بعد يومين فقط، تنتهي المهلة التي حددتها الإدارة الأميركية لإتمام اتفاق سلام بين المغرب والجزائر، وهي المهلة التي أعلن عنها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف خلال مقابلة مع برنامج 60 Minutes منتصف أكتوبر الماضي.
ويؤكد المبعوث الأمريكي أن جهود واشنطن تهدف إلى تحقيق تقدم ملموس في العلاقات بين الرباط والجزائر خلال 60 يوما، في ظل توتر دبلوماسي طويل، خاصة على خلفية الخلافات المستمرة في ملف الصحراء.
وتترقب الأوساط الدبلوماسية الدولية ما إذا كانت الأيام القليلة المقبلة ستشهد إعلانا رسميا عن أي مستجدات في مسار الوساطة، أم أن التعقيدات السياسية ورفض الجزائر لأي مفاوضات رسمية سيؤجلان النتائج.
وبينما تسعى واشنطن إلى تقديم نفسها وسيطا محايدا يسعى إلى تحقيق اختراق دبلوماسي في شمال إفريقيا، يبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح المهلة المحددة في دفع الطرفين نحو خطوة نوعية، أم أن الملف سيبقى معلقا إلى ما بعد عام 2025؟.
عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قال إن التحدي الأكبر في مسار العلاقات بين المغرب والجزائر يكمن في إعادة بناء الثقة على أساس طويل الأمد، وليس فقط في الالتزام بمهلة زمنية محددة.
وأشار، في تصريح لجريدة مدار21 الإلكترونية، إلى أن العلاقات بين البلدين متشابكة تاريخيا بمناطق نفوذ متقاربة وقضايا إستراتيجية مثل الطاقة والتجارة الحدودية، وهو ما يعني أن أي اتفاق سلام لن يقتصر على الجانب الرمزي، بل سيحتاج إلى ترتيبات عملية ملموسة تعزز التعاون الاقتصادي والأمني.
ومن منظور إستراتيجي، لفت المتحدث إلى احتمال أن يتحول مسار السلام إلى عملية تدريجية متعددة المراحل، تبدأ بتفاهمات ثنائية حول الأمن والحدود والتجارة، ثم تمتد لتشمل تبادل الخبرات في مجالات الاستثمار والبنية التحتية.
وسجل الباحث في العلاقات الدولية، في حديثه للجريدة، أن هذا النموذج من الوساطة يسمح للطرفين بتقييم مستوى التقدم والتزام كل طرف قبل الانتقال إلى مرحلة أكثر شمولية، مما يقلل من احتمالات الفشل المبكر.
وعلى صعيد التوازن الإقليمي، شدد المتحدث على أن نجاح أي تفاهم بين المغرب والجزائر قد يخلق دينماية إيجابية للتعاون المغاربي على نطاق أوسع، خاصة في مجالات مثل الأمن البحري، ومكافحة الهجرة غير النظامية، والتجارة العابرة للحدود.
ومن ناحية أخرى، قال سرحان إن أي تأخير أو تعثر في المفاوضات يمكن أن يفاقم الانقسامات التقليدية ويزيد من فرص تدخل أطراف خارجية تسعى إلى استثمار هذه التوترات لتعزيز نفوذها الإقليمي.
وتوقع الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن تتحدد النتائج الحقيقية ليس فقط بانقضاء المهلة، بل بمدى قدرة كلا الطرفين على تجاوز الحسابات السياسية الضيقة لصالح رؤية إستراتيجية مشتركة.
وخلص إلى أن السيناريو الأمثل يتمثل في إمكانية أن نشهد خلال الأشهر المقبلة خطوات عملية صغيرة لكنها رمزية، مثل فتح قنوات اتصال اقتصادية أو تبادل بعثات ثقافية، بوصفها إشارة على أن الحوار مستمر وأن الثقة تتعزز تدريجيا، قبل الإعلان عن اتفاق شامل محتمل في مرحلة لاحقة .
هذا المحتوى مقدم من مدار 21
