ملخص قبل عقود، كانت هناك رقابة على النصوص المسرحية، مما كان يسهم في فرض ضوابط معينة لمنع تخطي الخطوط الحمراء، وصحيح أن حرية التعبير مقدسة في لبنان ولا بد من الحفاظ عليها في أي وقت كان، لكن لا يمكن التخلي أيضاً عن الضوابط والرقابة كما حصل، وقد يكون هذا السبب وراء ما يحصل من تمادٍ.
يعتمد فن الـ"ستاند-أب كوميدي" على الأداء الكوميدي والفكاهة بالنقد الذي يتناول قضايا من واقع الحياة لإضحاك الناس، كثيرون يجدون فيه ملجأ يمكن اللجوء إليه والتفاعل معه بعيداً من مرارة الواقع والأسى الذي فيه. وعندما نشأ هذا الفن قبل نحو نصف قرن، كان بالفعل يتخذ هذا الإطار ليقوم فيه ممثل يقف منفرداً على المسرح بإضحاك الناس عندما يتناول بحديثه مواضيع مختلفة بأسلوب ساخر ومضحك.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more لكن في مجتمعنا، شهدنا تحولاً في هذا الفن، وبدا أنه في السنوات الأخيرة، سجل ميلاً متزايداً إلى التمادي بمس المحرمات لإضحاك الناس، حتى إن السؤال بات مطروحاً حول ما إذا كانت هذه المعايير الأساسية التي يستند إليها هذا الفن ليصنع الفكاهة، وما إذا كان تخطي الخطوط الحمراء شرطاً للترفيه ولضمان تفاعل الناس.
قبل سنوات عديدة كانت هناك رقابة جدية على المسرح بشكل عام وعلى الـ "ستاند-أب كوميدي" خصوصاً (وسائل التواصل الاجتماعي)
تحول متكرر في الـ"ستاند-أب كوميدي" دعا الجدل المرتبط بالـ"ستاند-أب كوميدي" أخيراً وردود الفعل التي أحدثها في المجتمع إلى إعادة النظر بمقومات هذا الفن، والأسس التي يستند إليها.
في السنوات الأخيرة، سجّل تمادي بعضهم في هذا المجال والجرأة في تناول مواضيع هي من المحرمات، خصوصاً الدين، وهذا ما أدى إلى ردود فعل قوية معارضة لما نشهده من فوضى وفلتان فيه. فمع تخطي الخطوط الحمراء، أصبحت تحيط بهذا الفن علامات استفهام وكثرت التساؤلات حوله، خصوصاً مع نشأة الكوميديا السوداء بعد الثورة في عام 2019.
مما لا شك فيه أن هذا الفن في الأصل، يتناول مواضيع أساسية في المجتمع، ويركّز بصورة خاصة على مواضيع مثيرة للجدل في الدين والسياسة والجنس. لكن، شيئاً فشيئاً فقدت الضوابط فيه، وبدا أنه يمكن الاحتماء بمبدأ حرية التعبير والتمادي من دون خوف من أي عقاب، وكأنه لا ضوابط في هذا المجال.
وكان فن الـ"ستاند-أب كوميدي" قد نشأ بصورة بدائية في القرن الـ19 في الولايات المتحدة الأميركية، وقد اختلف آنذاك عما أصبح عليه اليوم، فكان يقام ضمن عروض المسرح الغنائي قبل أن يتطور خلال الحرب العالمية الثانية ليصبح أكثر احترافية.
لاحقاً، أصبح فناً مستقلاً في الخمسينيات في البرامج التلفزيونية، وبلغ ذروة النجاح والأهمية في السبعينيات والثمانينيات حيث كانت الانطلاقة الحقيقية. ومع توسعه ضمن مهرجانات الكوميديا، أصبح تعبيراً مباشراً عن الواقع الاجتماعي.
"ستاند-أب كوميدي" بتمويل خارجي أمّا في العالم العربي، فقد يكون تطوره مختلفاً، إذ إن بداية انتشاره حصلت بالفعل في التسعينيات وفي أوائل الألفية الجديدة في المغرب، ثم لبنان ثم الأردن وفلسطين. أصبح لاحقاً متنفساً للشباب، وحقق انتشاراً واسعاً لاحقاً بفضل قناة "يوتيوب" مع تركيزه على قضايا من الواقع من دون قيود.
إلا أن الجدل الأكبر الذي يسببه يرتبط عادة بمساسه المقدسات الدينية والمواضيع الحساسة، وفي تجاوزه الممنوعات، وهذا ما حصل مع ماريو مبارك وشادن فقيه ونور حجار وغيرهم. وعلى رغم أن المجتمع انقسم ما بين مدافعين عن حرية التعبير ومن اعتبروا الفن الذي يقدمونه إهانة ومساً بالمقدسات الدينية، إلا أن ما قدموه أحدث رد فعل قوي رافضاً للتمادي الذي يسجل في الـ"ستاند-أب كوميدي" في مجتمعاتنا.
وفق ما أشار الممثل المسرحي الكوميدي شادي مارون فإن تناول المحرمات في مواضيع تتعلق بالجنس والسياسة، الدين يضحك الناس بالفعل، "إلا أن هذا لا يعني أن تلغى الضوابط كما يحصل حالياً، في العقود الماضية التي عملنا فيها في فن الفكاهة على المسرح، كنا نبذل جهداً ونتعب في اختيار الكلام لنقدمه بالطريقة المناسبة التي يمكن فيها نقل الرسالة. كما أن النص المسرحي كان يمر بالأمن العام، وكانت هناك رقابة على الكلمة".
ويضيف مارون "المطلوب اليوم أن تبقى الكلمة سامية ومقدسة، خصوصاً أننا في مجتمع يتمسك بالضوابط، ولا يمكن التمثل بالغرب بطريقة عشوائية حرصاً على خصوصية مجتمعنا. علماً أنه حتى في الغرب ثمة مواضيع استفزازية في المجتمع، ولا يمكن تناول كل المواضيع بطريقة عشوائية. وفي مجتمعنا، تعتبر هذه المواضيع حساسة أكثر بعد".
قبل عقود، كانت هناك رقابة على النصوص المسرحية، مما كان يسهم في فرض ضوابط معينة لمنع تخطي الخطوط الحمراء، وصحيح أن حرية التعبير مقدسة في لبنان ولا بد من الحفاظ عليها في أي وقت كان، لكن لا يمكن التخلي أيضاً عن الضوابط والرقابة كما حصل، وقد يكون هذا السبب وراء ما يحصل من تمادي.
لذلك تبقى الرقابة المسبقة ضرورية لنقل الكلام الفكاهي مع الرسالة التي يحتوي عليها بصورة لائقة لا تخدش ولا تؤذي، بحسب مارون الذي أشار إلى أنه ينتمي إلى جيل كان يقاتل من أجل الكلمة التي كانت مسؤولة أيضاً، "خصوصاً أن العروض كانت تقدم في مهرجانات وتحضرها عائلات ورجال دين، حتى إنه في الماضي كانت محطات التلفزيون تتمسك بالضوابط، لذلك كان هناك مزيد من المسؤولية والوعي. في الماضي، حتى في حال كانت الكلمة جريئة كانت مسؤولة في الوقت نفسه، بما أن النص الأقوى هو ذلك الذي ينقل الرسالة والكلمة من دون المس بالمحرمات".
وتابع مارون أن ما يصلح.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية
