الجيش العراقي... 100 عام بين الوجود والعدم

في البدء جاءت الفكرة لتأسيس جيش من رحم الدولة العراقية الناشئة مطلع القرن الـ20، كانوا ثلة من الحالمين الهاربين من مدرسة الأستانة العسكرية في إسطنبول أيام كانوا رعايا الدولة العثمانية وجنود السلطان، وهكذا ولدت الدولة الجديدة ومعها جيشها.

على عتبات المغامرة

يروي الباحث اللواء مؤيد الونداوي قصة نشوء وانتهاء الجيش العراقي قائلاً "أنشئت مدارس عسكرية في بغداد بقسميها الرشدي والإعدادي مع مدرسة لتدريب نواب الضباط، وأُعد العراقيون في الكلية الحربية بإسطنبول وكان عددهم الأكبر من بين بقية الأقاليم العربية، حتى إنهم تقلدوا مناصب كبيرة وانضم الضباط العراقيون إلى جمعية العهد خلال عام 1913، وكان يتولاها عزيز علي المصري ونوري السعيد وياسين الهاشمي".

ويضيف "شهد عام 1914 الإنزال البريطاني في البصرة، وظل عزيز علي المصري يطالب بالعثور على نوري السعيد والتواصل معه، وعُرف نوري السعيد باشا مؤسس الجيش بذكائه وأعرب عن استعداده لتشكيل قوة عراقية مؤلفة من 40 ألف مقاتل عام 1915، تشمل العراقيين الموجودين في الجيش العثماني وأبناء العشائر، لتسهم في تحرير بلاد ما بين النهرين من العثمانيين".

ويتابع الونداوي "رفض برسي كوكس القائد الإنجليزي وقتها المقترح وأرسل الضابط نوري السعيد منفياً إلى الهند براتب شهري قدره 250 ليرة من موازنة واردات البصرة، ووضعه تحت مراقبة الشرطة البريطانية التي باشرت بتشكيل قوة عسكرية عراقية في الناصرية جنوب العراق بعد اجتياحه جلهم من العرب والكرد وآخرين، عرفت لاحقاً باسم (قوات الليفي) العراقي، ثم اندلعت الثورة الشريفية نسبة إلى الشريف حسين بن علي الهاشمي- عام 1916، والتحق الضباط العراقيون بها في البداية ومنهم جعفر باشا ونوري السعيد وجميل المدفعي ومخلص باشا، مما تسبب في قيام بريطانيا عام 1916 بتكليف المقدم ليجمن بنقل الضباط العرب الأسرى من الهند إلى مصر لتنظيم التحاقهم بجيش الثورة العربية".

ويستطرد "التقى بهم نوري السعيد في ميناء ينبع ليحفزهم على الالتحاق بالثورة، غير أن بعضاً وافق وآخرين رفضوا، وتولى مولود مخلص عام 1916 مهمة تدريب المتطوعين وأسس اللواء الهاشمي الأول وكان نواة الجيش الهاشمي، وتقلد الضباط العراقيون المناصب المتقدمة فيه، وتولى نوري السعيد رئاسة أركان جيش الثورة العربية، وجعفر العسكري قيادة الجيش الشمالي، وأصبح جميل الراوي آمر لواء، وجميل المدفعي قائد سلاح المدفعية، وجندت بريطانيا ألفاً من الأثوريين (أصلهم الآشوريين) اللاجئين في معسكر بعقوبة، لتستخدمهم عام 1919 في تدمير مناطق الزيبار وبارزان الكردية شمال البلاد، وبهدف إحكام سيطرتها على الدولة الفتية عملت إدارة المندوب السامي في بغداد خلال العام نفسه على تأسيس دوائر الشرطة العراقية (دائرة التحقيقات الجنائية) ومديريات الشرطة في الألوية العراقية، وأوكلت مهمة إخماد ثورة مدينة تلعفر في شهر مايو (أيار) من ذلك العام لجميل المدفعي النينوي الذي يقود قوة "شريفية" ويدخل المدينة، ثم تولى بعدها إخماد ثورة دير الزور وجرى تعيين مخلص باشا حاكماً على المنطقة".

الجيش والنخبة السياسية

يضيف الونداوي بعداً آخر من حياة الجيش العراقي وعلاقته بالسياسة، فيقول "أما في شأن النخبة السياسية في بغداد عام 1920 والمتمثلة بآل السويدي وآل الصدر وعلاقاتها مع الضباط العراقيين في الشام، فقد تولت إدارتها مسؤولة الاستخبارات في بغداد الآنسة الإنجليزية غيرترود بيل التي كانت تسافر إلى سوريا وتلتقي ياسين باشا، وتعود لتدعو حكومتها إلى تعجيل عودة الضباط (البغادة) لأنهم لا يمانعون نظام الانتداب البريطاني على العراق الذي أقرته عصبة الأمم، وبموجبه تولت بريطانيا مهام السياسة الخارجية والدفاع عن العراق ضد العدوان الخارجي، إذ سيكون الجيش العراقي لأغراض حفظ الأمن الداخلي، وفي الـ11 من يوليو (تموز) 1921 بايع مجلس الوزراء فيصل بن الحسين الهاشمي ملكاً على العراق، وفي الـ23 من أغسطس (آب) عام 1921 تم تتويجه ملكاً".

ويتابع "لكن الأمور كلها انقلبت في يونيو (حزيران) 1920، وكان الدور للضباط العراقيين في قيام الثورة العراقية الكبرى (ثورة الـ20 وقرار 30)، مما اضطر الحكومة البريطانية لتأسيس الحكم الأهلي في العراق للمرة الأولى منذ الحكم العثماني وإزاحة العقيد ولسن وإعادة السير بيرسي كوكس والسماح بعودة الضباط (البغادة) من سوريا في عشرينيات القرن الماضي، عملاً بنصيحة المس بيل التي لعبت دوراً مهماً في برمجة السياسة العراقية الحديثة، وفي مارس (آذار) 1920 انعقد مؤتمر القاهرة ومن مقرراته تأسيس الجيش العراقي، وكان جعفر باشا مشاركاً فيه".

وخلال نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1920، وفق الونداوي، تشكلت الوزارة "الكيلانية" الأولى، إذ تولى فيها جعفر العسكري وزارة الدفاع وطالب النقيب للداخلية، وكانت خطوات جعفر باشا لتأسيس الجيش العراقي الجديد تتلخص في المباشرة بالتحاق رفاقه من الضباط للعمل معه، والقيام بترتيب القوانين والنظم العسكرية بدعم الضباط البريطانيين، ثم تحديد حاجة العراق من الأسلحة والمعدات.

الدور البريطاني

قامت بريطانيا بحل "قوات الليفي" العراقية وقوامها (7000 عنصر ودعتهم للانضمام إلى الجيش العراقي الجديد عام 1921 لتؤسس مقابلهم "قوة ليفي" جديدة (7500 مقاتل) غالبيتهم من الأقلية الأثورية لتستخدمهم لحاجاتها الأمنية والعسكرية. ويقول الونداوي "في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 1921 تشكلت نواة الجيش العراقي من 10 ضباط ممن كانوا في الجيش الحجازي، وازداد العدد مع قدوم بقية الضباط الذين كانوا مع فيصل في سوريا حتى بلغ العدد 206 ضباط، والتحق بهم الضباط العراقيون الذين كانوا مع الجيش العثماني، وأيضاً الضباط العراقيون ممن أُسروا وكان العدد 313 ضابطاً، وهكذا أضحى عددهم 519 ضابطاً".

اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أبريل (نيسان) 1921 أنشئت مدرسة تدريب الضباط الأقدمين، وخلال يونيو 1921 بوشر تسجيل المتطوعين، وشُكل الفوج الأول للجيش في بغداد خلال يوليو 1921 باسم "فوج موسى الكاظم" ومقره الكاظمية في بغداد بمنطقة خان الكابولي، ثم نقل إلى محافظة الحلة ليحل محل الحامية البريطانية، وشكلت كتيبة الخيالة الأولى ومن تشكيلاتها الحرس الملكي، وفي عام 1923 كانت الخطة الحكومية زيادة عدد القوة العراقية إلى 6 آلاف جندي لتأمين حدود العراق في مواجهة أخطار تركية محتملة وفرض الأمر.

وحين دخل العراق عصبة الأمم عام 1932 كان عدد الجيش 549 ضابطاً و9320 ضابط صف (جندياً) و794 تابعاً وهم الأشخاص المدنيون، ولديه 22 مدفعاً و9299 بندقية و1553 سيفاً و111 رشاشة نوع "فيكرس" و137 رشاشة نوع "لويس" و13 طائرة. ثم قامت بريطانيا عام 1932 بحل "قوات الليفي" الأثورية، والاحتفاظ بألف منهم وأسرهم لحراسة قواعدها الجوية في العراق، وفق الونداوي.

الجيش بعد الملك

خلال عام 1933 توفي أول حكام العراق الحديث الملك فيصل الأول بن الشريف حسين، مما فتح الباب على مصراعيه لتدخل الجيش في السياسة وبدأت صفحة الصراع بين قادته وأمرائه،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ ساعتين
منذ 17 دقيقة
منذ 4 ساعات
منذ ساعة
منذ 6 ساعات
منذ ساعتين
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة الغد منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة يورونيوز منذ 7 ساعات
قناة يورونيوز منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 11 ساعة