في عالم تُعرّف فيه الاقتصادات عادةً ضمن نماذج جاهزة، اشتراكية أو رأسمالية أو اقتصادات سوق أو اقتصادات مخطّطة، تقدّم الإمارات حالة مختلفة تماماً، هذا ما تؤكد عليه غايان أفريكيان، كبيرة المستشارين الاقتصاديين في المكتب الإعلامي الوطني، والتي ترى أن النموذج الإماراتي لا يمكن وضعه في أي إطار نظري تقليدي، لأنه تشكّل عبر عقود من التطور المتدرّج، وبقي متجذراً في منظومة قيم محلية تضع رفاهية الإنسان وتوزيع الدخل العادل في صلبها. نموذج اقتصادي فريد الجذور والمسار

تشير أفريكيان إلى أن ما يعرف اليوم بـ«المعجزة الاقتصادية الإماراتية» ليس وليد السنوات الأخيرة، بل تعود جذوره إلى ما قبل تأسيس الدولة نفسها، فقد بُني نموذج التنمية هنا على مبدأين أساسيين: الازدهار للناس، وتوزيع الدخل كقيمة اجتماعية واقتصادية ثابتة، وبرأيها، هذا الثبات في القيم ساعد على تجنب التحولات الحادة، وجعل مسار النمو مستقراً ومتدرجاً عبر مراحل مختلفة.

وتضيف أن شرح هذا النموذج للعالم يبدأ من الداخل، من حياة المقيمين أنفسهم، لأن التغيير الحقيقي ينعكس على تفاصيل حياتهم اليومية وكيف تطورت الخدمات وفرص العمل وأنماط العيش، فالإمارات -كما تقول- دولة يسهم المقيمون فيها بنسبة كبيرة من خلق الازدهار، إذ يشكلون نحو 90% من السكان.

اقتصاد متنوع بالكامل

توضح أفريكيان أن التنويع الاقتصادي ليس شعاراً، بل حقيقة رقمية، حيث تجاوزت حصة الاقتصاد غير النفطي 77% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول منتصف العام، وترى أن هذا التحول الكبير لم يكن صادماً للناس، لأنهم عاشوا خطواته تدريجياً على مدى سنوات، سواء في دخول الذكاء الاصطناعي إلى الخدمات، أو توسع القطاعات الجديدة، أو تحديث البنية التحتية.

وتصف التجربة الإماراتية بأنها انتقال طبيعي نحو اقتصاد متعدد المحركات، لم يشعر فيه الناس بالغربة أو القلق، لأن التطور ظل متواصلاً وليس فجائياً، ما حافظ على ثقة المجتمع واستعداده للتغيير.

دور قمم مثل BRIDGE في تفسير النموذج للعالم

تؤكد أفريكيان أن فهم هذا النموذج الفريد يتطلب منصة تجمع مختلف أقطاب

صناعة الإعلام وصنّاع الرسائل الاقتصادية في مكان واحد، وهذا بالضبط ما تقدمه قمة BRIDGE، التي ترى أنها تلعب دوراً محورياً في خلق تواصل حقيقي بين مختلف مكوّنات المشهد الإعلامي، الذي غالباً ما يكون مجزّأ بين قطاعات لا تتفاعل مع بعضها.

وتوضح أن كثيرين من المشاركين يزورون الإمارات للمرة الأولى، ويبدي معظمهم دهشة من مستوى الأمان والازدهار وسهولة الحياة، وتعتبر أن جزءاً من دور الإعلام هو نقل هذه الصورة للعالم كما هي، لأن النموذج الاقتصادي الإماراتي لا يمكن التعبير عنه فقط بالأرقام، بل بواقع يلمسه الناس على الأرض.

وتضيف أن الذكاء الاصطناعي، الذي يثير مخاوف في دول كثيرة، لم يكن غريباً على الناس هنا، لأنهم مرّوا عبر مراحل تطبيقه تدريجياً حتى بات جزءاً طبيعياً من حياتهم اليومية وخدماتهم الحكومية.

هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية