شهدت أسعار البيتكوين انخفاضاً حاداً، إذ تراجعت إلى ما دون 100 ألف دولار للبيتكوين الواحد، بعد أن بلغت أعلى مستوى لها عند نحو 110 آلاف دولار في وقتٍ سابق من هذا الشهر. الانخفاض المفاجئ الذي وصل إلى 98,836.54 دولاراً حتى وقت كتابة هذا التقرير، جاء بالتزامن مع التوترات في الأسواق المالية نتيجة قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإصلاح سياسة التشفير والمخاوف من تحركات الاحتياطي الفيدرالي المستقبلية. سجّلت البيتكوين، أكبر عملة مشفرة في العالم، مستوى قياسياً بلغ 109,588 دولاراً في 20 يناير كانون الثاني، مدفوعاً بآمال المستثمرين تجاه سياساته المؤيدة للعملات الرقمية. لكن خيبة أمل السوق في اليوم الأول من رئاسته، عندما لم تشمل أوامره التنفيذية قرارات ملموسة بشأن العملات المشفرة، أدّت إلى تراجع العملة لاحقاً إلى مستويات أقل. رغم ذلك، فإن الوعد بجعل الولايات المتحدة مركزاً عالمياً للعملات المشفرة، بالإضافة إلى تعيين بول أتكينز، المؤيد للابتكار في قطاع التشفير، على رأس هيئة تنظيم الأسواق المالية، يعزّز التوقعات الإيجابية.
تأثير قرارات ترامب في العملات الرقمية منذ فوزه في الانتخابات، دفع ترامب إلى تغيير جذري في سياسات العملات الرقمية، إذ أصدر أوامر بإنشاء مجموعة عمل وطنية مخصصة لدراسة تنظيم البيتكوين والعملات المشفرة واستكشاف إمكانية بناء مخزون وطني من العملات الرقمية. هذه التحركات، التي كانت تهدف لتعزيز سيطرة الولايات المتحدة على سوق العملات الرقمية، أثارت قلق المستثمرين الذين يخشون من التدخل الحكومي المباشر في القطاع. بالإضافة لذلك، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً يحظر على الاحتياطي الفيدرالي تطوير عملة رقمية مشفرة، مؤكداً على رفضه أي تحرك نحو عملات رقمية مركزية تصدرها الحكومة. هذه السياسة تتناقض مع توجه الإدارة السابقة التي كانت تنظر إلى العملات الرقمية كأداة لتعزيز الشمول المالي وتحديث النظام النقدي. كما أشار ترامب مؤخراً إلى نيته الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة قائلاً، «مع انخفاض أسعار النفط، سأطالب بخفض فوري لأسعار الفائدة، وينبغي أن يحدث ذلك في جميع أنحاء العالم». وتشير توقعات السوق إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيترك أسعار الفائدة دون تغيير هذا الأسبوع يوم الأربعاء، عندما يجتمع في أول اجتماع سياسة نقدية له منذ تولي ترامب منصبه، على الرغم من أن ترامب قال إنه يريد من بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة. البيتكوين وسوق الأسهم والذكاء الاصطناعي البيتكوين، التي غالباً ما تتحرك بشكلٍ متوازٍ مع أسهم التكنولوجيا عالية النمو، تأثرت بشدة نتيجة موجة بيع واسعة في السوق.. هذه الموجة أثارها الارتفاع السريع في شعبية تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek، الذي يُعتبر منافساً لمنصات مثل أوبن إيه آي بفضل كفاءته العالية وقلة اعتماده على الرقائق المتقدمة. المحلل المالي آدم كبيسي صرّح على منصة إكس (تويتر سابقاً)، «الابتعاد عن المخاطر هو السمة الرئيسية حالياً مع تصاعد المخاوف من DeepSeek»، وأضاف أن هذا أدّى إلى انخفاضٍ كبيرٍ في أسعار العملات المشفرة، بما في ذلك عملة سولانا المنافسة للإيثريوم، التي تراجعت بنسبة 10 في المئة. الاحتياطي الفيدرالي وتوقعات الأزمة المالية المستثمر والمحلل البارز آرثر هايز حذّر من «أزمة مالية» وشيكة قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي لاستئناف سياسات التيسير الكمي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع البيتكوين إلى 250 ألف دولار بحلول نهاية العام. ومع ذلك، من المتوقع أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأول منذ تولي ترامب منصبه.
التأثير الأوسع: هل تواجه الأسواق أزمة شاملة؟ ارتفاع ديون الولايات المتحدة التي تجاوزت 34 تريليون دولار في أوائل 2024، إلى جانب المخاوف من التضخم الذي بلغ 9.1 في المئة في 2022، أضاف ضغوطاً إضافية على الأسواق، وبينما يحذّر الخبراء من دوامة اقتصادية قد تعصف بالاقتصاد الأميركي، نظل البيتكوين والعملات الرقمية الأكثر تأثراً بهذه الأزمات. إلى جانب ذلك، يُتوقع أن تسهم خطط ترامب في تعزيز مكانة العملات المشفرة في النظام المالي التقليدي. ووفقاً لسوزانا ستريتر من هارغريفز لانزداون، «سياسات ترامب قد تكون سيفاً ذا حدين، فهي تقدّم وعوداً كبيرة لكنها تأتي مع مخاطر تضخم وعدم استقرار مالي». في ظل هذه التقلبات، يراقب المستثمرون تطورات الأوضاع بعناية، وسط توقعات متباينة بين استمرار الهبوط أو انتعاش كبير إذا تم ضخ مزيد من الأموال في الأسواق.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
