الكاديكي: بنغازي تشهد تحولًا استراتيجيًا ملموسًا في مسار التنمية والإعمار. #الساعة24

قال المستشار والخبير في مجال التنمية الاستراتيجية، خالد الكاديكي، إن مدينة بنغازي تشهد تحولًا لافتًا على مستوى البناء والتطوير الاستراتيجي، مدعومًا بإدارة فعّالة ورؤية واضحة للتنمية الاقتصادية والخدمية، مشيرًا إلى أن ما تحقق على أرض الواقع يعكس انتقال المدينة إلى مرحلة جديدة في مسار الإعمار والتنمية الشاملة.

وأوضح الكاديكي، في حديث لقناة «ليبيا الحدث»، رصدته «الساعة 24»، أن نسبة الإنجاز في مشاريع صندوق الإعمار بلغت نحو 60%، وهي إنجازات باتت واضحة للعيان في مختلف أنحاء المدينة، لافتًا إلى أن عددًا كبيرًا من المشاريع أصبح في مراحله النهائية من الناحيتين الهندسية والفنية، مضيفاً أن ما نراه اليوم هو وجود إدارة استراتيجية حقيقية تشرف على استكمال المشاريع المصممة والمعتمدة لمدينة بنغازي، سواء تلك التي هي قيد التنفيذ أو المدرجة ضمن خطط التطوير الشاملة.

وأكد الكاديكي أن المرحلة المقبلة ستركز على التشغيل والإدارة، موضحًا أن الخطوة الثانية بعد الإنجاز العمراني تتمثل في إدارة وتشغيل المستشفيات والفنادق والمرافق الخدمية التي ستدخل الخدمة قريبًا في بنغازي. كما أشار إلى أن هذه المرحلة تمثل ركيزة أساسية في مسار التنمية، مؤكدا على أن هذه المشاريع لا تقتصر أهميتها على البنية التحتية فقط، بل تشكل قاعدة حقيقية لتنمية اقتصادية مستدامة، تسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز مكانة بنغازي كمدينة محورية على المستويين الاقتصادي والخدمي.

وقال الكاديكي إن الحديث عن تحقيق عوائد اقتصادية حقيقية من مشاريع الإعمار لا يمكن أن يتم إلا عند الانتقال من مرحلة البناء والتشييد إلى مرحلة التشغيل الفعلي والإدارة الاحترافية، مؤكدًا أن ما تشهده بنغازي اليوم يمثل نموذجًا واضحًا لهذا التحول المرتقب.

وأوضح أن المدينة تشهد حاليًا إنشاء عدد كبير من المرافق الصحية الحيوية، من بينها نحو أربع مستشفيات جديدة ذات سعات كبيرة وتصاميم حديثة، تخدم بنغازي والمناطق المجاورة لها، وتمتد خدماتها إلى كامل المنطقة الشرقية، باعتبار بنغازي مدينة محورية وحيوية على مستوى البلاد، لافتا إلى أن من بين هذه المشاريع مستشفيات كبرى بسعة سريرية تصل إلى نحو 740 سريرًا، تشمل مستشفى النساء والولادة والأطفال وجراحة الأطفال، إضافة إلى مستشفى متخصص في علاج الأورام بمنطقة سيدي فرج، وجميعها مصممة وفق أحدث المعايير الطبية العالمية، ومجهزة بتقنيات متطورة تواكب المستشفيات الحديثة.

وشدد المستشار والخبير في مجال التنمية الاستراتيجية، على أن التحدي الحقيقي لا يكمن في البناء فقط، بل في الإدارة التشغيلية، موضحًا أن التجارب السابقة، مثل مستشفى بنغازي الطبي الذي افتتح عام 2006 بسعة 1200 سرير، أظهرت أن غياب الإدارة المتخصصة والعقود الواضحة للصيانة والتدريب والتطوير يؤثر سلبًا على استدامة الأداء وجودة الخدمات.

وبين الكاديكي أن صندوق الإعمار يعوّل بشكل كبير على هذه المرحلة، حيث سيتم بعد استكمال أعمال الإنشاء الانتقال إلى التعاقد مع شركات استراتيجية كبرى ذات خبرة طويلة في قطاع الصحة، لتتولى مهام التشغيل والإدارة والصيانة والتطوير، بما يضمن تقديم خدمات طبية متقدمة وتحقيق عوائد اقتصادية ملموسة ومستدامة.

ولفت الكاديكي إلى أن إنشاء مستشفيات كبيرة وضخمة في بنغازي، وتطويرها وتشغيلها وفق معايير طبية عالمية غير مسبوقة في ليبيا، يمثل خطوة مهمة لتحسين واقع القطاع الصحي ووضع حد لمعاناة المواطن، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف العلاج والتنافس المتزايد مع القطاع الخاص، موضحا أن هذا التوجه يمكن أن يسهم في إحداث توازن حقيقي في المنظومة الصحية إذا ما تم التعامل معه برؤية شاملة تقوم على محورين أساسيين: التشغيل الفني المتطور، والإدارة الاقتصادية الرشيدة، وأضاف أنه يوجد أجهزة طبية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية الحديثة، لكن المشكلة تكمن في نقص التدريب، حيث شاهدنا في معارض طبية حديثة عدم قدرة عدد كبير من الأطباء على استخدام هذه الأجهزة بالشكل الصحيح، مبينا أن غياب التدريب يؤدي إلى تعطّل أجهزة باهظة الثمن داخل بعض المستشفيات، ما يمثل هدرًا للمال العام ويؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطن.

كما شدد الكاديكي على ضرورة تحقيق توازن اقتصادي يراعي دخل المواطن، موضحًا أن تكلفة الأجهزة الطبية التي قد تصل إلى ثلاثة أو أربعة ملايين تنعكس بشكل مباشر على أسعار الخدمات الصحية، وهو ما لا يستطيع المواطن تحمّله في ظل المرتبات الحالية، موضحا أنه لا بد من إدارة حكيمة ورشيدة للقطاع الصحي، تضمن خدمات صحية مناسبة وبأسعار تتماشى مع دخل المواطن، دون الإخلال بجودة الخدمة، وأشار إلى أن الشركات المشغّلة تسعى بطبيعتها لتحقيق الربح، وهو حق مشروع، إلا أن ذلك يستوجب تدخل الدولة عبر دعم مباشر لقطاع الصحة، سواء بالمساهمة في المرتبات أو بتخصيص منح ودعم مالي لتخفيف العبء عن المواطن.

وأكد المستشار والخبير في مجال التنمية الاستراتيجية، أن المشاريع الصحية الكبرى لا يمكن تقييمها بمنطق الربح والخسارة فقط، موضحًا أنها مشاريع وطنية بالدرجة الأولى، هدفها خدمة المواطن وحماية صحته قبل أي اعتبارات اقتصادية.

كما شدد على أهمية الاستعانة بشركات عالمية متخصصة في مجالات البيئة والصحة، خاصة فيما يتعلق بتدوير النفايات الطبية والتعقيم ومكافحة البكتيريا، مشيرًا إلى أن سوء التشغيل الفني قد يؤدي إلى تلف أجهزة بملايين الدولارات، كما حدث في تجارب سابقة. ولفت إلى أن مستشفيات مثل الجلاء خرجت عن الخدمة نتيجة تقادم بنيتها التحتية وارتفاع معدلات البكتيريا، بعد أن خدم المستشفى المدينة والمنطقة الشرقية لأكثر من أربعين عامًا، مؤكدًا أن إيقافه للصيانة الشاملة كان أمرًا حتميًا.

وأكد أن المستشفيات العامة يجب أن تظل مجانية للمواطنين، أسوة بما هو معمول به في الدول الأوروبية، معتبرًا أن العلاج المجاني، كالتعليم المجاني، حق أساسي لا يجوز المساس به. وأوضح أن المستشفيات الجديدة تُعد مستشفيات طبية تعليمية، تجمع بين تقديم الخدمة العلاجية وتدريب طلبة الطب والخريجين، وفق معايير حديثة تضم مراكز وقاعات تدريب متخصصة.

وفي ختام حديثه، شدد الكاديكي على أن الاستثمار في القطاع الصحي يُعد ركيزة أساسية لتعزيز الاقتصاد الوطني والحد من الاعتماد على العلاج في الخارج، وأوضح أن امتلاك دولة لمنظومة صحية قوية ينعكس إيجابًا على أداء جميع مؤسساتها، ويضمن استمرارية عجلة الاقتصاد حتى في أوقات الأزمات، مؤكدًا أن العلاج الجيد يعني خدمات أفضل، واقتصادًا أقوى، واستقرارًا أشمل.


هذا المحتوى مقدم من الساعة 24 - ليبيا

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من الساعة 24 - ليبيا

منذ 53 دقيقة
منذ 51 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 23 دقيقة
منذ ساعتين
عين ليبيا منذ 15 ساعة
عين ليبيا منذ 7 ساعات
عين ليبيا منذ 7 ساعات
الساعة 24 - ليبيا منذ 6 ساعات
تلفزيون المسار منذ 17 ساعة
وكالة الأنباء الليبية منذ 5 ساعات
عين ليبيا منذ 11 ساعة
تلفزيون المسار منذ 23 ساعة