شهد الاقتصاد التركي خلال عامي 2024 و2025 تحولات جوهرية، إذ نجحت أنقرة في الموازنة بين سياسات نقدية متشددة تهدف لكبح التضخم، وبين الحفاظ على وتيرة نمو مستقرة وضعت البلاد في المرتبة السابعة عشرة كأكبر اقتصاد في العالم.
صعود في القيمة الاسمية للناتج المحلي تشير البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي التركي حقق قفزة ملحوظة من الناحية الاسمية؛ فبعد أن استقر في عام 2024 عند مستوى يتراوح بين 1.32 و1.36 تريليون دولار، من المتوقع أن يصل بحلول نهاية عام 2025 إلى نحو 1.57 تريليون دولار. هذا الصعود ترافق مع معدل نمو سنوي متصاعد، انتقل من 3.2% في 2024 إلى 3.5% في 2025، مدفوعاً بنشاط قطاع الخدمات وجهود إعادة الإعمار.
وانعكس هذا النمو بشكل مباشر على مستوى دخل الفرد، الذي قفز من قرابة 15,882 دولاراً في 2024 ليلامس حاجز 18,198 دولاراً في عام 2025.
السياحة.. القاطرة الذهبية للعملة الصعبة ما يزال قطاع السياحة يثبت أنه الركيزة الأساسية والعمود الفقري للاقتصاد التركي، إذ سجل عام 2024 أرقاماً قياسية بإيرادات بلغت 61.1 مليار دولار استقبلت خلالها البلاد 52.6 مليون سائح. واستمر هذا الزخم في عام 2025، إذ كشفت بيانات الربع الثالث عن تحصيل 50 مليار دولار في تسعة أشهر فقط، بزيادة قدرها 5.7% عن العام السابق.
ومع تدفق السياح بشكل رئيسي من روسيا وألمانيا والمملكة المتحدة، تستهدف تركيا الوصول إلى عتبة 64 مليار دولار كإجمالي إيرادات سياحية بنهاية العام الحالي، ما يعزز من احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي.
إدارة الدين العام وتحسن السيولة على صعيد المديونية، وعلى الرغم من وصول إجمالي الدين الخارجي إلى مستوى قياسي بلغ 547.7 مليار دولار بحلول منتصف 2025، فإن المؤشرات الكلية تشير إلى وضع آمن نسبياً. إذ تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي نحو 38.2%، وهي ضمن النطاقات المتعارف عليها عالمياً للدول الناشئة.
وفي ما يخص الدين الحكومي، فقد بلغ 13.3 تريليون ليرة تركية، لكنه لا يمثل سوى 24.7% من الناتج المحلي الإجمالي، ومن اللافت للنظر النجاح في تعزيز «غطاء السيولة».
إذ ارتفعت نسبة تغطية الاحتياطيات للديون قصيرة الأجل من 53% في 2023 لتصل إلى 74% في مطلع 2025، ما يعطي مرونة أكبر لمواجهة الصدمات المالية.
كبح التضخم وتقليص العجز ختاماً، حققت السياسة الاقتصادية الجديدة نجاحاً ملموساً في خفض عجز الحساب الجاري ليصل إلى 0.8% من الناتج المحلي، ما قلل من تبعية البلاد للاقتراض الخارجي. وفي معركتها الكبرى ضد الغلاء، بدأت تركيا تجني ثمار التشديد النقدي، إذ تراجع معدل التضخم من مستوياته القياسية التي تجاوزت 70% ليستقر تحت مستوى 38% في منتصف 2025، تزامناً مع استقرار نسبي في سعر صرف الليرة التي تم تداولها بمتوسط 38.8 مقابل الدولار، ما يمهد الطريق لمرحلة من الاستقرار الاقتصادي المستدام.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
