لم تعد كلفة الفساد تُقاس فقط بالملايير التي تُهدر من المال العام، بل باتت، في نظر فاعلين سياسيين وحقوقيين، تُقاس أيضاً بعدد الأرواح التي تُزهق في فواجع متكررة، كان آخرها فاجعة مدينة آسفي التي خلّفت 37 قتيلاً، في واحدة من أكثر الكوارث إيلاماً خلال السنوات الأخيرة.
في هذا السياق، قالت البرلمانية فاطمة التامني، في تصريح لصحيفة أشعاري، إن ما وقع في آسفي ليس مجرد حادث طبيعي عابر، بل نتيجة مباشرة لفشل السياسات العمومية، وغياب الإرادة الحقيقية لوضع الإنسان في صلب القرار العمومي .
وأضافت التامني أن ما يزيد من عمق المأساة هو أن الضحايا أرواح بريئة لا ذنب لها سوى أنها منحت ثقتها لمنتخبين ومسؤولين أخلفوا الموعد، ولم يجعلوا سلامة المواطنين أولوية ، مشددة على أن الفساد اليوم لم يعد مجرد أرقام في تقارير رسمية، بل صار واقعاً دموياً.
وترى البرلمانية أن مدينة آسفي، خصوصاً أحيائها القديمة، معروفة تاريخياً بقابليتها للتأثر بالفيضانات، وبوجود وديان ومسالك مائية تشكل خطراً حقيقياً عند التساقطات المطرية، معتبرة أن غياب التدابير الاستباقية، واستمرار البنية التحتية المهترئة، يعكس إخفاقاً واضحاً في التخطيط الحضري وتدبير المخاطر .
وأشارت التامني إلى أن كميات الأمطار التي سُجلت لم تكن استثنائية إلى درجة تبرر هذه الخسائر البشرية، ما يطرح، حسب قولها، أسئلة جوهرية حول مدى جاهزية المدينة، وحول السياسات التي كان من المفترض أن تُعطي الأولوية لإعادة التهيئة والوقاية بدل الاكتفاء بردود الفعل بعد وقوع الكارثة.
وفي تشخيصها لأسباب ما جرى، ربطت المتحدثة بين هذه الفواجع ومنظومة فساد بنيوية تُقدَّم فيها الصفقات، وتضارب المصالح، والولاءات السياسية، على حساب كرامة الإنسان وسلامته ، معتبرة أن غياب الحكامة الجيدة جعل عدداً من المدن المغربية عرضة لكوارث كان بالإمكان تفاديها.
وختمت التامني تصريحها بالتأكيد على أن المغرب يعيش مفارقة مؤلمة ، حيث يُتحدث كثيراً عن كلفة الفساد بالملايير، بينما يتم التغاضي عن كلفته الأخطر، وهي أرواح الأبرياء التي تُزهق بسبب الإهمال، وسوء التدبير، وانعدام المحاسبة .
هذا المحتوى مقدم من أشطاري 24
