شهد محيط السياج الفاصل مع مدينة سبتة المحتلة، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، تطورات ميدانية لافتة بعد تدخل واسع نفذته السلطات المغربية لمنع اقتراب مئات المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من النقاط الأكثر حساسية على طول السياج، في سياق يتسم بتصاعد الضغط الهجري، بريًا وبحريًا، وتزايد الجدل السياسي والأمني في الضفة الأخرى من الحدود.
وبحسب معطيات نشرتها وسائل الإعلام الإسبانية، فقد حالت السلطات المغربية دون اقتراب ما بين 300 و400 مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء من السياج، وقامت بتشتيتهم وإبعادهم عن المناطق الأقرب إلى المحيط الحدودي، إذ يُعد هذا التدخل الأكبر من نوعه خلال الأيام الأخيرة، بعد فترة اتسمت بتكثيف محاولات الاقتراب والعبور، في ظل ما تصفه مصادر إسبانية بـ حالة ضغط متواصلة على محيط السياج.
وجاء هذا التحرك، بحسب ما أوردته صحيفة إل فارو بعد رصد تجمعات بشرية مهمة في الغابات والمرتفعات المقابلة لسبتة المحتلة، إذ تحدثت لها مصادر غير رسمية عن وجود ما يقارب 500 شخص في مناطق جبلية داخل التراب المغربي، في انتظار فرص سانحة لمحاولة تجاوز السياج، كما جرى التعرف على مجموعات من المهاجرين خلال عمليات تمشيط ومراقبة، شملت تحليق مروحية تابعة للحرس المدني الإسباني، إلى جانب الاعتماد على أنظمة المراقبة والكاميرات الحرارية.
ورغم حجم التدخل، لم تُسجَّل، وفق المعطيات المتداولة، إصابات في صفوف المهاجرين، كما لم يصدر بلاغ رسمي مفصل حول تفاصيل العملية التي نُفذت خلال ساعات الليل، غير أن هذه التطورات تأتي في سياق أوسع يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في محاولات العبور، إذ سُجل، خلال الأيام الماضية، نجاح مجموعات في اجتياز السياج، من بينها عبور نحو 40 شخصًا في ليلة واحدة، إضافة إلى محاولات أخرى أُحبطت عند محيط الحدود.
وتشير المعطيات التي ذكرها المصدر ذاته، إلى أن العوامل المناخية لعبت دورًا في تعقيد الوضع الميداني، حيث ساهمت الأمطار الغزيرة والرياح القوية في زيادة الضغط على محيط السياج، ودفع مجموعات من المهاجرين إلى الاقتراب من نقاط مختلفة على امتداد سياج يعاني، بحسب توصيفات متكررة، من اختلالات بنيوية ونواقص تقنية. ويتزامن ذلك مع استمرار محاولات الهجرة عبر المسار البحري، رغم اضطراب الأحوال الجوية وهيجان البحر، خلال فترة تميزت بمرور منخفض جوي قوي.
وفي موازاة التطورات الميدانية، أعادت هذه الأحداث إلى الواجهة النقاش السياسي والأمني داخل إسبانيا، خاصة في سبتة المحتلة، حيث بادر حزب الشعب إلى توجيه أسئلة جديدة إلى وزارة الداخلية الإسبانية حول أمن السياج ومستوى حماية عناصر الحرس المدني المكلفين بمراقبته.
واستند الحزب، وفق ما جاء في صحيفة إل فارو ، في تحركاته الأخيرة، إلى وقائع اعتداء سابقة تعرض لها عناصر من الحرس المدني في محيط الحدود، معتبرا أن ما يحدث ليس حوادث معزولة، بل نتيجة تراكمية لنقص الموارد البشرية والتجهيزات وغياب تخطيط هيكلي مستدام.
ويرى الحزب أن تزايد الضغط الهجري، سواء عبر البر أو البحر، يكشف هشاشة المنظومة الأمنية المعتمدة، ويطرح تساؤلات حول جاهزية أنظمة المراقبة وقدرتها على الاستجابة لتحديات متزامنة، في ظل سياق إقليمي ومناخي معقد، معتبرا أن حماية العناصر الأمنية يجب أن تترجم إلى إجراءات ملموسة، تشمل تعزيز الموارد والتخطيط، بدل الاكتفاء بالمعالجة الظرفية للأحداث.
وفي المقابل، تُظهر التطورات الأخيرة استمرار اعتماد المقاربة الثنائية في تدبير ملف الهجرة غير النظامية، حيث يضطلع المغرب بدور محوري في ضبط التحركات على الضفة الجنوبية، من خلال تدخلات ميدانية تهدف إلى تفكيك التجمعات ومنع الاقتراب من السياج، في وقت يتواصل فيه الجدل السياسي والإعلامي في الضفة الشمالية حول فعالية الإجراءات المتخذة ومستقبل تدبير الحدود.
هذا المحتوى مقدم من مدار 21
