أكثر من 77 ألف وظيفة فقدت حتى الآن في 2025. كيف يتأثر سوق العمل بـ #الذكاء_الاصطناعي؟

لم تعد التحذيرات حول تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل مجرد تكهنات، بل واقع ملموس. إذ تتجه شركات عالمية كبرى الآن نحو أتمتة الوظائف، ما أدى إلى موجات تسريح واسعة في قطاعات متنوعة، من البرمجيات إلى الموارد البشرية وحتى التسويق الرقمي.

وفي مايو 2025، أعلنت مايكروسوفت عن تسريح 6,000 موظف، كان مهندسو البرمجيات منهم أكثر من 40% من المتأثرين. بعد ذلك، قامت شركة آي بي إم بإقالة 8,000 موظف إضافي في قسم الموارد البشرية، مع خطط لتسريح 9,000 آخرين. وفي نفس السياق، خفضت ميتا القوى العاملة بنسبة 5%، بينما قامت أمازون بإلغاء 100 وظيفة في قسم الأجهزة.

وحتى الآن هذا العام، فقد 77,999 شخصًا وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي، بمعدل 491 وظيفة يوميًا. ويشير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 41% من أصحاب العمل يعتزمون تقليص القوى العاملة خلال السنوات الخمس المقبلة بسبب الأتمتة، لكن الواقع الحالي يبين أنهم لا ينتظرون خمس سنوات للبدء بالتغيير.

الوظائف الأكثر عرضة للخطر

تُعد الأدوار الروتينية هي الهدف الأول للذكاء الاصطناعي. وتشمل الوظائف الأكثر تعرضًا:

مهندسو ومطورو البرمجيات.. حيث أصبح الذكاء الاصطناعي يكتب جزءًا كبيرًا من الشيفرة البرمجية، مما أدى إلى تسريح عشرات الآلاف من المهندسين.

الموارد البشرية.. الأنظمة الذكية قادرة على إدارة التوظيف، الدعم، والاستفسارات بسرعة أكبر وأقل تكلفة من البشر.

كتّاب المحتوى والإعلانات.. الأدوات التوليدية أصبحت تقدم محتوى "جيد بما يكفي" بتكلفة منخفضة مقارنة بالكتابة البشرية.

خدمة العملاء.. روبوتات الدردشة تحل محل ممثلي الدعم بنسبة كبيرة، خصوصًا في المراكز الهاتفية ومواقع التواصل.

المحللون الماليون وأبحاث السوق.. الذكاء الاصطناعي قادر على تحليل آلاف التقارير خلال دقائق، متفوقًا على البشر في التنبؤ واتخاذ القرارات المبنية على البيانات.

إدخال البيانات والأدوار الإدارية البسيطة.. الأنظمة الذكية تحل محل المهام المتكررة بشكل كامل تقريبًا.

التصميم الإبداعي والمرئي.. أدوات مثل DALL-E وMidjourney وبرنامج Veo 3 من غوغل تمكن من إنتاج محتوى بصري وفيديوهات بشكل أسرع بكثير من الفرق البشرية.

ومن المتوقع ان يكون الخريجون الجدد في مقدمة الأكثر تضررًا. إذ أظهرت دراسات انخفاض توظيفهم بنسبة 25% في شركات التقنية الكبرى بين 2023 و2024. الوظائف التقليدية المبتدئة تختفي بسرعة، بينما تتزايد الحاجة إلى أدوار متقدمة تتطلب مهارات في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.

أرقام عالمية وتحولات إقليمية

تشير تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن ما يصل إلى 85 مليون وظيفة ستختفي عالميًا بسبب الذكاء الاصطناعي والأتمتة بحلول نهاية عام 2025، في مقابل نشوء وظائف جديدة بوتيرة غير متكافئة مع حجم الإزاحة.

وفي الولايات المتحدة وحدها، تضررت 2.4 مليون وظيفة بين عامي 2020 و2024 نتيجة الأتمتة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، مع توقع تأثر 1.1 مليون وظيفة إضافية خلال عام 2025 فقط. أما الوظائف الإدارية وإدخال البيانات، فقد شهدت تراجعًا حادًا في معدلات التوظيف بلغ 45% منذ عام 2022، وهو أحد أكثر الانخفاضات حدة منذ عقود.

ويقدّر تقرير صادر عن غولدمان ساكس أن 18% من العمل العالمي بات قابلًا للأتمتة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يهدد نحو 300 مليون وظيفة بدوام كامل على مستوى العالم. وفي الوقت نفسه، تعترف 48% من الشركات الأمريكية بأنها تخطط لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإعادة هيكلة الأقسام وتقليص عدد الموظفين خلال عام 2025.

وتُظهر البيانات أن الخسائر لا توزّع بالتساوي. فالوظائف الإدارية تتصدر قائمة المخاطر، مع احتمال تأثر 26% منها بالأتمتة. تليها وظائف خدمة العملاء بنسبة 20%، حيث تحل روبوتات الدردشة والمساعدات الافتراضية محل التفاعلات الروتينية بوتيرة متسارعة. كما تواجه وظائف الإنتاج الصناعي خطرًا يبلغ 13%، مدفوعًا بالروبوتات الذكية وخطوط التصنيع المؤتمتة.

وفي المقابل، يظل القطاع القانوني أقل تعرضًا نسبيًا بنسبة 6%، بينما لا تتجاوز المخاطر في التعليم 5%، وفي المجالات الإبداعية والفنية 4%، نظرًا لاستمرار الحاجة إلى الحكم البشري والسياق الثقافي. وتبقى المناصب القيادية العليا الأقل تأثرًا، بمعدل مخاطرة لا يتجاوز 3%.

وحتى أوائل عام 2025، فُقد أكثر من 14 مليون وظيفة عالميًا بشكل مباشر نتيجة تقنيات الذكاء الاصطناعي. وفي آسيا، يُتوقع أن تؤدي الأتمتة إلى الاستغناء عن 21% من الوظائف بحلول 2026، مع تركّز التأثير في قطاع التصنيع. ويتوقع الاتحاد الأوروبي إلغاء أو تغيير 12 مليون وظيفة خلال السنوات الثلاث المقبلة، بينما تشير بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن 27% من الوظائف عالميًا معرضة لخطر أتمتة مرتفع.

وتمثل الصين الحالة الأكثر حدة، حيث يُقدّر البنك الدولي أن 77% من الوظائف معرضة للأتمتة، في حين أشار تقرير ماكينزي إلى احتمال فقدان 800 مليون وظيفة عالميًا بحلول 2030، مع الذكاء الاصطناعي كعامل محوري في هذا التحول.

تأثير الذكاء الاصطناعي على التوظيف

تشير تقديرات شركة ماكينزي إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في توفير ما بين 20 و50 مليون وظيفة جديدة عالميًا بحلول عام 2030، موزعة على قطاعات مثل الرعاية الصحية، والتصنيع، والتمويل. ووفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، قد يتسبب الذكاء الاصطناعي في فقدان نحو 75 مليون وظيفة عالميًا بحلول عام 2025، مقابل خلق 133 مليون وظيفة جديدة، ما يعني مكسبًا صافياً يقارب 58 مليون وظيفة.

ومن أبرز الوظائف التي يتوقع أن يزداد الطلب عليها:

مدربو ومشرفو أنظمة الذكاء الاصطناعي.. المسؤولون عن تدريب الخوارزميات وضمان دقتها وكفاءتها.

محللو البيانات وعلماؤها.. المتخصصون في استخراج الرؤى من كميات هائلة من البيانات التي تنتجها الأنظمة الذكية.

مديرو فرق التعاون بين الإنسان والآلة.. الذين يشرفون على تكامل العمل البشري مع الأنظمة الذكية لرفع الإنتاجية.

خبراء أخلاقيات وسياسات الذكاء الاصطناعي.. المعنيون بوضع الأطر الأخلاقية والتنظيمية لاستخدام هذه التقنيات.

قطاعات متأثرة بالذكاء الاصطناعي

لا يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل على فقدان الوظائف أو خلقها، بل بات يمتد إلى إعادة تشكيل طبيعة العمل داخل القطاعات نفسها، مع تغيّر الأدوار المطلوبة وتراجع أهمية بعض المهارات التقليدية مقابل صعود مهارات جديدة أكثر تعقيدًا.

القطاع الصحي

لم يؤدِّ الذكاء الاصطناعي إلى استبدال الأطباء كما كان يُخشى، لكنه بدأ يقلّص الحاجة إلى بعض التخصصات التشخيصية الأولية، لا سيما في مجالات مثل قراءة الصور الطبية والتحاليل الروتينية. وفي المقابل، ارتفع الطلب على أدوار جديدة تشمل الإشراف السريري على أنظمة التشخيص، وتفسير مخرجات الخوارزميات الطبية، وإدارة القرار العلاجي، ما يشير إلى انتقال مركز الثقل من التنفيذ إلى التقييم والمسؤولية الطبية.

قطاع التعليم

يشهد تحولًا هادئًا لكنه عميق الأثر. تراجعت الحاجة إلى بعض المهام التقليدية مثل تصحيح الاختبارات الموحدة وإعداد المحتوى التعليمي التكراري، بينما برزت أدوار جديدة ترتكز على تصميم تجارب تعلم مخصصة، وتطوير مهارات التفكير النقدي، والإشراف على الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات التعليمية. ويعكس هذا التحول انتقال التعليم من نقل المعرفة إلى تنمية المهارات.

المجال القانوني

بات التأثير أكثر وضوحًا على الوظائف التمهيدية. إذ أصبحت مهام البحث القانوني وصياغة المسودات الأولية قابلة للأتمتة بدرجة عالية، ما يضع المحامين المبتدئين تحت ضغط متزايد. في المقابل، حافظت أدوار الترافع، والتفاوض، وصياغة الاستراتيجيات القانونية، والامتثال التنظيمي المتعلق بالذكاء الاصطناعي على قيمتها، بل شهدت طلبًا متناميًا.

قطاع الطاقة والمناخ

برز كأحد المستفيدين غير المتوقعين من الذكاء الاصطناعي. فقد أسهمت التقنيات الذكية في تحسين إدارة الشبكات الكهربائية، والتنبؤ بالأعطال، وتحليل استهلاك الطاقة والانبعاثات، ما خلق وظائف جديدة مرتبطة بتحليل البيانات البيئية وإدارة الأنظمة الذكية، في الوقت الذي تراجعت فيه الحاجة إلى بعض أدوار المراقبة التشغيلية التقليدية.

الأمن السيبراني

لم يؤدِّ الذكاء الاصطناعي إلى تقليص الوظائف بقدر ما أعاد توزيعها. فقد تراجعت أهمية المهام الروتينية لمراقبة الأنظمة، بينما ارتفعت قيمة الخبرات البشرية القادرة على التعامل مع الهجمات المعقدة، وتحليل السلوكيات غير المتوقعة، وبناء استراتيجيات دفاعية في مواجهة هجمات مدعومة بالذكاء الاصطناعي نفسه.

القطاع الحكومي

يواجه تحولًا بنيويًا في طبيعة العمل. فقد بدأت الوظائف القائمة على المعالجة الورقية والإجراءات الإدارية بالتراجع، مقابل صعود أدوار جديدة تتعلق بصياغة سياسات الذكاء الاصطناعي، وتدقيق الخوارزميات، وضمان الشفافية والعدالة في استخدام الأنظمة الذكية داخل المؤسسات العامة.

في المقابل، تتعرض مجموعة من الوظائف لضغوط متزايدة، من بينها منسقو المشاريع التقليديون، ومحللو الأعمال منخفضو المهارات، وموظفو مراكز الاتصال غير المتخصصين، ومحررو المحتوى التجاري التكراري، وهي وظائف تعتمد بدرجة كبيرة على مهام يمكن للذكاء الاصطناعي تنفيذها بكفاءة أعلى وتكلفة أقل. وفي الجهة الأخرى من المشهد، تتوسع قائمة الوظائف الواعدة التي لم تكن موجودة قبل سنوات قليلة، مثل مدققي مخرجات الذكاء الاصطناعي، ومصممي التفاعل بين الإنسان والآلة، وخبراء تحيز الخوارزميات، ومديري الفرق الهجينة التي تجمع بين الموظفين البشريين والأنظمة الذكية.

شركات استغنت عن موظفيها بسبب الذكاء الاصطناعي

شهد عام 2025 موجة غير مسبوقة من تسريحات الموظفين في كبرى الشركات العالمية، مع تسارع الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة كجزء من استراتيجيات خفض التكاليف ورفع الكفاءة التشغيلية.

وفي قطاع التقنية، أعلنت أمازون عن الاستغناء عن نحو 14 ألف موظف إداري، بالتزامن مع زيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي وإعادة توجيه الموارد نحو الأتمتة. كما كشفت مايكروسوفت عن خفض يقارب 9 آلاف وظيفة ضمن عملية إعادة تنظيم تركّز على الكفاءة وتطوير حلول الذكاء الاصطناعي. بدورها، شرعت ميتا في تقليص مئات الوظائف داخل وحدات البحث والتطوير المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، رغم استمرارها في توظيف فرق جديدة لمشاريع الذكاء الفائق، في خطوة تعكس إعادة توزيع داخلية للموارد أكثر من كونها تراجعًا تقنيًا.

وفي قطاع الاتصالات، أعلنت فيرايزون عن خطط لتسريح نحو 15 ألف موظف، مع اعتماد أوسع على الأنظمة الذكية في إدارة الشبكات وخدمة العملاء. كما كشفت تيليفونيكا الإسبانية عن الاستغناء عن ما لا يقل عن 6 آلاف وظيفة ضمن برنامج أتمتة واسع النطاق.

أما قطاع الصناعة والسيارات، فقد شهد تحركات لافتة من شركات كبرى، إذ أعلنت جنرال موتورز عن تسريح أكثر من 1,700 موظف، بينما كشفت روبرت بوش عن خطط لخفض 13 ألف وظيفة في ألمانيا، مدفوعة بتراجع الطلب وتسارع التحول نحو التصنيع الذكي. كما أعلنت فولكسفاغن عن برامج تقاعد مبكر لآلاف العاملين ضمن إعادة هيكلة تعتمد على الرقمنة.

وفي قطاع الخدمات اللوجستية، أكدت UPS تقليص نحو 48 ألف وظيفة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، مع توسعها في استخدام الخوارزميات الذكية لإدارة سلاسل الإمداد والتوزيع. كما لم يكن قطاع الاستشارات بعيدًا عن هذه التحولات، إذ أعلنت أكسنتشر عن الاستغناء عن أكثر من 11 ألف موظف، موضحة أن القرار جاء بعد تقييم قدرة العاملين على إعادة التأهيل للعمل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي.


هذا المحتوى مقدم من العلم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من العلم

منذ 11 ساعة
منذ 5 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
موقع سفاري منذ 58 دقيقة
بيلبورد عربية منذ ساعتين
موقع سائح منذ 11 ساعة
موقع سفاري منذ ساعة
موقع سفاري منذ ساعة
العلم منذ 10 ساعات
موقع سائح منذ 12 ساعة
موقع سفاري منذ 11 ساعة