تكاثرت في الأيام الأخيرة بشكل لافت محلات إعداد وبيع الفطائر بمختلف أنواعها وأشكالها وأحجامها، فوجدت لها مواقع في ملتقيات الطرق، وقرب أوراش البناء، وبجانب الأسواق النموذجية، وما إلى ذلك.. بعضها واسع يسمح للعاملين والعاملات الاشتغال بهمة ونشاط في الأصباح الباكرة، والأماسي المتأخرة، والبعض الآخر ضيق ومع ذلك يوفر للزبائن رغباتهم، ومتطلباتهم، وقد ساهم تنوع المنتوج في الإقبال المتزايد على شرائها من قبل الصغار والكبار. ولعل الانفتاح على عالم الطبخ الذي وفرته الشبكة العنكبوتية، ساهم في التفنن في الإعداد والعرض، لأجل إثارة الزبائن، وهنا لا ينبغي إغفال دور الصور الرقمية للفطائر التي أضحت تزين واجهات هاتيك المحلات، صغيرة كانت أم كبيرة، ويبقى كل ما قيل آنفا شيئا عاديا؛ فالطبخ بشكل عام قد عرف طفرة هائلة، فتعددت بذلك المطابخ في الشوارع والساحات، وتنوع المعروض، وسارع الكثير من الناس إلى أكل ما يطبخ خارج المنازل، لكن الشيء الغير عادي هو أن تجد محلات بيع الفطائر تلك لها مكانا ثابتا في القرب من المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانويات، بما في فيها الخاصة؛ فقد باتت العين لا تخطئ التلاميذ والتلميذات زرافات ووحدانا يقبلون على التهام ما يشترونه من فطائر، إن قبل الالتحاق بقاعات الدرس، أو في فترات الاستراحة، ويعتبر البعض هذا مجرد خدمة تقدمها تلك المحلات للتلاميذ في أوقات بعينها من نهارهم الدراسي، بيد أن نظرة فاحصة إلى هاته المسألة تخول للمتمعن بعمق الوقوف على سلبيات لا نقاش فيها؛ من ذلك ما يهم الجانب الاجتماعي، فالتلميذ المقبل يوميا على شراء ما تعده محلات الفطائر القريبة من المؤسسة التي يدرس بها، لن يفكر مطلقا في الجلوس إلى مائدة الإفطار إلى جانب والديه وإخوانه حيث أجواء التواد والتآلف الأسري، فهو بذلك يستيقظ متأخرا، وينطلق مسرعا ليأكل على عجل ما يشتريه، وربما أخره إلى فترة الاستراحة، وهذا يقود إلى سلبية تهم الجانب الصحي؛ فالأكل على عجل له ما له من تأثير ضار على الجهاز الهضمي، كما أن الإقبال على نوع محدد من الأكل يدخل فيما يطلق عليه سوء التغذية ، علما أن التلميذ والتلميذة في هذا السن يجتازان مرحلة النمو وما تتطلبه من تغذية متوازنة تساعدهما، فضلا عن ذلك، على تحمل الجهد الذهني أثناء إنجاز التمارين واستيعاب ما يقدم من الدروس، ولا ننسى هنا أضرار المواد المستعملة في إعداد الكثير من الفطائر، بما فيها الدقيق الأبيض والزيوت والسكريات، وعند المختصين في التغذية الخبر اليقين، وهذا يجرنا إلى سلبية ثالثة تخص الإقبال إلى درجة الإدمان على ما يطبخ خارج المنازل، بحيث يصير هؤلاء التلاميذ مهتمين بما تعرضه المطابخ المتنوعة، ولا أدل على ذلك الدراجات التي تسارع في كل الأوقات إلى إيصال المأكولات من مطابخ بعينها إلى أبناء وبنات داخل بيوت يتم فيها إعداد الطعام بأشكاله، وفي أوقاته المحددة، وتلك ظاهرة طارئة الخوض في الحديث عنها ذو شجون.
أما على المستوى الدراسي؛ فالجانب السلبي هنا واضح، فقد يلج التلميذ القاعة وهو لا زال يلتهم ما اشترى بسرعة فائقة، وربما أدخل معه جزء يأكل منه كلما أتيحت له الفرصة، وإن لم يكن هذا أو ذاك، فقد يخلد إلى فترة استرخاء أو خمول، لأن ما أكله غير كاف، أو أنه يتطلب جهدا لهضمه، وتلك عاقبة الأكل المتسرع، والخلط بين أكثر من صنف من الفطائر، وما يباع معها من مأكولات ومشروبات.
حرصا على صحة أبدان تلاميذنا وتلميذاتنا، ينبغي النظر بعين المسؤولية الكاملة إلى ما يقبلون على شرائه وأكله وشربه في محيط المؤسسات التعليمية، قبل الدخول إليها، وبعد الخروج منها، أو في فترات الاستراحة، وحبذا لو حضرت التوعية الصحية في هذا الشأن، للوقوف على الأضرار التي تتعرض لها الأبدان في العاجل والآجل من الأيام متى تزايد الإقبال بإفراط على صنف معين من المأكولات السريعة؛ فالسرعة، أيها الأبناء والبنات، عواقبها وخيمة أيا كان المجال الذي تحضر فيه.
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الأسبوع الصحفي

