الإمبراطورية الرومانية أو المعروفة باسم الحضارة الرومانية بالوقت الحالي، والتي تركزت على مدينة روما، تعد من أطول الحضارات في التاريخ القديم، إذ تأسست في عام 27 قبل الميلاد، وإليك في هذا الموضوع، كل ما تحتاج معرفته عن الحضارة الرومانية وإنجازاتها وتأثيرها على العالم.تعريف الحضارة الرومانيةالحضارة الرومانية هي واحدة من أكثر الحضارات تأثيرًا في العالم، وأكثرهم طولاً، حيث نشأت في مدينة روما الواقعة في إيطاليا حاليًا، وتوسعت لتسيطر على مساحات كبيرة من أوروبا، ويقال إنها امتدت للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حتى وصلت لأسوان في مصر.تعود الحضارة الرومانية إلى عام 753 قبل الميلاد، وهو التاريخ التقليدي لتأسيس روما، واستمرت حتى سقوط الإمبراطورية الرومانية في عام 476 ميلاديًا. اتسمت هذه الحضارة، بالعديد من المميزات والإنجازات، لذلك خلدت بين أشهر وأكثر الحضارات تأثيرًا حول العالم.نشأة الحضارة الرومانيةيتساءل الكثير حول متى تأسست الحضارة الرومانية، خصوصًا كونها واحدة من أشهر وأطوال الحضارات في تاريخ البشرية، وفيما يلي كل ما تحتاج معرفته عن ذلك.وفقًا للأسطورة الرومانية، بدأت الحضارة في عام 753 قبل الميلاد، ونمت على مر القرون لتصبح إمبراطورية قوية شكلت جزءًا كبيرًا من الثقافة والقانون والسياسة في أوروبا بشكل عام.تأسست الحضارة الرومانية على يد رومولوس أحد الأخوين التوأمين "رومولوس وريموس" اللذين قيل إنهما رباهما "ذئبة"، وأصبح رومولس أول ملك لروما بعد هزيمة شقيقه، وتعتبر هذه القصة من أشهر الأساطير الرومانية، إلا أنها تعكس قيم الشجاعة والقوة والقيادة في المجتمع الروماني المبكر.بدأت روما كمستوطنة صغيرة على طول نهر "التيبر" في وسط إيطاليا، وكان موقعها مثاليًا، فهي قريبة من الأراضي الخصبة وطرق التجارة، كما أنها تتمتع بحماية طبيعية من الغزو بفضل التلال المحيطة بها، وكان سكانها "اللاتين"، إلا أنها جذبت العديد من الشعوب المجاورة، نظرًا لتوسعها وشهرتها التي انتشرت آنذاك.في بداياتها، حكم روما سلسلة من الملوك، كان العديد منهم إتروسكانيين. بينما في عام 509 قبل الميلاد، أطاح الشعب الروماني بالملكية وأنشأ الجمهورية الرومانية، وهو نظام حكم جديد قائم على مسؤولين منتخبين وتقاسم السلطة، ومثّل هذا التغيير بداية حقبة جديدة في التاريخ الروماني، وأرسى أسس القانون الروماني، والمواطنة، والتنظيم العسكري.لذلك تشكلت أصول الحضارة الرومانية من مزيج من الأساطير والجغرافيا والتبادل الثقافي، فمن قرية صغيرة على نهر التيبر، نمت روما لتصبح جمهورية، ثم إمبراطورية، تاركةً إرثًا خالدًا للعالم.ما هي الحضارة الرومانية؟استمرت الحضارة الرومانية من نحو عام 753 قبل الميلاد إلى عام 476 ميلاديًا في الغرب، وحتى لفترة أطول في الشرق تحت اسم الإمبراطورية البيزنطية، وكان للحضارة الرومانية التأثير الكبير على القانون والحكم والعمارة واللغة والثقافة في جميع أنحاء أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.بدأت الحضارة الرومانية من روما التي كانت أشبه بمملكة صغيرة، ثم أصبحت جمهورية في عام 509 قبل الميلاد، حيث انتخب المواطنون قادة للحكم، وساعد هذا النظام في تشكيل الأفكار الحديثة للديمقراطية والقانون، بينما في عام 27 قبل الميلاد، أصبحت روما إمبراطورية في عهد إمبراطورها الأول "أوغسطس قيصر" ونمت لتسيطر على مناطق واسعة من أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط.اشتهرت الحضارة الرومانية بجيشها القوي وهندستها المتقدمة وحكومتها المنظمة، حيث بنى الرومان طرقًا عريقة، وقنوات مائية لنقل المياه، ومبانٍ مهيبة مثل الكولوسيوم والبانثيون، كما أسسوا نظامًا من القوانين والمواطنة أثّر على العديد من الأنظمة القانونية الحديثة.وعلى الجانب الثقافي، استلهم الرومان من الإغريق، لكنهم طوروا إنجازاتهم الخاصة في الفن والأدب والفلسفة، حتى أصبحت اللاتينية، اللغة الرومانية، أساسًا للعديد من اللغات الحديثة مثل الإيطالية والإسبانية والفرنسية والبرتغالية.شكلت الحضارة الرومانية أيضاً، أشكالًا عديدة من الإرث المتروك بما في ذلك المعابد ودور العبادة، حيث أصبحت الديانة المسيحية هي الرسمية للإمبراطورية، مما ساهم في نشر الديانة بجميع أنحاء أوروبا.مراحل الإمبراطورية الرومانية:يمكن تقسيم تاريخ الإمبراطورية الرومانية إلى 3 فترات مميزة: فترة الملوك (625-510 قبل الميلاد)، وروما الجمهورية (510-31 قبل الميلاد)، وروما الإمبراطورية (31 قبل الميلاد - 476 م).التأسيس (نحو 625 قبل الميلاد):تأسست روما نحو عام 625 قبل الميلاد في منطقتي إتروريا ولاتيوم في إيطاليا القديمة، يعتقد أن دولة مدينة بروما تشكلت في البداية على يد قرويي لاتيوم الذين انضموا إلى مستوطنين من التلال المحيطة ردًا على غزو إتروسكاني. ليس من الواضح ما إذا كانوا قد اجتمعوا للدفاع عن أنفسهم أم نتيجة لخضوعهم للحكم الإتروسكاني.تشير الأدلة الأثرية إلى أن قدرًا كبيرًا من التغيير والتوحيد حدث نحو عام 600 قبل الميلاد، مما أدى على الأرجح إلى تأسيس روما كمدينة حقيقية.فترة الملوك (625-510 قبل الميلاد)تعرف الفترة الأولى في التاريخ الروماني بفترة الملوك، واستمرت من تأسيس روما حتى عام 510 قبل الميلاد، خلال هذه الفترة القصيرة، شهدت روما بقيادة ما لا يقل عن 6 ملوك، تقدمًا عسكريًا واقتصاديًا، مع اتساع حدودها الجغرافية، وقوتها العسكرية، وإنتاج وتجارة السلع، بما في ذلك مصابيح الزيت.وشهدت هذه الفترة سياسيًا، التأسيس المبكر للدستور الروماني، كما جاءت نهاية فترة الملوك مع تراجع نفوذ الإتروسكان، مما أدى إلى بدء العصر الجمهوري في روما.روما الجمهورية (510-31 قبل الميلاد)دخلت روما عصرها الجمهوري عام 510 قبل الميلاد، لم يعد الملوك يحكمون روما، بل أسسوا نظامًا جديدًا للحكم، حيث حكمت الطبقات العليا، أي أعضاء مجلس الشيوخ والفرسان. ومع ذلك، كان من الممكن تعيين ديكتاتور في أوقات الأزمات.في عام 451 قبل الميلاد، أسس الرومان "اللوائح الاثنتي عشرة"، وهي مجموعة قوانين موحدة للشؤون العامة والخاصة والسياسية، وواصلت روما توسعها خلال العصر الجمهوري، وسيطرت على شبه الجزيرة الإيطالية بأكملها بحلول عام 338 قبل الميلاد.وكانت الحروب البونيقية (264-146 قبل الميلاد)، إلى جانب بعض الصراعات مع اليونان، هي التي سمحت لروما بالسيطرة على قرطاج وكورنث، وبالتالي أصبحت القوة البحرية المهيمنة في البحر الأبيض المتوسط.بعد فترة وجيزة، دفع المناخ السياسي السائد في روما الجمهورية إلى فترة من الفوضى والحرب الأهلية، أدى ذلك إلى انتخاب ديكتاتور وهو "ليوناردو كورنيليوس سولا"، الذي حكم من عام 82 إلى عام 80 قبل الميلاد.وبعد استقالته عام 79 قبل الميلاد، عادت الجمهورية إلى حالة من الاضطراب، وبينما استمرت روما في الحكم كجمهورية لـ 50 عامًا أخرى، بدأ التحول إلى الإمبريالية يتجسد في عام 60 قبل الميلاد مع تولي يوليوس قيصر السلطة.بحلول عام 51 قبل الميلاد، كان يوليوس قيصر قد غزا بلاد الغال الكلتية، ولأول مرة امتدت حدود روما خارج منطقة البحر الأبيض المتوسط، ورغم أن مجلس الشيوخ كان لا يزال الهيئة الحاكمة في روما، إلا أن نفوذه كان يضعف.اغتيل يوليوس قيصر عام 44 قبل الميلاد، وحل محله وريثه، غايوس يوليوس قيصر أوكتافيانوس (أوكتافيان)، الذي حكم إلى جانب ماركوس أنطونيوس.وفي عام 31 قبل الميلاد، استولت روما على مصر، مما أدى إلى وفاة ماركوس أنطونيوس، وترك أوكتافيان حاكمًا لروما بلا منازع، اتخذ أوكتافيان لقب "أغسطس" وبذلك أصبح أول إمبراطور لروما.روما الإمبراطورية (31 قبل الميلاد – 476 ميلادي)كانت الفترة الإمبراطورية الرومانية آخر عهدها، حيث بدأت بصعود أول إمبراطور لها عام 31 قبل الميلاد واستمرت حتى سقوطها عام 476 ميلاديًا، وخلال هذه الفترة، شهدت روما عقودًا من السلام والازدهار والتوسع.وبحلول عام 117 ميلاديًا، بلغت الإمبراطورية الرومانية ذروة اتساعها، ممتدةً على 3 قارات، بما في ذلك آسيا الصغرى وشمال إفريقيا ومعظم أوروبا.في عام 286 ميلاديا، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية، كل منهما يحكمها إمبراطورها الخاص. تعرضت الإمبراطورية الغربية لعدة غزوات قوطية، وفي عام 455 ميلاديا، نهبها الوندال. استمر تراجع روما بعد ذلك حتى عام 476 ميلاديًا، حين انتهت الإمبراطورية الرومانية الغربية.أما الإمبراطورية الرومانية الشرقية المعروفة أكثر باسم الإمبراطورية البيزنطية، فقد استمرت حتى القرن الخامس عشر الميلادي، ثم انهارت عندما استولى الأتراك على عاصمتها القسطنطينية (إسطنبول حاليًا في تركيا) عام 1453 ميلاديًا.عوامل قيام الحضارة الرومانية القديمة:قامت الحضارة الرومانية القديمة نتيجة للعديد من العوامل التي تضافرت لدعم ونمو هذه القوة التي أصبحت ذات سلطة ونفوذ واسع بعد ذلك، ومن أبرز عوامل قيام الحضارة الرومانية القديمة ما يلي:1.الموقع:كان لروما موقع جغرافي مؤثر ومساعد للغاية في عملية بناء الحضارة الرومانية، إذ بُنيت المدينة على 7 تلال، مما وفر لها حماية كبيرة من الغزوات، كما أن كونها قريبة من نهر "التيبر"، سهلت عملية النقل والتجارة والزراعة وغيرها من أشكال بناء الدول والحضارات، بالإضافة إلى أن موقعها في قلب شبه الجزيرة الإيطالية، سهل من التوسع في الجنوب والشمال الذي امتد لمناطق في إفريقيا.2.القوة العسكرية والتنظيماتسمت روما بقدرتها الواسعة على التنظيم وذلك من خلال امتلاكها جيشًا قويًا ومدربًا تدريبًا مميزًا، حيث أدى ذلك إلى توسع الجنود في مناطق مختلفة، بالإضافة إلى أن الرومان طوروا من الإستراتيجيات العسكرية فيما بعد، وتمكنوا من بناء الطرق لنقل القوات بشكل أسرع، مما منحهم سهولة الحركة بين البلدان الأخرى المجاورة، وكان لهم الأفضلية في الحروب على الأعداء.3.النظام السياسي والقانونأدخلت الجمهورية الرومانية المبكرة شكلاً من أشكال الحكم سمح للمواطنين بالمشاركة، ولو إلى حد ما، في صنع القرار. ساعد هذا النظام السياسي على الحفاظ على الاستقرار وعزز الولاء بين الناس، كما طور الرومان نظامًا قانونيًا قويًا، بقوانين مكتوبة مثل "الألواح الاثني عشر"، مما خلق شعورًا بالنظام والعدالة.4.البنية الاجتماعية والمواطنةكانت روما تمتلك مجتمعًا منظمًا بطريقة سمحت بالسيطرة والمرونة، ورغم وجود انقسامات طبقية واضحة، إلا أن فكرة المواطنة امتدت تدريجًا حتى شملت الكثير من الناس والجنسيات المختلفة.وفي ضوء ذلك، أشار الكاتب جون بول فريتز في تقرير نشرته صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية، إلى أن سكان الإمبراطورية الرومانية، كانوا متنوعين، حيث وصلوا إلى الإمبراطورية من أعراق متعددة ومختلفة، والدليل على ذلك أن مركز علم الآثار البيولوجي التابع لمتحف لندن، أثبت أن 22 من الجثث الموجودة في مقبرة جنوب العاصمة الإنجليزية، كانوا من المهاجرين، حيث إن 4 من أصول إفريقية، و2 من أصول آسيوية، و5 من دول حوض البحر الأبيض المتوسط.5.التكيف الثقافيكانت إحدى نقاط قوة روما قدرتها على استيعاب وتكييف، أفكار وتقنيات وعادات الثقافات الأخرى، وخاصةً الإغريق والإتروسكان. فبدلاً من تدمير التقاليد المحلية، دأبت روما على دمجها في ثقافتها الخاصة، وهذا سهل حكم الأراضي المحتلة وشجع على تعاون السكان المحليين.6.النمو الاقتصادي والتجارةطورت روما اقتصادًا قويًا قائمًا على الزراعة والتجارة والعبودية أيضاً، حيث وفرت إمبراطوريتها المتوسعة إمكانية الوصول إلى موارد وسلع وأسواق جديدة، وساعدت الطرق الرومانية والعملات المعدنية ونظام الأوزان والمقاييس الموحد على تعزيز التجارة داخل الإمبراطورية وخارجها.إنجازات الحضارة الرومانيةتوسعت منجزات الحضارة الرومانية لأكثر من 1000 عام، حيث حققت العديد من الإنجازات التي تركت أثرًا مميزًا في العالم، ومن أهم إنجازات الحضارة الرومانية ما يلي:1. القنوات الرومانيةتوسع الرومان في العمارة والهندسة بشكل كبير للغاية، قد يكون سابقًا لعصره، حيث استخدموا الخرسانة لبناء هياكل قوية وطويلة الأمد، وشيّدوا الطرق والجسور والمعابد والطرق والمدرجات وغيرها، ومن أبرز إنجازاتهم؛ بناء القنوات الرومانية.طُورت هذه العجائب الهندسية لأول مرة نحو عام 312 قبل الميلاد، واستخدمت الجاذبية لنقل المياه عبر أنابيب من الحجر والرصاص والخرسانة إلى مراكز المدن، وحررت القنوات الرومانية المدن من الاعتماد على إمدادات المياه القريبة، وأثبتت أنها لا تُقدر بثمن في تعزيز الصحة العامة والصرف الصحي.مع أن الرومان لم يخترعوا القناة، فقد وجدت قنوات بدائية للري ونقل المياه في وقت سابق في مصر وآشور وبابل، إلا أنهم استخدموا براعتهم في الهندسة المدنية لإتقان هذه العملية، وظهرت مئات القنوات في جميع أنحاء الإمبراطورية، بعضها نقل المياه لمسافة تصل إلى 60 ميلاً.2. العمارة الرومانية القديمةلا تزال العديد من المباني الرومانية القديمة مثل البانثيون والكولوسيوم والمنتدى الروماني، قائمة حتى اليوم بفضل تطوير الأسمنت والخرسانة الرومانية، إذ بدأ الرومان البناء بالخرسانة منذ أكثر من 2100 عام، واستخدموها في جميع أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط، من القنوات المائية والمباني إلى الجسور والآثار.كانت العمارة الرومانية أضعف بكثير من نظيرتها الحديثة، لكنها أثبتت متانتها بشكل ملحوظ بفضل وصفتها الفريدة، التي استخدمت الجير المطفأ والرماد البركاني المعروف باسم البوزولانا لتكوين عجينة لزجة، وبدمجه مع الصخور البركانية المعروفة باسم "التوف"، شكّل هذا الأسمنت القديم خرسانة قادرة على تحمل التحلل الكيميائي بفعالية. ساعدت البوزولانا العمارة الرومانية على التماسك بسرعة حتى عند غمرها في مياه البحر، مما أتاح بناء حمامات وأرصفة وموانئ متطورة.3."أكتا ديورن" الصحف الرومانية القديمةعرف عن الرومان مساهمتهم في الخطاب العام من خلال استخدام نصوص رسمية تُفصل القضايا العسكرية والقانونية والمدنية، حيث عرفت هذه الصحف المبكرة باسم "أكتا ديورن" أو "الوقائع اليومية"، وكانت تكتب على المعدن أو الحجر، ثم تنشر في مناطق كثيفة الحركة مثل المنتدى الروماني.يعتقد أن "أكتا ديورن" ظهرت لأول مرة حوالي عام 131 قبل الميلاد، وكانت تتضمن تفاصيل عن انتصارات الجيش الروماني، وقوائم بالألعاب ومباريات المصارعة، وإعلانات المواليد والوفيات، وحتى قصصًا إنسانية. كما وجدت أيضًا "أكتا سيناتوس"، التي تفصل وقائع مجلس الشيوخ الروماني. وقد جرت العادة على حجب هذه الوقائع عن الرأي العام حتى عام 59 قبل الميلاد، عندما أمر يوليوس قيصر بنشرها كجزء من الإصلاحات الشعبية العديدة التي أجراها خلال فترة قنصليته الأولى.4.الضمان الاجتماعي المبكركانت روما القديمة منبعًا للعديد من برامج الحكومة الحديثة بما في ذلك إجراءات دعم الغذاء والتعليم وغيرها من النفقات للمحتاجين، ويعود تاريخ هذه البرامج إلى عام 122 قبل الميلاد، عندما سنّ القاضي "غايوس غراكوس" قانون "ليكس فرومينتاريا"، وهو قانون ألزم حكومة روما بتزويد مواطنيها بحصص من الحبوب بأسعار زهيدة.واستمر هذا الشكل المبكر من الرعاية الاجتماعية في المجتمع الروماني بعهد تراجان، الذي طبق برنامجًا عرف باسم "أليمنتا" للمساعدة في إطعام وكساء وتعليم الأيتام والأطفال الفقراء.وفي نهاية المطاف، أضيفت سلع أخرى مثل الزيت والنبيذ والخبز واللحم، إلى قائمة السلع الخاضعة لرقابة الأسعار، والتي ربما كانت تجمع برموز تسمى "تيسيرا"، وساعدت هذه الصدقات السخية الأباطرة الرومان على كسب ود الشعب، لكن بعض المؤرخين جادلوا بأنها ساهمت أيضًا في تدهور روما الاقتصادي.5.الكتب المجلدةعلى مدار معظم تاريخ البشرية، اتخذ الأدب شكل ألواح طينية ومخطوطات ضخمة، حيث بسط الرومان هذه الوسيلة باختراعهم للمخطوطة، وهي كومة من الصفحات المجلدة تعتبر أقدم تجسيد للكتاب.صُنعت المخطوطات الأولى من ألواح شمعية مجلدة، ولكن استبدلت لاحقًا برق جلد حيواني أشبه بالصفحات بشكل أوضح. يشير المؤرخون القدماء إلى أن "يوليوس قيصر" ابتكر نسخة مبكرة من المخطوطة بتكديس صفحات من ورق البردي لتشكيل دفتر ملاحظات بدائي، ولكن المخطوطات المجلدة لم تحظَ بشعبية في روما إلا في القرن الأول الميلادي أو نحوه.كان المسيحيون الأوائل من تبنوا هذه التقنية الجديدة، واستخدموها على نطاق واسع لإنتاج نسخ من الكتاب المقدس.6.الطرقفي أوج ازدهارها، امتدت الإمبراطورية الرومانية على مساحة تقارب 1.7 مليون ميل مربع، وشملت معظم جنوب أوروبا، ولضمان إدارة فعّالة لهذه المنطقة المترامية الأطراف، بنى الرومان أكثر أنظمة الطرق تطورًا في العالم القديم.شيدت هذه الطرق الرومانية التي لا يزال الكثير منها قيد الاستخدام حتى اليوم، بمزيج من التراب والحصى والطوب المصنوع من الجرانيت أو الحمم البركانية الصلبة، حيث التزم المهندسون الرومان بمعايير صارمة عند تصميم طرقهم السريعة، إذ أنشأوا طرقًا مستقيمة كالسهم منحنية للسماح بتصريف المياه.بنى الرومان أكثر من 50,000 ميل من الطرق بحلول عام 200 ميلادي، وذلك في المقام الأول لخدمة الغزو العسكري، كما سمحت الطرق السريعة للفيلق الروماني بالسفر لمسافة تصل إلى 25 ميلًا في اليوم، كما أتاحت شبكة معقدة من مراكز البريد نقل الرسائل والمعلومات الاستخباراتية الأخرى بسرعة مذهلة.7.القانون الروماني: الألواح الاثنا عشر والقوانين المدنيةالاستدعاء، أمر المثول أمام القضاء، العمل الخيري، الإفادة الخطية، جميع هذه المصطلحات مستمدة من النظام القانوني الروماني، الذي هيمن على القانون والحكومة الغربية لقرون.استند القانون الروماني المبكر إلى الألواح الاثني عشر، وهي مجموعة قوانين شكلت جزءًا أساسيًا من الدستور خلال العصر الجمهوري، واعتمدت الألواح الاثنا عشر لأول مرة نحو عام 450 قبل الميلاد، وفصّلت القوانين المتعلقة بالملكية والدين والطلاق، وحددت العقوبات على كل شيء من السرقة إلى السحر الأسود.وكان "مجموعة القوانين المدنية" أكثر تأثيرًا من الألواح الاثني عشر، وهي محاولة طموحة لتجميع تاريخ القانون في روما في وثيقة واحدة، حيث أنشأ الإمبراطور البيزنطي جستنيان مجموعة القوانين بين عامي 529 و535 ميلاديًا، وضمت مفاهيم قانونية حديثة مثل فكرة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، أصبحت هذه المجموعة أساسًا للعديد من الأنظمة القانونية في العالم، بجانب القانون العام الإنجليزي وقانون الشريعة الإسلامية.8.التطور الطبياخترع الرومان العديد من الأدوات الجراحية وكانوا روادًا في استخدام العمليات القيصرية، لكن أعظم مساهماتهم الطبية جاءت في ساحات المعارك. بقيادة أغسطس، أسسوا فيلقًا طبيًا عسكريًا كان من أوائل وحدات الجراحة الميدانية المخصصة، حيث أنقذ هؤلاء الأطباء المدربون تدريبًا خاصًا أرواحًا لا تُحصى من خلال استخدام ابتكارات طبية رومانية مثل عواصب وقف النزيف ومشابك جراحية شريانية للحد من فقدان الدم.كما أجرى أطباء الميدان الرومان فحوصات طبية للمجندين الجدد، وساهموا في الحد من انتشار الأمراض داخل المجتمع الروماني من خلال الإشراف على النظافة في المعسكرات العسكرية، بل كانوا معروفين بتطهير الأدوات في الماء الساخن قبل استخدامها، مما أدى إلى ابتكار شكل من أشكال الجراحة المطهرة لم يُعتمد بالكامل حتى القرن التاسع عشر.أثبت الطب العسكري الروماني تقدمه الكبير في علاج الجروح وتعزيز الصحة، لدرجة أن الجنود كانوا يعيشون أطول من المواطن العادي على الرغم من مواجهتهم المستمرة لمخاطر القتال.سقوط الحضارة الرومانيةبين عامي 376 و382، خاضت روما سلسلة من المعارك ضد القوط الغزاة، تعرف اليوم باسم "الحروب القوطية"، وفي معركة أدرنة التي وقعت في 9 أغسطس 378، هُزم الإمبراطور الروماني فالنس (حكم بين عامي 364 و378)، ويعتبر المؤرخون هذا الحدث، محوريًا في تراجع الإمبراطورية الرومانية الغربية.طُرحت نظريات مختلفة حول سبب سقوط الإمبراطورية، ولكن حتى اليوم، لا يوجد اتفاق عالمي على ماهية تلك العوامل المحددة، وقد جادل إدوارد جيبون في كتابه الشهير "تاريخ تراجع وسقوط الإمبراطورية الرومانية" بأن المسيحية لعبت دورًا محوريًا، حيث قوّضت الديانة الجديدة الأعراف الاجتماعية للإمبراطورية التي وفرتها الوثنية.وكانت نظرية أن المسيحية كانت السبب الجذري لسقوط الإمبراطورية محل جدل قبل جيبون بوقت طويل، حيث جادل اللاهوتي أوروسيوس (القرن الخامس الميلادي) ببراءة المسيحية من تراجع روما منذ عام 418. زعم أوروسيوس أن الوثنية نفسها والممارسات الوثنية هي السبب الرئيسي لسقوط روما.من العوامل الأخرى المساهمة في سقوط روما:عدم الاستقرار السياسي بسبب حجم الإمبراطورية.المصلحة الذاتية لنصفي الإمبراطورية.غزو القبائل البربرية.الفساد الحكومي.جيوش المرتزقة.الاعتماد المفرط على العمالة المستعبدة.البطالة والتضخم الهائلين.انتهت الإمبراطورية الرومانية الغربية رسميًا في 4 سبتمبر 476، عندما خلع الإمبراطور "رومولوس أوغستولوس" على يد الملك الجرماني أودواكر (مع أن بعض المؤرخين يُرجعون النهاية إلى عام 480 بوفاة يوليوس نيبوس). واستمرت الإمبراطورية الرومانية الشرقية تحت اسم الإمبراطورية البيزنطية حتى عام 1453، ورغم أنها عرفت في البداية باسم "الإمبراطورية الرومانية" فقط، إلا أنها لم تشبه هذا الكيان إطلاقًا.أُعيد اختراع الإمبراطورية الرومانية الغربية لاحقًا باسم الإمبراطورية الرومانية المقدسة (962-1806)، إلا أن هذا المفهوم كان أيضًا مختلفًا تمامًا عن الإمبراطورية الرومانية في العصور القديمة، ولم يكن سوى "إمبراطورية" بالاسم فقط.بماذا اشتهرت الحضارة الرومانية؟بفضل الحضارة الرومانية القديمة، تمتلك روما ثروة من التاريخ والثقافة لاستكشافها، من الكولوسيوم إلى نافورة تريفي والبانثيون إلى المنتدى الروماني، فهذه المدينة واحدة من أكثر المدن شهرة بالمعالم والآثار، وفيما يلي أبرز وأهم معالم الحضارة الرومانية:1. كولوسيوم Colosseumيزخر الكولوسيوم بتاريخ عريق، وهو أحد أشهر المعالم والآثار في روما، يعود تاريخه إلى أكثر من ألفي عام، ويعرف أيضًا باسم "مدرج فلافيان"، وشيد هذا المبني في قلب روما خلال القرن الأول الميلادي، حيث كان يتسع لأكثر من 50 ألف متفرج، واستخدم كساحة لمنافسات المصارعين الأسطورية التي كانت تمتع الجماهير، بالإضافة إلى استخدامها لصيد الحيوانات البرية والعروض العامة وغيره. ويعكس هذا الهيكل شغف الرومان بالترفيه ومهاراتهم المعمارية المتقدمة، وخاصة في استخدام الأقواس والخرسانة.2.المنتدى الروماني Roman Forumهل تعلم أن كلمة "القصر" تأتي من تلة بالاتين بعد أن أنشأ الإمبراطور أغسطس تقليد بناء القصور على التل؟يعد المنتدى الروماني معلمًا هامًا آخر من الحضارة الرومانية، فقد كان بمثابة المركز السياسي والديني والاجتماعي لروما القديمة، وكان يضم بعض المعابد والمباني الحكومية والأسواقً، وكانت تقام فيه فعاليات مهمة كالخطابات العامة والانتخابات والمحاكمات القانونية. ويمثل المنتدى جوهر الحياة العامة الرومانية وتطور أنظمتها القانونية والسياسية.3. البانثيون The Pantheonيعتبر البانثيون أحد أفضل المباني الرومانية القديمة المحفوظة، وكان في الأصل معبدًا لجميع الآلهة، ثم تحول بعد ذلك إلى كنيسة، وتعرف قبته الضخمة ذات الفتحة المركزية، بأنها تحفة من روائع الهندسة الرومانية. يرمز البانثيون إلى عبقرية الرومان المعمارية ومعتقداتهم الدينية.4. كاتدرائية القديس بطرسكاتدرائية القديس بطرس واحدة من أشهر الكنائس في العالم، وتعد مقصدًا للعديد من الزائرين سنويًا، لذا فهي معلم يستحق الزيارة، وتشتهر الكاتدرائية بهندستها المعمارية الرائعة من أبرز معالمها؛ حيث ترك كل من برامانتي، وبيرنيني، ومايكل أنجلو، وماديرنو بصماتهم على المبنى من الداخل والخارج.5. قلعة سانت أنجيلوتقع هذه المعلمة الرومانية الشهيرة وموقعها التاريخي الهام على الضفة الشمالية لنهر التيبر، مُطلة على المدينة كما كانت على مدى ألفي عام، حيث كانت حصنًا منيعًا، حيث تحمي قلعة سانت أنجيلو، أو ضريح هادريان كما يُطلق عليها، المدينة، وهي قبر الإمبراطور السابق، وتتميز بتاريخ عريق وكنز من القطع الأثرية التاريخية التي لا تقدر بثمن في متحفها.6. ساحة نافوناساحة نافونا واحدة من أشهر ساحات روما ومعالم الحضارة الرومانية القديمة، وقد كانت ساحة للتجارة والتبادل التجاري منذ القرن الخامس عشر، عندما نقل السوق المحلي إليها من كامبيدوجليو. وخلال هذه الفترة، شهدت الساحة تحسينات كبيرة وتجديدات باروكية مذهلة، حتى وصلت إلى ما نراه اليوم.في الساحة، يُمكنك رؤية نافورة برنيني الباروكية، ومسلة دوميتيان، والعديد من الكنائس الأخرى المحيطة بها، بالإضافة إلى قصر بامفيلي القريب.للمزيد :-تعريف الحضارة اليونانية(المشهد)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد
