التأشيرات الذهبية.. استثمار دولي يعيد رسم خريطة الهجرة العالمية

في ظل تشديد الرقابة على الهجرة غير الشرعية، تتجه العديد من الدول إلى تقديم برامج التأشيرة الذهبية، التي تتيح للأجانب الحصول على الإقامة أو حتى الجنسية مقابل استثمار مالي. هذا التوجه، رغم الجدل، أصبح وسيلة فعالة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتحفيز الاقتصاد في أوقات الأزمات.

ويقول المنتقدون إنها تُرسّخ عدم المساواة بإعطاء الأغنياء فرصاً تُحرم منها جهات أخرى، ويؤكدون أن الجنسية والإقامة حقّان أساسيان لا ينبغي بيعهما للأثرياء.

ما هي التأشيرة الذهبية؟

تُعرف التأشيرة الذهبية عادةً باسم «الإقامة بالاستثمار»، وهي تتيح للأفراد الحصول على إقامة مؤقتة أو دائمة في بلد ما للعيش والعمل فيه، قد تشمل الاستثمارات شراء منزل، أو تأسيس شركة، أو التبرع.

في بعض الحالات، لا يُطلب من المشتري الإقامة بشكل دائم في البلاد، ما يجعل التأشيرات خطة بديلة مفيدة للأشخاص الذين يريدون خيار السفر إلى تلك الأماكن، ولكن ليس لديهم نية الانتقال إليها بشكل دائم.

ما هو جواز السفر الذهبي؟

وفق «بلومبرغ» الحصول على الجنسية الكاملة عن طريق الاستثمار أمر نادر، وقد تكون فوائده أكبر، شراء جنسية في دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، مثل مالطا، يعني أنه يمكنك العمل والسفر والدراسة في جميع دول الاتحاد السبع والعشرين.

البطاقة الذهبية الأميركية

في فبراير 2025، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مشروع «البطاقة الذهبية»، الذي يمنح الإقامة ومساراً للجنسية الأميركية مقابل 5 ملايين دولار.

وصرّح وقتها بأن المبالغ ستُستخدم لسد عجز الميزانية، وأن الشركات يمكنها أيضاً شراء البطاقة نيابة عن موظفيها الأجانب، وتأتي هذه الخطوة كبديل لبرنامج تأشيرات EB-5.

سبب شعبية التأشيرات الذهبية

بعض هذه البرامج قائم منذ عقود كوسيلة فعّالة للحكومات لجمع الأموال وتشجيع الاستثمار الأجنبي. أطلقت كندا برنامجها الفيدرالي للمستثمرين المهاجرين في ثمانينيات القرن الماضي.

عبر المحيط الأطلسي، اكتسبت التأشيرات الذهبية شعبيةً خلال أزمة الديون الأوروبية، عندما بدأت حفنة من الدول ببيع إقاماتها سعياً لجذب الأموال الأجنبية وسد عجز الموازنة، وكانت البرتغال وأيرلندا واليونان والمجر من بين تلك الدول، بعد حصولها على خطط إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وفق «بلومبرغ».

اليوم، تُعتمد أشكال مختلفة من برامج التأشيرات في جميع أنحاء أوروبا ودول العالم. أحيانًا، يخلص عدد كبير من المعارضين الصريحين إلى أن سلبياتها (مثل ارتفاع أسعار المنازل، وغياب مالكي المنازل، واتهامات الفساد) تفوق إيجابياتها، فتتخلى عنها الحكومات.

وفي الآونة الأخيرة، ازدادت شعبية برنامج التأشيرة الذهبية البرتغالية لدى المستثمرين الأميركيين.

التكاليف والمتطلبات

مع تزايد التدقيق، ارتفعت التكاليف في العديد من الدول، فالحصول على تأشيرة ذهبية في اليونان أو البرتغال يتطلب مئات الآلاف من اليوروهات.

أما الحصول على جنسية في دول الكاريبي أو عبر برنامج ترامب الجديد في أميركا، فقد يتطلب استثماراً يتجاوز 5 ملايين دولار.

على سبيل المثال، بدأت البرتغال عام 2012 بمنح تأشيرات ذهبية للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي الراغبين في إنفاق ما لا يقل عن 500 ألف يورو (557 ألف دولار أميركي) على عقار، أو الاستثمار في صندوق استثماري، أو تأسيس شركة وتوفير فرص عمل، وفي وقت لاحق، خُفِّض شرط الاستثمار العقاري إلى 350 ألف يورو.

في عام 2013، بدأت اليونان وإسبانيا، والمجر برامجها الخاصة للتأشيرة الذهبية، حيث تقدم تصاريح الإقامة في مقابل الاستثمارات العقارية.

ووفق «بلومبرغ»، اجتذب البرنامج مليارات اليوروهات إلى سوق العقارات، وحظي بشعبية كبيرة لدى المستثمرين الصينيين لدرجة أن لوحات الإعلانات في مطار لشبونة، التي تُعلن عن عقارات فاخرة، كُتبت باللغة الصينية.

وبعيداً عن أوروبا، أوقفت أستراليا في يناير 2024 طلبات الأفراد الذين يستثمرون أكثر من 5 ملايين دولار أسترالي (3.5 مليون دولار أميركي) في البلاد كجزء من إصلاح أوسع لسياسة الهجرة يهدف إلى جذب المزيد من المهاجرين المهرة.

ما مدى صعوبة الحصول عليها؟

في حين أنه لم يعد من الممكن في البرتغال الحصول على التأشيرة الذهبية عن طريق شراء العقارات السكنية، إلا أن بعض الخيارات لا تزال متاحة: الاستثمار في صندوق استثماري مؤهل بقيمة 500 ألف يورو على الأقل، أو أنشطة البحث العلمي، أو الاستثمار في رأس مال شركة تخلق خمس فرص عمل، أو تحافظ على 10 وظائف.

منذ الأول من سبتمبر، رفعت اليونان الحد الأدنى للمبلغ الذي يتعين على مشتري العقارات الأجانب دفعه للحصول على التأشيرة الذهبية إلى 400 ألف يورو، (وتخطط الحكومة أيضاً لتوسيع نطاق برنامج التأشيرة الذهبية ليشمل المستثمرين الراغبين في استثمار ما لا يقل عن 250 ألف يورو في الشركات الناشئة المحلية).

وتشهد تكلفة الحصول على الجنسية عن طريق الاستثمار ارتفاعاً في منطقة البحر الكاريبي، حيث تشكل مثل هذه البرامج أكثر من نصف الإيرادات الوطنية لبعض الدول الجزرية الصغيرة.

تسمح بعض جوازات السفر الكاريبية بالسفر دون تأشيرة إلى المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي كجزء من اتفاقات ثنائية، وقد أعربت الجهات التنظيمية الأوروبية عن قلقها من أن تُشكّل هذه البرامج بوابةً للمجرمين. لذا، تضغط الحكومات الأوروبية على دول الكاريبي لتقييدها.

وفي مخالفة لهذا التوجه، أعلنت نيوزيلندا في أوائل فبراير الماضي أنها ستخفف متطلبات برنامج التأشيرة الذهبية، في محاولة لجذب المهاجرين الأثرياء والمساعدة على تحفيز الانتعاش الاقتصادي بعد الركود الحاد في عام 2024، وتشمل الخطط إلغاء اختبار اللغة الإنجليزية، وتوسيع نطاق الاستثمارات المقبولة، وتعديل مدة إقامة المستثمرين في البلاد.

وشهدت الدولة اهتماماً كبيراً ببرنامج التأشيرة الذهبية من الولايات المتحدة وأوروبا حيث دفعت التوترات الجيوسياسية المتزايدة الأثرياء إلى النظر في الخيارات في الخارج، وفقاً لوزيرة الهجرة إيريكا ستانفورد.

ويمكن الحصول على جواز السفر الذهبي من خلال استثمار كبير في بلد ما أو دفع مبلغ للحكومة المضيفة، قد تمنح بعض الدول الجنسية للمتقدمين الحاصلين على تأشيرة ذهبية لعدة سنوات، 5 سنوات في حالة البرتغال.

ومن الدول الأخرى التي تُقدّم برامج مماثلة مصر والأردن والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية والنمسا، وفقاً لشركة «هينلي» وشركاه الاستشارية ومقرها لندن.

وتخطط دولة ناورو النائية الواقعة في المحيط الهادئ لتقديم جوازات سفر ذهبية بقيمة 140.500 دولار على الأقل للمساعدة على تغطية تكلفة نقل السكان من المنازل المنخفضة المهددة بارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 17 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 3 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعة
قناة العربية - الأسواق منذ 11 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 36 دقيقة
قناة العربية - الأسواق منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 14 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 17 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات