أنبوب الغاز المغربي النيجيري ومشاريع عالقة ترسم فجوة بين الطموح والتنفيذ

تتصدر قضية أمن الطاقة العالمي، اليوم، اهتمامات الدول المنتجة والمستهلكة للغاز، في ظل سباق دولي لإعادة رسم خريطة الإمدادات، وسط تعثر عدد من أضخم مشاريع خطوط الأنابيب العابرة للحدود.

وفي هذا الإطار، يبرز مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري كواحد من أكثر المشروعات طموحا، ورمزا للفجوة القائمة بين الطموح السياسي والإعلامي من جهة، والتنفيذ الفعلي من جهة أخرى.

ويعد أنبوب الغاز الأطلسي الإفريقي، مشروعا إستراتيجيا يهدف إلى نقل نحو 30 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي من نيجيريا إلى المغرب، تمهيدًا لتصديره إلى أوروبا عبر البنية التحتية الإسبانية.

وتعود فكرة المشروع إلى دجنبر 2016، خلال زيارة الملك محمد السادس لنيجيريا، لتكون مبادرة لتعزيز التكامل الطاقي بين البلدين، ومساهمة في التنمية الاقتصادية لمنطقة غرب إفريقيا وشمالها.

ويمتد الأنبوب على طول حوالي 6 آلاف و800 كيلومتر، عابرًا 11 دولة ساحلية إلى جانب دول غير ساحلية، ليستفيد منه نحو 400 مليون نسمة، ما يجعله من أطول خطوط الغاز في العالم، حيث تقدر التكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 25 مليار دولار، ما يضعه ضمن أضخم مشاريع البنية التحتية للطاقة عالميًا.

التأجيل

ورغم الطموحات الكبيرة، لا يزال المشروع في دائرة التأجيل بسبب تحديات التمويل والشركاء النهائيين، وفق ما أفادت به منصة طاقة ، مشيرة إلى أن ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أعلنت في ماي الماضي، الانتهاء من دراسات الجدوى والدراسات الهندسية الأولية، وتحديد المسار الأمثل للأنبوب، مع توجه لإنشاء شركة ذات غرض خاص بين الرباط وأبوجا تمهيدًا لاتخاذ القرار الاستثماري النهائي.

ومن الجانب المغربي، انطلقت المرحلة الأولى التي تشمل ربط ميناء الناظور بمدينة الداخلة بتكلفة 6 مليارات دولار، إضافة إلى منصة غاز في الناظور بقيمة 700 مليون دولار. ورغم هذا الانطلاق، فإن المشروع يبقى مؤجلًا رسميًا، مع توقع بدء التنفيذ الكامل في 2027 واستغراقه نحو 4 سنوات.

وتكشف أزمة هذا المشروع، إلى جانب أربعة مشاريع أنابيب غاز أخرى في المنطقة، أن التحدي لا يتعلق بندرة الموارد أو ضعف الطلب، بل بتشابك السياسة بالاقتصاد والأمن، حيث يتردد المستثمرون في ضخ مليارات الدولارات دون ضمانات طويلة الأجل.

القرار الاستثماري النهائي

وفي ربيع 2024، أشار وزير المالية النيجيري إلى اهتمام أمريكي متزايد بالاستثمار في المشروع، وهو ما أكدت واشنطن لاحقًا خلال منتدى الطاقة الأمريكي-الإفريقي في هيوستن، معتبرة الأنبوب ركيزة في استراتيجيتها الاقتصادية الجديدة بإفريقيا.

ومع تزايد حاجة أوروبا للغاز، وامتلاك إفريقيا لاحتياطيات ضخمة، يبقى القرار الاستثماري النهائي هو الحلقة المفقودة، التي ستحدد ما إذا كانت هذه المشاريع ستتحول إلى شرايين طاقة عابرة للقارات، أم ستظل حبيسة الأدراج والاجتماعات والتصريحات المتفائلة.

ويعكس مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، الطموح المغربي في أن يصبح محورا إقليميا للطاقة، قادرًا على لعب دور مركزي في الربط بين إفريقيا وأوروبا، لكنه في الوقت نفسه، يبرز تعقيدات التمويل الدولي والتحولات الجيوسياسية، والتحديات الاقتصادية التي تواجه مشاريع البنية التحتية الكبرى في القارة.

وبذلك، يظل المغرب أمام اختبار حقيقي لقدرة مؤسساته على تحويل الطموح الوطني إلى واقع ملموس، يعزز مكانته في خارطة الطاقة العالمية.


هذا المحتوى مقدم من بلادنا 24

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بلادنا 24

منذ 9 ساعات
منذ ساعتين
منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ ساعة
هسبريس منذ 8 ساعات
هسبريس منذ 3 ساعات
العربية - المغرب العربي منذ 3 ساعات
جريدة أكادير24 منذ ساعتين
Le12.ma منذ 10 ساعات
2M.ma منذ 5 ساعات
جريدة أكادير24 منذ ساعتين
هسبريس منذ 21 دقيقة