب اللبناني.

خريطة نشرتها مجموعة "أوري تسافون" لقرى جنوب لبنان بأسماء عبرية (مواقع التواصل الاجتماعي)

من هنا، يلتقي احتلال "النقاط الخمس"، وخطاب الممر الأمني، وإحياء مسميات توراتية قديمة، في لحظة واحدة، لحظة تحاول فيها مجموعات يهودية دينية متشددة اختبار حدود الممكن، والانتقال من خطاب "الأمن" إلى خطاب "الحق التاريخي"، ومن الوقائع العسكرية الموقتة إلى أحلام استيطانية ترى في الفوضى الإقليمية فرصة لإعادة هندسة المكان والإنسان معاً.

"رواد الباشان" ونهار الإثنين الـ22 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، تسلل مستوطنون إسرائيليون إلى سوريا، في انتهاك هو الثاني خلال أقل من 24 ساعة. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان "ورد بلاغ عن مواطنين إسرائيليين تسللوا عبر الحدود في منطقة هضبة الجولان إلى الأراضي السورية"، مضيفاً "سارعت قوات الجيش إلى الموقع وعثرت على المواطنين وأعادتهم لإسرائيل، وسيتم تسليم المشتبه بهم إلى الشرطة لاستكمال الإجراءات القانونية". وسبق لمجموعة "رواد الباشان" أن تسللت إلى سوريا نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي مجموعة تدعو إلى إقامة مستوطنة داخل سوريا. وسبق أن وقع مستوطنون عريضة تطالب أعضاء المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر "الكابينت" بإقرار الاستيطان في منطقة يطلقون عليها "باشان" داخل سوريا. وتدعو العريضة الحكومة إلى اتخاذ "خطوات قانونية تتيح للمستوطنين الاستقرار في المنطقة بصورة قانونية"، وهو ما يراه الموقعون "خطوة ضرورية لتعزيز السيادة الإسرائيلية" هناك، فضلاً عن التوغلات التي تقوم بها قوات من الجيش الإسرائيلي في مناطق متفرقة من الجنوب السوري، وتقوم باعتقال سوريين وتدمير مزروعات وتنصب حواجز لتفتيش المارة والتحقيق معهم. ووفقاً لتقارير إخبارية، نشرت في وكالة "رويترز"، وصحف إسرائيلية مثل "تايمز أوف إسرائيل" و"هآرتس" و"يديعوت أحرونوت"، حصلت محاولات اقتحام أو عبور من جماعات يهودية متشددة، ومنها إحدى المجموعات الاستيطانية الوليدة "رواد الباشان"، وهي مجموعة تشكلت قبل نحو ثمانية أشهر، وتسلل أفرادها خلال الأشهر والأسابيع الماضية إلى العمق السوري أكثر من مرة، وأقاموا مراسم ووضعوا "حجر أساس" لبعض الوقت، كما قاموا بالمحاولات ذاتها قرب حدود لبنان. ويظهر من طبيعة نشطائها وداعميها، أنهم مدعومون من اليمين المتطرف، إذ شاركت شخصيات متطرفة معروفة من أمثال موشيه فيغلين وباروخ مارزل في مؤتمر "انطلاق" نظمته هذه المجموعة في القدس.

منشور يقول إن الأراضي في جنوب لبنان إسرائيلية (إعلام إسرائيلي)

وعلى رغم تسجيل بعض محاولات التسلل إلى لبنان من نشطاء هذه المجموعة، إلا أن دعواتها وتحركاتها تستهدف الجنوب السوري أكثر، بحجة أن الاستيطان في كامل "الباشان"، هو "امتداد طبيعي" للاستيطان في الجولان، وسيساعد في "استقرار المنطقة وتعزيز أمن إسرائيل وتحقيق حقنا التاريخي في أقاليم أرض سلبت منا"، وفق مزاعم هذه المجموعة.

هنا الصورة خطرة لأن إسرائيل تملك أصلاً بنية استيطانية قائمة في الجولان، ومعها قدرة دولة على توسيعها. وهذه المجموعة من ناشطين والمستوطنين ظهرت خلال العام الحالي، وتعلن أهدافها بصورة مباشرة، أي إقامة بؤر وتجمعات استيطانية داخل الأراضي السورية، مستخدمة التسمية التوراتية "الباشان". وتحدثت تقارير إسرائيلية أواخر شهر نوفمبر الماضي، عن أن الجيش أعاد ناشطين عبروا إلى سوريا بهدف إقامة بؤرة، وأشارت إلى اسم المجموعة وتكرار محاولاتها. وتكمن أهمية "الباشان"، بأنها ليست مجرد اسم بل هي ترميز ديني وسياسي لإعادة تعريف الجغرافيا السورية، أي الجنوب السوري، كامتداد تاريخي وتوراتي قابل للاستيطان.

إعلان مشروع استيطاني في جنوب لبنان (مواقع التواصل الاجتماعي)

ويأتي توسيع الاستيطان في الجولان كسياسة دولة، والرافعة التي تجعل منطقة الجنوب السوري، أكثر قابلية للتحول إلى واقع. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرت في ديسمبر 2021 خطة، بقيمة 317 مليون دولار لمضاعفة عدد المستوطنين اليهود في الجولان خلال خمس سنوات عبر بناء 7300 منزل وتوفير البنية التحتية، بهدف جذب نحو 23 ألف مستوطن جديد، وتعتبر هذه المستوطنات غير قانونية دولياً، مع وجود نحو 25 ألف مستوطن حالياً إلى جانب نحو 23 ألف درزي سوري. وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد اعترفت بالسيادة الإسرائيلية على الجولان عام 2019، وهو أول اعتراف من دولة، لكنه لا يغير من وضعها القانوني الدولي. وفي شهر ديسمبر عام 2024، وبعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة لمضاعفة عدد سكان الجولان. وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حينها بأن الحكومة "وافقت بالإجماع" على خطة بقيمة 40 مليون شيكل (11 مليون دولار) "للتنمية الديموغرافية للجولان، في ضوء الحرب والجبهة الجديدة في سوريا والرغبة في مضاعفة عدد السكان". من هنا تمثل "رواد الباشان" ضغط الشارع الاستيطاني المتطرف على حدود مفتوحة نسبياً، في حين أن الجولان هو خطة استيطان قائمة وتوسيعها مدعوم بقرار حكومي.

"أوري تسافون" وفي الثامن من ديسمبر عام 2024، ادعت حركة "أوري تسافون" (استيقظ يا شمال)، وهي حركة صهيونية دينية يمينية إسرائيلية متطرفة، تدعو إلى ضم إسرائيل لجنوب لبنان وتوطينه، أنها دخلت لبنان وأقامت "نواة" أو خيمة، لكن الجيش الإسرائيلي نفى حينها حصول عبور. وأكثر من هذا قامت هذه المجموعة بعرض أراض وعقارات في جنوب لبنان للبيع، داعية المستثمرين إلى "التوجه شمالاً". وتعرف هذه المجموعة عن نفسها كحركة تدفع باتجاه ضم جنوب لبنان وطرح فكرة الاستيطان فيه كجزء من "أرض إسرائيل الكبرى"، وهذا ظهر بوضوح في تغطيات تناولت صعود خطاب "الاستيطان في جنوب لبنان" خلال الحرب، وأقر الجيش الإسرائيلي رسمياً بأن مجموعة من نشطاء ومستوطنين بقيادة "أوري تسافون" "عبرت الخط الأزرق أمتاراً عدة" قرب مارون الراس (بلدة جنوب لبنان)، قبل تفريقها.

ونشرت "حركة الاستيطان في جنوب لبنان" خريطة تتضمن أراضي وبلدات جنوبية في منطقة جنوب الليطاني، وأطلقت عليها أسماء عبرية، والأسعار تبدأ من 300 ألف شيكل لقطعة الأرض الواحدة، أي ما يعادل 80 ألف دولار. واعتبرت أن هذه الأراضي ستكون مستوطنات جديدة، ودعت المستوطنين إلى التوجه شمالاً. وتمتد حدود الخريطة التي نشرتها هذه المجموعة،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ ساعة
منذ 26 دقيقة
منذ 4 ساعات
منذ 42 دقيقة
منذ ساعة
منذ 22 دقيقة
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
بي بي سي عربي منذ 3 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 14 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 17 ساعة
التلفزيون العربي منذ 14 ساعة
قناة العربية منذ 5 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 14 ساعة