بالرغم من خوصصة الدولة للعديد من القطاعات، وفتح أبوابها أمام الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات، مثل قطاع التأمين، والتعليم، والصحة، والنقل والطيران، والاتصال، والمعادن والمناجم والتنقيب عن الغاز، إلا أن هناك تساؤلات تطرح حول أسباب عدم فسح المجال أمام شركات تكرير البترول ومشتقاته، خاصة وأن هناك توجها منذ عقدين نحو خوصصة وتحرير العديد من القطاعات العمومية.
فالعديد من الدول الأوروبية والعربية تتوفر على شركات أجنبية رائدة في مجال تكرير البترول، مثل تونس ومصر والأردن وليبيا، وإسبانيا وبلجيكا وإيطاليا وفرنسا، بينما لا زال المغرب يغلق هذا المجال لأسباب غامضة، رغم أن الدولة يمكن أن تحقق مداخيل مالية وضريبية مهمة من خلال فتح باب الاستثمار أمام الشركات الأجنبية، التي قد تستثمر عشرات ملايير الدولارات في هذا القطاع الحيوي، وتعيد التوازن لقطاع المحروقات، وتخلق تنافسية بين شركات التوزيع، عوض استمرار التركيز الاقتصادي وسياسة الاحتكار التي تنهجها الشركات المسيطرة على السوق والمتحكمة في الأسعار.
والغريب أن سوريا مثلا، التي أنهكتها الحرب لعقد من الزمن ويقودها الرئيس الشرع البعيد عن المجال الاقتصادي، عادت بقوة إلى مجال تكرير النفط وتصديره، وفتحت الباب أمام الشركات البريطانية والأمريكية والسعودية والقطرية للاستثمار في قطاع الطاقة، كما قامت بإعادة تشغيل مصفاة بانياس التي تأسست سنة 1974 بطاقة إنتاجية تصل لـ 95 ألف برميل يوميا، لتزويد البلاد بالحاجيات الضرورية من المواد النفطية.
ويتساءل المغاربة اليوم عن سبب غياب الإرادة لدى الدولة لإعادة قطاع التكرير للبلاد، والنهوض بحاجيات المملكة من البترول والمواد النفطية، لا سيما في ظل عمليات التنقيب عنه والتي قد تسفر عن العثور على حقول مستقبلا، مما يتطلب وجود مصفاة داخلية تعمل على إعادة استعماله وتكريره واستخراج المواد الأساسية منه، وتوفير الحاجيات في السوق الوطنية وفق أسعار معقولة، تكون في متناول المواطنين، عوض الأسعار المرتفعة التي تفرضها شركات توزيع المحروقات حاليا، والتي تزيد من تدهور القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة وللطبقة الفقيرة، وتزيد من اغتناء شركات المحروقات على حساب جيوب المغاربة.
فقد وصل سعر برميل النفط 58 دولارا على الصعيد الدولي، في حين لا زالت أسعار المحروقات في السوق الوطنية ما بين 10 و12 درهما، إذ من المفروض أن تكون أقل من 10 دراهم بعد انخفاض ثمن البرميل في السوق الدولية، مثل ما يحدث في بلدان أخرى، لكن بسبب جشع شركات المحروقات بقيادة أفريقيا غاز ، يتم تحديد الثمن لضمان فارق الأرباح.
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الأسبوع الصحفي

