يعد إسحاق موسى الحسيني الأديب و الأكاديمي الفلسطيني، أحد الأصوات الفكرية التي حملت هم اللغة العربية والهوية الثقافية في زمن التحولات الكبرى، تنقل بين القدس والقاهرة وبيروت، وترك أثرًا واضحًا في ميادين الأدب والترجمة والتعليم، واشتهر بروايته «مذكرات دجاجة» التي عدّت من أبرز الأعمال السردية العربية في النصف الأول من القرن العشرين.

وُلد الحسيني في القدس عام 1904 لأسرة مقدسية عريقة، وتلقى تعليمه في عدد من مدارس المدينة، قبل أن ينتقل إلى القاهرة عام 1923، حيث التحق بالجامعة الأمريكية وحصل على دبلوم في الصحافة عام 1925، ثم ليسانس الآداب عام 1929، وخلال إقامته في القاهرة، تأثر بعدد من كبار المفكرين، من بينهم طه حسين ومنصور فهمي وعلي عبد الرازق، ما أسهم في تشكيل وعيه الفكري والنقدي.

واصل الحسيني دراساته العليا في بريطانيا، فالتحق بمعهد الدراسات الشرقية التابع لجامعة لندن، وحصل على دبلوم في مقارنة اللغات السامية، ثم نال درجة الدكتوراه عن أطروحة حول ابن قتيبة، تحت إشراف المستشرق هاملتون جب. وبعد عودته إلى القدس عام 1934، عمل في التعليم، ثم عُيّن مفتشًا أعلى للغة العربية حتى عام 1948.

أجبرته نكبة فلسطين على مغادرة القدس، فانتقل إلى بيروت أستاذًا في الجامعة الأمريكية، قبل أن يستقر في القاهرة عام 1955، حيث عمل أستاذًا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ودرس في معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، وتقديرًا لمكانته العلمية، اختير عضوًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1961، ثم في المجمع العلمي العراقي ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.

ترك الحسيني أكثر من ثلاثة وعشرين مؤلفًا بين التأليف والترجمة والتحقيق، تنوعت موضوعاتها بين الأدب واللغة والفكر القومي والإسلامي، إضافة إلى دراسات عن القدس والاستشراق، وظل وفيًا لقضيته الثقافية حتى عاد إلى القدس عام 1973، ليقيم فيها حتى رحيله في 17 ديسمبر 1990، تاركًا إرثًا فكريًا وأدبيًا يؤكد مكانته كأحد رموز التنوير العربي في القرن العشرين.

هذا المحتوى مقدم من بوابة دار الهلال