أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية أنه قرر التحرك عسكريًا ضد المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت شرقي اليمن، في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في الأزمة اليمنية، استجابةً لطلب رسمي من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي.
وقال متحدث قوات التحالف، تركي المالكي، في بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء السعودية، إن «استمرار محاولات خفض التصعيد وتسليم المعسكرات التي سيطر عليها الانتقالي إلى قوات درع الوطن التابعة للحكومة الشرعية، مع تمكين السلطات المحلية من ممارسة مسؤولياتها، يقتضي أن أي تحركات عسكرية تخالف هذا المسار ستُواجه مباشرة بهدف حماية المدنيين ودعم جهود الوساطة السعودية الإماراتية».
وجاء قرار التحالف بعد تعثر تنفيذ دعوات سعودية سابقة للانتقالي بسحب قواته من المعسكرات في حضرموت والمهرة طواعية، وتجاوزه التحذيرات المتكررة. وهو ما دفع القيادة اليمنية الشرعية إلى الطلب الرسمي للتدخل، بهدف «حماية المدنيين ومنع الانتهاكات الإنسانية الجسيمة» التي حمّلتها السلطات إلى عناصر الانتقالي، بحسب تعليل البيان.
ورغم التلويح باستخدام القوة العسكرية، أبقى التحالف باب الحل السلمي مفتوحًا، حيث دعا وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمانالمجلس إلى الاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية، مجددًا دعوته لسحب القوات طوعًا ومن دون تصعيد، في منشور على حسابه الرسمي في منصة «إكس»، مؤكدًا أن الإمارات وشركاء التحالف لا يزالان يسعيان لتهدئة الموقف.
الانتقالي يواجه بالرصاص وتأكيد الاستقلال السياسي
في المقابل، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بيانًا أعلن فيه أن «تعرض قواته في حضرموت لقصف محدود من قبل الطيران الحربي السعودي لن يثنيه عن مشروعه في إعلان دولة مستقلة بالجنوب»، مكررًا مبرراته حول محاربة الإرهاب ووقف التهريب الذي يهدد الأمن الإقليمي، وفق وجهة نظره. واستمر المجلس في تأكيد أن عملياته في حضرموت والمهرة «تهدف إلى حماية الجنوب» من نفوذ المتمردين الحوثيين.
ولم يُخفَ الانتقالي في موقفه رفضه لمطالب سحب القوات، معتبرا أن تصعيده العسكري «جزء من مسؤولية أمنية وسياسية»، في وقت يُنظر فيه إلى الخطوات السعودية كمحاولة لتجفيف مصادر النفوذ غير الحكومية في المحافظات الشرقية، وتعزيز السلطة الشرعية التي تواجه تحديات كبيرة منذ أكثر من عقد.
شرعية اليمن تلتمس الدعم وتعلن اجتماع طارئ
وفي تطور لافت، ترأس رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي اجتماعًا طارئًا لمجلس الدفاع الوطني في العاصمة السعودية الرياض، ناقش فيه التطورات المتسارعة، وحضّ الحاضرين على اتخاذ «كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين ومساندة الجيش اليمني في فرض التهدئة»، حسبما نقلت وكالة سبأ الحكومية عن مصادر رسمية.
وبالتزامن مع ذلك، أفاد مسؤول عسكري يمني بأن قرابة 15 ألف عنصر مدعومين من السعودية يحتشدون بالقرب من حدود المملكة في تخوم حضرموت والمهرة، في مؤشر على تجهيز قوات واسعة لمواجهة محتملة، رغم قوله: «لم تردنا تعليمات نهائية بالتحرك العسكري حتى اللحظة».
وفيما بدا كتحذير أولي، وجه طيران التحالف ضربات محدودة الجمعة الماضية ضد مواقع تابعة لقوات الانتقالي في منطقة وادي نحب بحضرموت، بعد ساعات من تقدم وحدات النخبة الحضرمية التابعة للمجلس في المنطقة نفسها، ما جعل المشهد يتجه نحو تصعيد ميداني محتمل في الفترة المقبلة.
خلاف شرس بين مشروع الدولة والمشروع الانفصالي
يمثل هذا التطور انعطافة نوعية في النزاع اليمني المستمر منذ سنوات، إذ يُظهر الانقسام الشمالي الجنوبي ليس فقط في مواجهة الحوثيين، بل داخل المشهد السياسي لكل القوى التي كانت حتى فترة ليست بالبعيدة تعتبر «المجلس الانتقالي» جزءًا من المنظومة السياسية اليمنية، قبل أن تتوسع خلافاته مع «الشرعية» وتتحول إلى صدامات مفتوحة في المحافظات الجنوبية والشرقية.
ومنذ تدخل التحالف في 2015 دعمًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ضد الحوثيين المدعومين من إيران، شهدت الساحة تحولات متسارعة، أبرزها تصاعد نفوذ قوات المجلس الانتقالي، الذي أعلن انفصاله عن الشرعية في أكثر من مناسبة، وأسس كيانات عسكرية خاصة به في الجنوب.
ومن هنا، فإن القرار السعودي الإماراتي بتجريم أي استمرار لتموضع الانتقالي في حضرموت والمهرة، يحمل في طياته إعادة ترتيب للأولوية الاستراتيجية للتحالف، الذي يبدو أنه اختار وقف تصعيد النزاع الداخلي الذي يطيح بنسق التسوية الوطنية، ويرفع في الوقت نفسه سقف حماية المدنيين على حساب أي تشكيلات مسلحة لاتزال خارجة عن إرادة الحكومة المركزية.
هذا المحتوى مقدم من أشطاري 24
