المدرجات تغلي والركراكي يطفئ الجمر: «أنا إيجابي أكثر من الجمهور وسأبقى كذلك»

لم يكن مساء الرباط عاديًا في مدرجات ملعب مولاي عبد الله، حيث جاء التعادل بهدف لمثله بين المنتخب المغربي ونظيره المالي كجرعة إحباط غير متوقعة لجمهور حضر وفي ذهنه صورة واحدة: الانتصار ولا شيء سواه. صافرات، تذمّر، وأيادٍ ترتفع في الهواء تعبيرًا عن خيبة لحظة لم تستوعب كيف أفلت الفوز من قبضة السيطرة شبه الكاملة على أطوار المباراة.

في المقابل، خرج وليد الركراكي من النفق المؤدي إلى القاعة الإعلامية حاملًا قاموسًا مختلفًا. لم يُخفِ الرجل إحباطه من النتيجة، لكنه لم يسمح لها بأن تتحوّل إلى حكم قاسٍ على ما جرى داخل المستطيل الأخضر. قالها بوضوح: النتيجة محبطة بالنسبة له، لكنها إيجابية لمنتخب مالي جاء إلى الرباط وفي خطته بند واحد: التعادل، وقد لعب من أجله بشراسة انضباطية وتكتيكية عالية.

بين صوت المدرجات وصوت المدرب، بدا المشهد كحوار غير معلن بين العاطفة والواقعية. الجمهور رأى في التعادل انكسارًا صغيرًا لطموح كبير، بينما قرأه الركراكي كدرس مجاني في التوقيت المناسب. ففي رأيه، من الأفضل أن يمر المنتخب بمباراة معقّدة الآن، لا أن ينتظرها في أدوار متقدمة من كأس أمم إفريقيا، حيث لا مجال للتجريب ولا وقت لإصلاح الأعطال.

فرص ضائعة وأداء غير قابل للإنكار

قدّم المنتخب المغربي مباراة عنوانها السيطرة والاستحواذ، لكنه عجز عن ترجمة الفُرص إلى أهداف. هذه هي النقطة التي اتفق فيها الطرفان: الجمهور الذي صرخ بالخيبة، والركراكي الذي أشار إلى أن لاعبيه لم يستغلوا الفرص المتاحة، أمام منتخب مالي قاتل دفاعيًا وأرهق خصمه بالجري والالتحامات والمراقبة اللصيقة.

لكن، وسط هذا الاعتراف، لم يتراجع الناخب الوطني عن الإشادة. بدا سعيدًا بمستوى لاعبيه، ليس لأنهم انتصروا، بل لأنهم فرضوا إيقاعًا جعل لاعبي مالي يركضون كثيرًا، ويستنزفون طاقتهم أمام منتخب يملك جودة فردية وروحًا جماعية عالية، وإن افتقد للدقة في اللمسة الأخيرة.

تفاؤل يغضب القلق لكنه لا يساوم على الحقيقة

حين قال الركراكي إنه «إيجابي أكثر من الجمهور» بعد التعادل، لم يكن يوجّه نقدًا للمدرجات، بل يقدّم نفسه كجدار صدّ نفسي أمام القلق الجماهيري. فالجمهور، وإن كان الأكثر دعمًا، يصبح أحيانًا الأكثر خوفًا حين تتعثر النتيجة. أما المدرب، فيتعمّد أن يكون آخر من يرتبك، لأن ارتباكه يعني ارتباك فريق كامل.

الركراكي لم يساوم على الحقيقة: النتيجة مخيّبة، نعم لكنها ليست مقياسًا للقدرة. ولم يساوم على التفاؤل: اختبار مالي لم يُربح في النتيجة، لكنه رُبح في الدرس. وهي المعادلة التي يُدركها أهل كرة القدم: أن الفوز الحقيقي أحيانًا يبدأ من تعادل يوقظ الأسئلة قبل أن تداهمك المباريات التي لا ترحم.

رسالة إلى المدرجات: لا تهزّكم النتيجة اهتزّوا للروح

ما بين الجمهور الذي يريد منتخبًا لا يُقهَر، والمدرب الذي يبني منتخبًا لا ينهار، خرجت مباراة مالي كاختبار في الصلابة الذهنية، قبل أن تكون اختبارًا في الكرة. قد لا يصفّق الجمهور للتعادل، لكنه يصفّق دائمًا لمنتخب يقاتل، يحاول، ولا يتراجع عن شخصيته.

وهذه، تحديدًا، هي الرسالة التي أراد الركراكي أن تصل إلى المدرجات: أن المنتخب لم يخسر، بل تعقّد مبكرًا كي لا يتعقّد متأخرًا. وأنه، مهما اختلفت القراءة، فإن الهدف المشترك واحد: أن يصل المغرب إلى الكان بمنتخب مُحصّن بالأسئلة، لا مهزوم بها.


هذا المحتوى مقدم من أشطاري 24

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من أشطاري 24

منذ 8 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 8 ساعات
هسبريس منذ 7 ساعات
هسبريس منذ ساعة
جريدة أكادير24 منذ 4 ساعات
آش نيوز منذ 9 ساعات
صحيفة الأسبوع الصحفي منذ 10 ساعات
هسبريس منذ 5 ساعات
هسبريس منذ 8 ساعات
هسبريس منذ 6 ساعات