أكد المحلل السياسي، صلاح البكوش، أن الحوار المهيكل لا علاقة له بالمسارات السابقة مثل اتفاقيات جنيف أو الصخيرات، مشيراً إلى أن هذه المسارات السابقة كانت بين أطراف سياسية ذات وجود رسمي وشرعية انتخابية، على عكس الحوار المهيكل الذي يضم أشخاصاً تم اختيارهم من قبل بعثة الأمم المتحدة دون تمثيل رسمي للأجهزة السياسية.
وأوضح البكوش في حديث لقناة التناصح ، رصدته الساعة 24 أن الحوار الذي جرى في الصخيرات كان بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام فقط، حيث اختار كل طرف وفده بنفسه، وتم الاتفاق على تعديلات دستورية وتشكيل حكومة، في حين أن الحوار الحالي يضم 120 شخصاً تم اختيارهم من قبل البعثة، بما في ذلك أربعة أشخاص من مجلس الدولة لم يتم اختيارهم من المجلس ذاته.
وأكد البكوش، أن البعثة أوضحت أن نتائج الحوار المهيكل لن تكون ملزمة سياسياً، وهو ما أصر عليه مجلس النواب، لافتاً إلى أن الحوار سيقتصر على تقديم توصيات تقنية تتعلق بالاقتصاد والأمن والحكومة، وليس على اتخاذ قرارات سياسية.
وأضاف: الوضع صعب، ولا نعرف حتى أسماء الأعضاء ومعايير اختيارهم، وما نراه في الجلسات يثير الحيرة حول أسباب اختيار بعض الأشخاص.
وأشار البكوش، إلى أن هذا الحوار ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن جرى في 2018 تحت إشراف المبعوث السابق، غسان سلامة، حيث شمل 77 لقاءً في 44 مدينة وقرية، وشارك فيه أكثر من مليون ونصف ليبي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن ذلك الحوار أسفر عن تقرير من 75 صفحة ركز على المبادئ العامة مثل وحدة ليبيا والنظام الديمقراطي المدني، في حين أن الحوار المهيكل الحالي يركز على تفاصيل تقنية محددة مثل الاقتصاد والحوكمة والإدارة الأمنية.
وتوقع ألاّ يصدر عن هذا الحوار أي نتائج سياسية، مشيراً إلى أن طبيعته تختلف عن الحوارات الوطنية السابقة، ويقتصر على توصيات تقنية وإجرائية.
وبشأن خارطة الطريق الأممية، أكد البكوش أن إعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات تُعد جزءًا أساسيًا من خارطة الطريق التي نصّت على توافق مجلسي النواب والدولة على القوانين الانتخابية وفقًا لتوصيات اللجنة الاستشارية، مع مراعاة المعايير الدولية.
وأشار إلى أن القوانين الانتخابية السابقة، التي قدمتها لجنة 6+6 كانت مثار انتقاد نظرًا لعدم توافقها مع هذه المعايير. لافتاً إلى أن القانون الحالي ينص على ضرورة إجراء جولة ثانية للانتخابات حتى في حال حصول المرشح على نسبة 99.9% في الجولة الأولى، مما يعكس صرامة الإجراءات الانتخابية المقررة.
كما أشار البكوش، إلى أن نتائج الانتخابات البرلمانية لن تُعلن في حال لم تكتمل الانتخابات الرئاسية، مؤكّدًا أن ذلك قد يؤدي إلى اعتبار الانتخابات النيابية لاغية رغم مشاركة المواطنين في التصويت، وهو ما دفع إلى المطالبة بإصلاح القانون وإعادة تشكيل المفوضية.
وحول الجدول الزمني، أوضح البكوش، أن المفترض أن تستغرق عملية تعديل القوانين الانتخابية وإعادة تشكيل المفوضية شهرين، وفق ما أفادت به البعثة الأممية لمجلس الأمن، إلا أن هذه الفترة تجاوزت الآن أربعة أشهر دون أي تقدم يذكر. وأضاف أن الخلاف الحالي يتمحور بين المجلسين، حيث رفض مجلس النواب إعادة تشكيل المفوضية واستمرار المجلس الحالي للإدارة، بهدف المحافظة على التوازن داخل المجلس وفق مصالحه.
ورأى البكوش، أن أي تقدم نحو توحيد الحكومة لا يمكن أن يتم إلا بعد تعديل القوانين الانتخابية وإعادة تشكيل المفوضية العليا للانتخابات، وأبان أن هذا الشرط يعد أساسيًا في خارطة الطريق. مشيرا إلى أن المبعوثة الأممية ستتوجه لمجلس الأمن قريبًا لتوضيح التأخير في تنفيذ هذه الخطوات، بعد أن مر أكثر من أربعة أشهر دون أي تقدم ملموس، بما يشكل عائقًا أمام استكمال العملية السياسية وفق الجدول المخطط له.
وأكد البكوش، أن بعثة الأمم المتحدة ليست مخوّلة بحل الأزمة الليبية، وأن ولايتها القانونية تقتصر على مساعدة الأطراف الليبية في البحث عن حلول، لا تقديم حلول جاهزة. موضحا أن الأزمة رهينة بتقاطعات الدول الكبرى التي تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يجعل القرارات معقدة ومتأثرة بالمصالح الدولية المتباينة. وأضاف أن المواقف الدولية غالباً ما تكون متبادلة، حيث يحدث التوافق على ليبيا مقابل تسهيلات في مناطق أخرى مثل أوكرانيا أو سوريا.
وحسب البكوش، فإن حل الأزمة الليبية، لا يمكن أن يتحقق إلا عبر أمرين محددين: إما اتفاق دولي شامل، وهو أمر مستبعد، أو اتفاق ليبي داخلي يضم كافة الأطراف، بما في ذلك النظام السابق، وأن أي اتفاق يجب أن يشمل مشاركتهم.
ولفت البكوش، إلى أن أي خطوات متعلقة بالانتخابات أو تغيير الحكومة مرتبطة بالاتفاق بين مجلسي النواب والدولة، مشدداً على أن أي فشل في هذا الاتفاق يعني عدم حدوث أي تقدم ملموس، بينما نتائج الحوار المهيكل، مهما كانت، تبقى غير ملزمة ولا تؤثر على الواقع السياسي مباشرة.
ورأى أن الحوار المهيكل قد يستمر لشهرين أو ثلاثة، بينما مجلسي النواب والدولة لا يزالان عالقين في نقاش القوانين الانتخابية وتغيير المفوضية، وهو ما يمثل عائقًا أمام تقدم العملية السياسية.
هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا
