عند منتصف الليل كل يوم في بولونيا، إيطاليا، تبدأ صفوف من الحواسيب العملاقة داخل مصنع تبغ سابق بمعالجة ملايين القياسات للتنبؤ بكيفية تغيّر الطقس على كوكب الأرض. وبعد ست ساعات، يستيقظ متداولو الطاقة في جميع أنحاء أوروبا ويحدّثون متصفحاتهم للحصول على أحدث التوقعات. وغالباً ما تكون هذه التنبؤات، التي تنتجها الحواسيب العملاقة، العامل الرئيسي الذي يساعدهم على تحقيق الأرباح من خلال معرفة أين ومتى يجب نقل الطاقة عبر شبكة الكهرباء. ولكن نموذجاً جديداً يعتمد على الذكاء الاصطناعي يهدد بجعل هذه الطريقة التقليدية قديمة.
وعلى عكس عمليات محاكاة الطقس التقليدية، التي تعتمد فقط على البيانات القادمة من الأقمار الاصطناعية والمستشعرات وما شابه، فإن نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد، الذي طوره المركز الأوروبي للتنبؤات متوسطة المدى، يعتمد أيضاً على البيانات التاريخية.
وقبل إطلاقه في أواخر الشهر الماضي، اختبر المركز النموذج الجديد مقابل نموذجه التقليدي الذي يُنتج في بولونيا، ووجد أن الذكاء الاصطناعي توقع درجات الحرارة وهطول الأمطار وسرعات الرياح والأعاصير المدارية بدقة أكبر، وكل ذلك مع استهلاك طاقة حاسوبية أقل. ومن المتوقع أن يساعد هذا النموذج المتداولين في أوروبا وحول العالم على اتخاذ قرارات أسرع في أسواق الطاقة والغاز الطبيعي، التي تتأثر بشكل كبير بالطقس القاسي والجغرافيا السياسية والتقلبات في مصادر الطاقة المتجددة. كما أنه تقنية يمكن أن تساعد في تقليل فائض الطاقة ونقصها في القارة الأسرع احتراراً في العالم، بالإضافة إلى توفير معلومات حاسمة لتحديد مواقع بناء مزارع الرياح والطاقة الشمسية. وقال دانيال بوروب، الرئيس التنفيذي لشركة التداول الدنماركية InCommodities A/S «يمكننا تحديث معلوماتنا بوتيرة أسرع مما اعتدنا عليه بفضل التقدم في نماذج الطقس المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تحسين توقعاتنا، مما يمكننا من تحسين عملنا وتوزيع الطاقة بشكل أكثر كفاءة».
مثل توقعاته التقليدية، فإن النظام الجديد الذي طوره المركز الأوروبي للتنبؤات متوسطة المدى - وهو أول نموذج ذكاء اصطناعي يتم إصداره من قبل مركز رئيسي للتنبؤات - يقدّر درجات الحرارة وسرعات الرياح وإنتاج الطاقة الشمسية قبل أسبوعين من حدوثها. ولكن دقته المحسّنة تعني أن الشركات وصناع القرار يمكنهم التحرك بشكل أسرع في اتخاذ القرارات المتعلقة بالطقس، بدءاً من إلغاء خدمات القطارات إلى توجيه السفن بعيداً عن العواصف، وإرسال الشاحنات لنثر الرمال على الطرق المتجمدة، وفقاً للمركز.
يمكن أن يكون هذا المستوى من التنبؤ بالغ الأهمية لإدارة تقلبات السوق. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أدى الإنتاج القوي من محطات الطاقة الشمسية في ألمانيا إلى دفع أسعار الكهرباء إلى ما دون الصفر في عدة دول. وكان ذلك عكس ما حدث في بداية العام، عندما تسببت فترة من الطقس الغائم والرياح الهادئة، تُعرف باسم «دونكلفلاوت» (Dunkelflaute)، في انخفاض إنتاج الطاقة المتجددة وارتفاع أسعار الكهرباء في ألمانيا. يمثل هذا التطور تحولاً جذرياً عن النهج التقليدي، الذي يعتمد على استخدام الحواسيب العملاقة لمعالجة ملايين القياسات لإنشاء صورة فيزيائية دقيقة عن الغلاف الجوي، ومن ثم التقدم في الزمن للتنبؤ بكيفية تغيّر الطقس. وقال «فلوريان بابنبرجر»، نائب المدير العام للمركز الأوروبي والمشرف الرئيسي على التنبؤات الجوية: «البيانات المناخية والطقسية مشكلة ضخمة تتعلق بالبيانات الكبيرة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية