في ظل تزايد الغموض بشأن التزام الولايات المتحدة تجاه أوروبا، ناقش مسؤولون كبار في البنوك المركزية الأوروبية والهيئات التنظيمية المصرفية في جلسات غير رسمية إمكانية فقدان الوصول إلى التمويل بالدولار الأميركي في أوقات الأزمات، وفق ما نقلته وكالة رويترز عن ستة مصادر مطلعة على المحادثات. رغم أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لم يُظهر أي إشارات توحي بأنه سيعلق أو يغير سياسة دعم التمويل بالدولار، فإن الثقة الأوروبية بدأت تهتز بعد تحركات إدارة الرئيس دونالد ترامب، خصوصاً مع قراراته المثيرة للجدل بشأن الرسوم الجمركية ومواقفه الداعمة لروسيا وتشكيكه في الالتزامات الأمنية للولايات المتحدة تجاه حلفائها.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وذكرت المصادر أن بعض المسؤولين الأوروبيين باتوا يطرحون تساؤلات بشأن ما إذا كانت إدارة ترامب قد تمارس ضغوطاً على الفيدرالي لوقف دعم التمويل بالدولار، وهو سيناريو لا يزال يُنظر إليه على أنه غير مرجح، لكنه ليس مستبعداً تماماً.
لا بديل فعلي عن الفيدرالي بحسب المسؤولين، فإن النتيجة الأبرز لهذه النقاشات هي أن أوروبا لا تملك بديلاً فعالاً حالياً عن الاحتياطي الفيدرالي في توفير السيولة بالدولار في أوقات التوتر.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وفي أزمات سابقة، مثل أزمة كريدي سويس في 2023، لعب الفيدرالي دوراً حاسماً بتوفير عشرات المليارات من الدولارات للبنك المركزي السويسري، ما سمح بدعم السيولة وتفادي انهيار أكبر كان من الممكن أن يهز النظام المالي العالمي.
قلق خاص بشأن التمويل قصير الأجل بالدولار وفقاً لدراسة حديثة أجراها البنك المركزي الأوروبي، فإن نحو 17 في المئة من تمويل البنوك في منطقة اليورو بالدولار، وهو ما يجعل استمرار الوصول إلى خطوط التمويل الفيدرالية أمراً بالغ الأهمية.
وقال أحد المصادر إن بعض المخاوف تدور بشأن ديون البنوك الأوروبية قصيرة الأجل بالدولار، والتي قد تصبح نقطة ضعف حاسمة في حال تعرضت تلك البنوك لقيود مفاجئة على السيولة.
تعقيدات سياسية ومخاوف مؤسسية رغم أن الفيدرالي الأميركي يُعد مؤسسة مستقلة وخاضعة للمساءلة أمام الكونغرس، فإن أربعة من أصل ستة مصادر أعربوا عن قلقهم من أن إدارة ترامب قد تكثف ضغوطها مع مرور الوقت، بما يؤدي إلى تغيير في سلوك البنك المركزي، حتى دون المساس باستقلاليته بشكل مباشر.
ورفض الفيدرالي التعليق على هذه المخاوف، كما امتنع البيت الأبيض عن الرد على استفسارات رويترز.
لا إشارات رسمية لكن الاستعداد جارٍ أكد خمسة مسؤولين كبار في البنوك المركزية بمنطقة اليورو أن هذه النقاشات لم تأتِ نتيجة إشارات رسمية من الفيدرالي أو قيادة البنك المركزي الأوروبي، بل تُجرى في إطار المجموعات الفنية التي تستعرض المخاطر المحتملة للنظام المالي.
ورغم عدم وجود خطر داهم، فإن القلق من احتمال تراجع التعاون الدولي من جانب الولايات المتحدة يبقى دافعاً لهذه النقاشات التي يتوقع أن تنتقل قريباً إلى مستوى أكثر رسمية في الاجتماعات الأوروبية.
في جلسة استماع في البرلمان الأوروبي، قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إن العلاقة مع الفيدرالي «لم تتغير» منذ تولي ترامب منصبه في يناير كانون الثاني، محاولة طمأنة الأسواق دون التقليل من حدة القلق.
تداعيات محتملة عالمية أجمع المسؤولون الأوروبيون الذين تحدثوا مع رويترز على أن تعليق خطوط التمويل بالدولار سيكون له أثر مدمر على الأسواق العالمية، وقد يؤدي إلى تراجع هيمنة الدولار ويزيد من تكاليف تمويل الدين الأميركي نفسه، ما يجعل السيناريو غير محبذ حتى من جانب واشنطن.
رغم ذلك، يبدو أن أوروبا بدأت في وضع خطط احتياطية بهدوء، تحسباً لمرحلة تتغير فيها القواعد التقليدية التي لطالما حكمت النظام المالي العالمي.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية