يعمل مسؤولون كبار في وزارة الحرب الأميركية البنتاجون على إعداد خطة تقلص دور عدد من القيادات الرئيسية للجيش الأميركي، وتُعيد توزيع موازين القوة بين كبار قادته، في إطار عملية توحيد واسعة يسعى إليها الوزير بيت هيجسيث، وفق ما ذكره أشخاص مطلعون لصحيفة واشنطن بوست .
وتوقعت الصحيفة أن تُحدث الخطة، إذا جرى اعتمادها، بعضاً من أكبر التغييرات في أعلى الرتب العسكرية منذ عقود، في خطوة تُنفّذ جزئياً تعهد هيجسيث بـ كسر الوضع القائم ، وتقليص عدد الجنرالات ذوي الأربع نجوم في الجيش.
وتقضي الخطة بتقليص نفوذ القيادة المركزية الأميركية الوسطى سنتكوم ، وقيادتي الجيش الأميركي في أوروبا EUCOM، وإفريقيا أفريكوم ، من خلال وضعها تحت إشراف منظمة جديدة تُعرف باسم القيادة الدولية الأميركية ، بحسب خمسة أشخاص مطلعين على التفاصيل.
ومن المتوقع أن يقدم رئيس هيئة الأركان المشتركة، دان كين، تفاصيل الخطة المقترحة، التي لم يُكشف عنها من قبل، إلى هيجسيث خلال الأيام المقبلة.
وقال الأشخاص المطلعون، إن هذه الخطوات ستكمل جهوداً أخرى تبذلها الإدارة لنقل الموارد من الشرق الأوسط وأوروبا، والتركيز بالدرجة الأولى على توسيع العمليات العسكرية في نصف الكرة الغربي.
وذكرت واشنطن بوست ، أن الأشخاص المطلعين تحدثوا إليها شريطة عدم كشف هوياتهم، لمناقشة الجهود قبل عرضها على الوزير.
وقال فريق هيجسيث في بيان، إنهم لن يعلّقوا على نقاشات داخلية متداولة أو مسائل لم تُتخذ قرارات بشأنها بعد .
وأضاف البيان، أن أي تلميح إلى وجود انقسام بين المسؤولين بشأن القضية غير صحيح تماماً، فجميع العاملين في الوزارة يعملون لتحقيق الهدف نفسه في ظل هذه الإدارة .
ولم يشارك البنتاجون سوى القليل من التفاصيل مع الكونجرس، وهو نقص في التواصل أثار استياء أعضاء لجنتي القوات المسلحة في مجلسي الشيوخ والنواب، اللتين يسيطر عليهما الجمهوريون، بحسب شخصين مطلعين على استعدادات اللجنتين للتعامل مع المقترح.
وقال مسؤولون إن كبار الضباط في القيادات المعنية ينتظرون بدورهم مزيداً من التفاصيل.
وتدعو الخطة أيضاً إلى إعادة تنظيم القيادتين الجنوبية والشمالية للولايات المتحدة، اللتين تشرفان على العمليات العسكرية في أنحاء نصف الكرة الغربي، ووضعهما تحت مقر جديد سيُعرف باسم قيادة الأميركتين Americom، وفق أشخاص مطلعين على الأمر. وكانت شبكة NBC News، قد أفادت بهذا التصور في وقت سابق من العام الجاري.
ولفت أشخاص مطلعون، إلى أن مسؤولي البنتاجون ناقشوا أيضاً، إنشاء قيادة أميركية للقطب الشمالي تتبع قيادة الأميركتين ، إلا أن هذه الفكرة تبدو وقد جرى التخلي عنها.
ومن شأن هذه التحركات مجتمعة، أن تقلص عدد القيادات العسكرية العليا، المعروفة باسم القيادات القتالية ، من 11 إلى ثماني قيادات، مع خفض عدد الجنرالات والأدميرالات من ذوي الأربع نجوم الذين يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى هيجسيث.
وستبقى قيادات مقاتلة أخرى، هي القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ والقيادة السيبرانية وقيادة العمليات الخاصة وقيادة الفضاء والقيادة الاستراتيجية وقيادة النقل.
وأشار الأشخاص المطلعون على الخطة، إلى أنها تتماشى مع استراتيجية الأمن القومي لإدارة الرئيس دونالد ترمب، التي صدرت هذا الشهر، وتنص على أن أيام حمل الولايات المتحدة النظام العالمي بأكمله على كتفيها، كما أطلس، قد ولّت .
وأعد المقترح فريق الأركان المشتركة في البنتاجون، تحت إشراف، دان كين، ومن المقرر عرضه على هيجسيث، هذا الأسبوع، بوصفه المسار المفضل للعمل بين كبار القادة العسكريين.
وقال مسؤول دفاعي كبير مطلع على النقاش، إن الخطة انبثقت من طلب قدمه هيجسيث في الربيع الماضي، للبحث عن سبل تحسين كيفية قيادة القوات والسيطرة عليها، مضيفاً أنه ظل على تواصل مع رئيس هيئة الأركان المشتركة بشأن القضية خلال الأشهر الماضية.
ويتطلب أي تغيير في القيادات الأميركية موافقة هيجسيث وترمب. وستُدرج هذه التحركات ضمن خطة القيادة الموحدة للبنتاجون، التي تحدد أدوار القيادات العسكرية الرئيسية.
خطوة استثنائية
واتخذ المشرعون في الكونجرس، خطوة استثنائية بإلزام البنتاجون بتقديم مخطط تفصيلي يوضح التكاليف المحتملة لإعادة التنظيم وتأثيراتها على تحالفات الولايات المتحدة.
وينص الإجراء، المدرج في مشروع قانون السياسة الدفاعية السنوي للكونجرس، على حجب التمويل اللازم لتنفيذ الخطة إلى ما لا يقل عن 60 يوماً بعد تقديم البنتاجون هذه المواد إلى المشرعين.
وقد أقر مجلس النواب مشروع القانون، ومن المتوقع أن يوافق عليه مجلس الشيوخ هذا الأسبوع، وفق واشنطن بوست .
وقال المسؤول الدفاعي الكبير، إن إعادة التنظيم المقترحة تهدف إلى تسريع عملية اتخاذ القرار وتعزيز قدرة القادة العسكريين على التكيف، لافتاً إلى تراجع ملحوظ في كيفية قيادة الجيش الأميركي للقوات والسيطرة عليها، مشيراً إلى أن الحاجة إلى تغيير شامل باتت ملحّة .
وأضاف المسؤول: الوقت ليس في صالحنا. ما نقوله هنا هو: إذا لم نكن نحن، فمن؟ وإذا لم يكن الآن، فمتى؟ .
تقليص عدد القادة
وتأتي إعادة التنظيم المحتملة، فيما بدأ هيجسيث جهوداً أوسع لتقليص العدد الإجمالي للجنرالات والأدميرالات في مختلف فروع الجيش. كما أقال أكثر من 20 ضابطاً كبيراً، أو أجبرهم على مغادرة مناصبهم، وهدد آخرين بإخضاعهم لاختبارات كشف الكذب لمعرفة ما إذا كانوا قد سربوا معلومات إلى وسائل الإعلام، وأبلغ من تبقّى بأن عليهم أن يفعلوا الشيء المشرّف، ويستقيلوا إذا لم تعجبهم سياسات الإدارة.
وأعرب تشاك هيجل، الذي شغل منصب وزير الدفاع في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وكان قبل ذلك عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ، عن مخاوفه إزاء طموحات إدارة ترمب. وقال إن هناك متغيرات واحتياجات وتهديدات أمنية مختلفة في أنحاء العالم.
وأضاف هيجل: العالم لا يصبح أقل تعقيداً. تحتاج إلى قيادات قادرة على استباق المشكلات قبل تفاقمها، وأعتقد أننا تفقد جانباً من ذلك عندما نوحد أو ندمج عدداً كبيراً من القيادات .
تصورات أخرى
ونبّه المسؤول الدفاعي الكبير، إلى أن كبار القادة العسكريين درسوا نحو 20 تصوراً آخر، ودعا نقاش واحد على الأقل إلى خفض عدد القيادات القتالية إلى 6 فقط.
وبموجب تلك الخطة، كان من المقرر تقليص صلاحيات قيادة العمليات الخاصة والقيادة السيبرانية وقيادة الفضاء، ووضعها تحت إشراف القيادة العالمية الأميركية ، بحسب مسؤولين آخرين مطلعين على النقاش.
وأوضح أشخاص مطلعون، أن كين يتوقع أن يعرض على هيجسيث مسارين آخرين على الأقل، ويدعو أحدهما إلى إنشاء قيادتين تضمان جميع القيادات الأخرى، بحيث توضع جميع القيادات الرئيسية، مثل القيادة المركزية والقيادة الأميركية في أوروبا، تحت إشراف كيان يُسمى القيادة العملياتية . أما القيادات الكبرى الأخرى، مثل قيادة النقل وقيادة الفضاء، فستندرج تحت منظمة تُعرف باسم قيادة الدعم .
وتضمّن مقترح آخر، إنشاء قيادة جديدة باسم قوة المهام المشتركة للحرب ، يكون مقرها في البنتاجون، وتركز على التخطيط ووضع الاستراتيجيات عندما لا تكون الولايات المتحدة في حالة حرب، وتكون قادرة على السيطرة على القوات في أي مكان في العالم عند نشوب نزاع، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.
وأكد المسؤول الدفاعي الكبير، أن الفكرة لم لم تلقَ ترحيباً عند مشاركتها مع المسؤولين العسكريين، ويبدو من غير المرجح اعتمادها، فيما أعرب قادة كبار بالجيش عن مخاوف من أن مثل هذه القيادة لن تمتلك الخبرة الإقليمية والعلاقات نفسها المتوافرة في الهيكل الحالي للجيش.
وسَعت خطة أخرى إلى إعادة تنظيم الجيش بحسب المجالات، بحيث تُنظم العمليات، وتُقاد وفق ما إذا كانت تجري على البر، أو في الجو أو البحر أو الفضاء أو الفضاء الإلكتروني، وفق مطلعين على الأمر.
ونوَّه أشخاص مطلعون، إلى أن الفكرة حظيت بدعم داخل قوة الفضاء، لكنها لم تلقَ تأييداً واسعاً في أماكن أخرى. كما حدَّت من نفوذ سلاح مشاة البحرية، إذ وضعته تحت إشراف وزارة البحرية ورفعت مكانة فروع أخرى في الجيش.
وناقش مسؤولون عسكريون مشاركون في جهود إعادة التنظيم أيضاً، ما إذا كان ينبغي تعزيز دور رئيس هيئة الأركان المشتركة لمنحه سلطة قيادة القوات، بدلاً من الاكتفاء بدوره كمستشار عسكري أعلى للرئيس ووزير الدفاع.
وتحدَّث مسؤولان عن أن ذلك كان يمكن أن يحدث عبر إطار قوة المهام المشتركة للحرب ، غير أن التصور بدا غامضاً .
وأضافا أن الفكرة كان من الممكن أن تتعقد بسبب قانون جولدووتر نيكولز لعام 1986، وهو تشريع مفصلي أعاد تنظيم الجيش وحدد دور رئيس هيئة الأركان المشتركة. وبموجب القانون، يُعد رئيس الهيئة المستشار العسكري الرئيسي للرئيس ووزير الدفاع ومسؤولين كبار آخرين.
وتُدار العمليات عبر سلسلة قيادة تمتد من قادة القيادات القتالية، إلى وزير الدفاع، ثم إلى الرئيس، بحسب واشنطن بوست .
هذا المحتوى مقدم من مدار 21
