الفلاح: الحوار المهيكل صُنع في مكاتب البعثة وليس بين الفاعلين الحقيقيين. #الساعة24

انتقد الباحث السياسي، علام الفلاح، آلية تنظيم الحوار المهيكل، معتبراً أن بعض الأطراف المشاركة لا ترغب في أن تكون دمية داخل حوار تديره بعثة دولية وفق أهوائها على حد تعبيره.

وأوضح الفلاح في حديث لتلفزيون «المسار»، رصدته «الساعة 24»، أنه تواصل مع البعثة الأممية منذ أكثر من شهرين، مؤكداً لهم أنه في حال كان الهدف فعلاً هو إخراج ليبيا من أزمتها، فإن الحوار يجب أن يضم الأطراف الحقيقية الموجودة على الأرض، والتي يتراوح عددها بحسب وصفه بين ستة أو سبعة أطراف فاعلة فقط.

وأشار إلى أن ما يُسمّى بالحوار المهيكل يضم أشخاصاً قادمين من عواصم خارجية مثل لندن وجنيف ونيويورك، بعضهم يترأس أحزاباً صورية لا يتجاوز عدد أعضائها بضعة أشخاص، متسائلاً عن مدى شرعية تمثيلهم للشعب الليبي. ورأى أن الحوار الحقيقي يجب أن يكون بين المتصارعين والمتنافسين داخل البلاد، لا بين أطراف معزولة عن الواقع الليبي.

وشدد الفلاح، على أن ليبيا لا تمتلك أحزاباً سياسية حقيقية قادرة على التأثير في الشارع أو توجيه الرأي العام، واصفاً ما يجري بأنه هراء، لا يعكس الإرادة الشعبية، بل يعتمد على شخصيات تنشط عبر صفحات في وسائل التواصل الاجتماعي أو تنشر بعض المقالات، ليتم اختيارها لاحقاً من قبل البعثة.

كما وجّه الفلاح، اتهامات للبعثة الأممية بالفساد، معتبراً أن الرشوة أصبحت وسيلة معروفة للتأثير على اختيار المشاركين في لجان الحوار، حيث يمكن بحسب قوله لأي شخص يمتلك المال والعلاقات أن يجد له موطئ قدم داخل الحوار، دون أن يكون ممثلاً حقيقياً لليبيين. معتبراً أن سهولة الدخول إلى مسار الحوار لا تعني بالضرورة الشرعية أو التمثيل الحقيقي، مشدداً على أن أغلب المشاركين لا يعكسون تطلعات الشارع الليبي ولا يعبرون عن قضاياه الفعلية.

وتابع الفلاح: ما يُعرف بـ الحوار المهيكل لم يكن مبادرة وطنية حقيقية، بل فكرة طرحها موظفون داخل البعثة الدولية، وجرى عرضها على رئيسة البعثة التي وافقت عليها، بهدف استقطاب دعم الأمم المتحدة والبعثة الدولية للحصول على تمويل يقدّر بعشرة ملايين دولار لإدارة هذا الحوار.

وأوضح أن البعثة لم تتمكن من الحصول على المبلغ المطلوب، نتيجة خفض الولايات المتحدة مساهماتها بأكثر من 60 في المئة، ما دفع القائمين على المبادرة إلى التواصل مع عدد من السفراء، مشيراً إلى أن دولة قطر قدمت تمويلاً بقيمة ثمانية ملايين دولار. واعتبر أن الهدف من هذا التمويل كان مالياً بحتاً، لا أكثر ولا أقل بحسب تعبيره.

ورأى أن مخرجات هذا الحوار إن صدرت لن تغيّر من الواقع شيئاً، واصفاً المشاركين فيه بـ شهود زور ، خاصة في ظل استبعاد القضايا الجوهرية، وعلى رأسها توحيد الحكومة ومعالجة أسباب الانقسام السياسي والاقتصادي، بما في ذلك ازدواجية الصرف ووجود حكومتين وسياسات نقدية ومالية متضاربة، وهو ما اعتبره السبب الرئيسي في تفاقم الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار وسعر الدولار.

وأشار الفلاح، إلى أن البعثة شددت منذ البداية على أن الحوار غير ملزم، معتبراً أن هذا النهج يشبه تجربة اللجنة الاستشارية السابقة، التي على حد قوله استمرت لأشهر من دون نتائج ملموسة، بينما استفاد موظفو البعثة من التمويل المخصص للحوار.

كما اتهم البعثة بإدارة عملية اختيار المشاركين بطريقة غير شفافة، موضحاً أنها أرسلت رسائل إلكترونية لعدد من الشخصيات للمشاركة في جلسات حوارية واستطلاعات رأي، وجمعت نحو 1800 بريد إلكتروني قديم، ثم طالبت بتقديم العدد نفسه من المشاركين، متسائلاً عن مدى تمثيل هذه القوائم للمؤسسات الأكاديمية والبلديات، ومشككاً في مشاركة شخصيات من جامعة أو بلدية بنغازي.

وشدد الفلاح، على أن الملف السياسي الليبي لا يدار عبر مسار واحد، مؤكداً أن بعثة الأمم المتحدة ليست الفاعل الوحيد، بل هي جزء من منظومة أوسع تضم مسارات وخططاً متعددة، إلى جانب أدوار فاعلة لدول إقليمية ودولية لكل منها وجهة نظرها الخاصة.

ووجّه، نداءً مباشراً إلى السفارة القطرية في طرابلس، معرباً عن شكره لدولة قطر على تبرعها بمبلغ ثمانية ملايين دولار لدعم مسار الحوار، لكنه شدد على أن هذه الأموال شابها الفساد وسوء الإدارة. وأوضح أن جزءاً من المبلغ صُرف في تغطية مرتبات ومكافآت متأخرة للبعثة، إضافة إلى تسديد مستحقات بعض الفنادق في طرابلس وتونس، مؤكداً أن الحسابات موجودة ويمكن مراجعتها لدى مصرف السرايا لمعرفة أوجه الصرف بدقة.

وأضاف أن البعثة الأممية واجهت أزمة داخلية بعد توقف الدعم الأميركي، ما أدى إلى فتنة داخلية على حد وصفه داعياً إلى توضيح هذه الحقائق للرأي العام الليبي وللأشقاء القطريين، ومؤكداً أن للبعثة روايات مختلفة لا تعكس بحسب قوله الواقع الفعلي.

وانتقد علام الفلاح، أداء اللجنة الاستشارية، موضحاً أن قراراتها لم تُعتمد رسمياً، وأن مخرجاتها جرى تجاهلها وأصبحت مجرد وثائق تاريخية بلا أثر عملي. كما استبعد إمكانية انتقال البعثة أو إنهاء دورها بسهولة، معتبراً أنها تملك أدوات ضغط تُستخدم لإدارة حوارات وصفها بأنها شكلية ومتكررة دون نتائج ملموسة.

وفي مقارنة مع تجارب دولية أخرى، أشار الفلاح، إلى ما جرى في العراق بعد أكثر من 24 عاماً من وجود بعثات دولية، معتبراً أن انسحابها ترك البلاد منقسمة، ومثقلة بالأزمات، محذراً من تكرار السيناريو نفسه في ليبيا إذا استمر النهج الحالي. وأكد أنه لا يتوقع اندلاع حرب شاملة في ليبيا، معتبراً أن هناك قراراً دولياً يمنع ذلك، رغم إقراره بإمكانية ممارسة ضغوط محدودة على بعض المجموعات المسلحة، وشدد على أن الحل يكمن في حوار بنّاء تشارك فيه الأطراف المتنفذة فعلياً على الأرض.

وانتقد تعطيل هذا الحوار البناء من قبل البعثة، مطالباً بإطار حوار جديد قائم على طاولة خماسية أو سباعية بضمانات دولية حقيقية، تشارك فيها دول فاعلة مثل تركيا، الولايات المتحدة، إيطاليا، فرنسا، مصر، الإمارات، وتونس، لضمان تنفيذ مخرجات الحوار وعدم تعطيلها من أي طرف داخلي.

وفيما يخص السلطة التنفيذية، رأى الفلاح، أن الوصول إلى حكومة واحدة تقود إلى الانتخابات يتطلب توافقاً دولياً وإقليمياً، مشيراً إلى أن بعض الشخصيات الحالية، وعلى رأسها عبد الحميد الدبيبة، دخلت في صراعات حادة وفقدت القبول الشعبي والسياسي، في ظل اتهامات بالفساد والاستبداد وارتباط الحكومة بحوادث اغتيال، بحسب تعبيره.

ورأى أن الخيارات البديلة، المتمثلة في شخصيات أقل تصادماً وخالية من الصراعات، قد تكون أكثر قدرة على قيادة المرحلة المقبلة وتحقيق الاستقرار، معتبراً أن مصلحة ليبيا تقتضي تغيير النهج الحالي والذهاب إلى حل سياسي شامل بضمانات دولية واضحة. وبينّ الفلاح إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تدعم ما أسماها مسرحية تيتيه ، مؤكدًا أن واشنطن تعارض هذا الحوار، وتحرص على حوار بين الأطراف المتنفذة فقط.

ورأى الفلاح، أن الملف الليبي لا يزال تحت إدارة الديمقراطيين في الولايات المتحدة، وأن المسار الحالي متأثر بسياساتهم. لكنه أعرب عن توقعاته بانفراج الوضع الليبي عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن يوم 26 ديسمبر الجاري، موضحًا أن الملفات المطروحة تشمل ليبيا والسودان، وأن تدخل الرئيس دونالد ترامب قد يسهم في وضع حلول عملية وسياسية للوضع الليبي.

وأردف: أن الهدف الأساسي يكمن في إيجاد حكومة بديلة تؤدي إلى إجراء الانتخابات، مؤكدًا أن النقاش يجب أن يركز على تقديم حلول عملية بعيدًا عن المسرحيات السياسية أو اتهامات الفساد غير الدقيقة.

كما دعا الفلاح، الأطراف الليبية إلى العمل على تشكيل حكومة واحدة تضم تكنوقراط مستقلين بعيدين عن الصراعات والأجندات الحزبية أو الدينية، معربًا عن أمله في أن تلعب الضغوط الشعبية على الأطراف الموجودة دورًا في تحقيق هذا الهدف، ليتمكن الليبيون من التوصل إلى حل سياسي شامل ومستدام.

وأكد أن الحل السياسي للأزمة الليبية لن يأتي من الاجتماعات الشكلية بين المجالس، بل من خلال التوافق بين الأطراف المسيطرة على الأرض، كما حدث في مؤتمرات برلين الأول والثاني. مشيرا أن المحادثات بين مجلسي النواب والدولة في جنيف لن تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة قادرة على حل الأزمة، واصفًا الجهود الحالية بأنها تهريج واستخفاف بالعقول الليبية .

وفيما يتعلق بالفساد، شدد الفلاح، على أن اتهاماته ليست شخصية، موضحًا أن الحكومة الحالية بقيادة الدبيبة فاسدة وأنه من غير الممكن الدفاع عنها. مشيرا إلى أن الأموال العامة لم تُستثمر بشكل فعال منذ عام 2014، محذرًا من استمرار تهميش الموارد المالية للدولة. وقال: قدمنا كل البيانات والدعوات للحساب، فليحسبوا الستين مليار التي استحوذنا عليها، والتسعمية مليار في طرابلس منذ عام 2014 حتى الآن .

وأضاف الفلاح، أن السلطات الليبية ليست لديها سيطرة على المصرف المركزي أو مؤسسة الاستثمار، والتي تضم نحو مئتي مليار، ولا على الودائع المالية التي استنفدت أو سُرقت بالكامل، مؤكدًا أن المجموعات المتنفذة في طرابلس تسيطر على كل هذه الأموال. مشددًا على أن السلطة الفعلية للأموال العامة تحت سيطرة محدودة للغاية وأن الدولة تعمل على إدارة الموارد المتاحة بأقصى قدر ممكن.


هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من الساعة 24 - ليبيا

منذ 58 دقيقة
منذ 4 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
وكالة الأنباء الليبية منذ 10 ساعات
تلفزيون المسار منذ ساعتين
ج بلس منذ 8 ساعات
عين ليبيا منذ ساعة
ج بلس منذ 9 ساعات
تلفزيون المسار منذ 6 ساعات
تلفزيون المسار منذ 21 ساعة
عين ليبيا منذ 11 ساعة