أصاب الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخليَّة، كَبِدَ الحقيقة في معرِض كلمته التي ألقاها في القِمَّة العالميَّة للحكومات 2024، حينما قال إن «الأسرة أوَّلُ شكل من أشكال الحكومة، ومرحلة البناء أو الانحدار تبدأ من قوَّة الأسرة وقيمها، أو ضعفها، فلو ضعفت ستضعف الأجيال المقبلة، ومن ثمَّ ستضعف الدولة».
ولذلك، فللأسرة دورٌ محوريٌّ في حياة البشر، يبدأ من قدرة هذا التكوين الاجتماعي على ضم أفراد متباينينَ من حيثُ القدرات والمهارات العقلية والبدنية بحيث إنهم يُشكِّلون كتلةً مجتمعيَّةً واحدة، وللأسرة فضلًا عَمَّا سَلَفَ- بنيةٌ ذاتُ طبيعةٍ رأسيَّة تعتمدُ فيها على وجود قيادةٍ مركزيَّة تتمثل في الوالدين اللذين يؤديان أدوارَهُما القياديَّةَ المفترضةَ في توجيه باقي أفراد الأسرة في مراحل نموِّهم المبكِّرة، كما أن قيادة الأسرة المركزية تعتمدُ -في كثيرٍ من الأحيان- على بيت الخِبرة العائليِّ المتمثِّلِ في الجَدِّ والجَدَّةِ، أو حتى الأعمام والأخوال المتقدِّمين في السِّن، فهم يملكون الخِبرة الكبيرة والدراية الواسعة والتجرِبة العميقة التي تمثلُ مصدراً ثميناً لاستشاراتٍ قَيِّمَةٍ وملهِمةٍ تُوجِّهُ عمليَّةَ صُنع القرار وتدعمُها في قيادة الأسرة، وبذلك تقدِّمُ لنا الأسرةُ أوَّلَ دروس السياسة عبرَ تَعَرُّفِ أفراد الأسرة الصِّغار أهمَّ أنماط السُّلطة والقوَّة، إذ إنَّ فرض سُلطة الأسرة قواعدَها وقوانينَها العامَّةَ التي تجسِّدُ مبادئها وقيمَها الأصيلةَ التي تتبناها، يبين شكلَ السُّلطة المتجسد فيها، وهو ما يتجلَّى على نحوٍ واضح في هرميَّتها المتسلسلةِ حَسبَ سُلَّمِ السُّلطة التَراتُبيِّ، ومن ثَمَّ تبدأ عملية التنشئة السياسيَّة بتعليم النشء تجلياتِ القوَّة وأنواع السُّلطة في محيطهم العام، فخارج نطاق ممارسة سُلطة الكبار في الأسرة، يحظى الصِّغارُ بتعرُّف أنماط القوَّة في سياقاتٍ أُخرى، مثل المعلِّم في المدرسة، ورجل الشُّرطة في المجتمع، وَبِذلك يتكوَّنُ لدى هؤلاء الصِّغار عقلٌ سياسيٌّ يدرِكُ الفروق العامَّة بين أنواع السُّلطة والقوَّة، وهو عقلٌ مبنيٌّ على معيار عامٍّ يتمثل الثوابَ والعقاب. وبمعنًى آخَرَ تبدأ ملامحُ النظام العامِّ تتشكَّلُ لدى الفرد في مراحلَ مبكِّرةٍ جدًّا نتيجةَ التفاعلات بين مجالات القوة والسُّلطة، التي تُنتِجُ أنماطًا عامَّةً يُضرَبُ بها المثلُ لتحديد سلوك الصِّغار، وتوجيهه نحوَ مختلف الموضوعات في المجتمع.
وعطفاً على ما سَلَف تمثل الأسرةُ أحدَ أهم أركان بناء قوَّة الدول الوطنيَّة، إذ منَ المعلوم أنَّ الأسرة تسهم في تزويد الدول بالقوَّة البشريَّةِ المكوِّنةِ للشَّعب، الذي يمثل أحدَ أهمِّ أركان قيام الدولة الوطنيَّة، إضافةً إلى أن الأسرة، بِوَصفِها منتجاً للقوَّة البشريَّة، تُعَدُّ أحدَ أكبر الداعمين للجيوش الوطنيَّة، فقدرةُ أيِّ دولة، سواء البشريَّةُ أو العسكريَّة، ُ تتمثَّلُ في انتساب مواطنيها إلى كادرها العسكريِّ، ومن ثَمَّ فإنَّ هؤلاء يُسهمونَ بطريقةٍ، أو بأُخرى، في أداء مختلف المهام الحيويَّة في المجتمعات العسكرية خدمةً للدولةِ والمجتمع، ودفاعاً عنهما. وبناءً على ذلك، فإن حالات الحرب التي تُعانيها بعضُ دول العالم ما هي إلا معاناةٌ شديدةٌ وضربةٌ قاصمةٌ لنواة المجتمعات البشريَّة، فالأسرةُ أول من يتضرر منَ العنف والدَّمار الناجمين عن هذه الحروب، وهي أيضاً الخاسرُ الأكبرُ في عمليَّة تنمية المجتمعات وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب، وفي هذا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية