عاطف الطيب.. مخرج "الغلابة" الذي حول السينما إلى صوت للإنسان والحرية

تحل اليوم ذكرى رحيل المخرج الكبير عاطف الطيب، أحد أهم الرموز المؤثرة في تاريخ السينما المصرية والعربية، وصاحب المدرسة الواقعية التي فتحت الباب أمام طرح قضايا المجتمع بجرأة وصدق شديدين، استطاع الطيب أن يكتب اسمه بحروف بارزة في ذاكرة السينما، بعدما اختار أن ينحاز للإنسان البسيط، وينقل هموم المهمشين ويواجه الظلم والكبت الاجتماعي بالكاميرا بدلًا من الشعارات، ليحصل عن جدارة على لقب "مخرج الغلابة".

ولد عاطف الطيب في 26 ديسمبر 1947 بجزيرة الشورانية بمحافظة سوهاج، ونشأ عاشقًا للسينما منذ سنواته الأولى. التحق بالمعهد العالي للسينما، حيث لمع اسمه مبكرًا بين زملائه، ثم بدأ طريقه الفني كمساعد مخرج، مشاركًا في عدد من الأعمال المهمة التي منحته خبرة كبيرة ومهارة في قراءة الواقع وتقديمه فنيًا.

توقفت مسيرته قليلًا بسبب التحاقه بالخدمة العسكرية ومشاركته في حرب أكتوبر 1973، لكنه لم يبتعد عن شغفه، فأخرج خلال هذه الفترة فيلمًا قصيرًا بعنوان جريدة الصباح ، قدم من خلاله ملامح مبكرة لمخرج يمتلك رؤية خاصة وحسًا إنسانيًا مختلفًا.

عاد الطيب بعد الحرب أكثر خبرة ونضجًا، وعمل مساعدًا لعدد من كبار المخرجين، بينهم يوسف شاهين في فيلم إسكندرية ليه؟ ، وشادي عبد السلام في جيوش الشمس ، وهي تجارب صقلت موهبته ورسخت وعيه الفني، وفي عام 1982 بدأ بفرض بصمته المميزة بفيلم الغيرة القاتلة ، ثم انطلقت مسيرته بقوة عبر أعمال شكلت علامات فارقة في تاريخ السينما المصرية.

قدم عاطف الطيب سلسلة من الأفلام التي أصبحت أيقونات سينمائية إنسانية وسياسية واجتماعية، وتعاون خلالها مع كبار النجوم، أبرزهم نور الشريف في سواق الأتوبيس ، كتيبة الإعدام و ناجي العلي ، وأحمد زكي في روائع خالدة مثل البريء ، الهروب ، و ضد الحكومة ، إلى جانب أعمال أخرى أثرت الوعي العام وطرحت قضايا العدالة والكرامة الإنسانية بجرأة غير مسبوقة.

وفي عام 1995، وبينما كان يعمل على تصوير فيلم جبر الخواطر ، اشتد عليه مرض القلب ونصحه الأطباء بإجراء جراحة عاجلة، لكنه رحل قبل أن يستكمل حلمه، ليغيب جسدًا وهو في قمة عطائه الفني ويترك صدمة كبرى داخل الوسط الفني وبين جمهوره.

رحل عاطف الطيب، لكن أفلامه بقيت حاضرة، تنبض بالحياة وتستعيد نبض الشارع المصري، وتدافع عن الحرية والعدل الاجتماعي بصدق إنساني نادر، ترك لنا حوالي 20 فيلمًا فقط، لكنها كانت كافية لتخليد اسمه، لأنه ببساطة كان صوت من لا صوت لهم، ومخرجًا آمن أن السينما ليست ترفيهًا فقط، بل مسئولية وضمير حي.


هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة دار الهلال

منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
صحيفة الوطن المصرية منذ 6 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 21 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 8 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 16 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 19 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 8 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 9 ساعات