"صندقچة الونداوي" الوثائق الرسمية البريطانية عن مؤتمر القاهرة اذار 1921

لا يخلو كتاب عن تاريخ العراق الحديث من إشارة الى هذا المؤتمر ولكن وللأسف ليس هنالك من كتاب مس الأرشيف البريطاني عنه.

زميلتنا الدكتورة رجاء الخطاب رحمها الله تواصلت معها قبل نشرها كتابها عن المؤتمر وكانت قد حصلت على بضع وثائق عن المؤتمر.

اليوم امامي الكثير من الوثائق المهمة واهمها المراسلات بين ونستون تشرشل ورئيس الوزراء البريطاني حول مسار اعمال المؤتمر وما اتفق عليه الحضور بتسمية الامير فيصل لعرش العراق وكذلك محاضر اجتماعاته مع الأمير عبد الله التي قادت الى ولادة شرق الأردن الحديث.

ان اطلعكم عن التفاصيل سيحتاج لمساحة واسعة، ولكن اليوم اركز على كيف تهيئة الأمير فيصل لاستلام عرش العراق بعد ان فقد عرشه السوري وانتقل الى فلسطين ومنها رحل الى لندن وهنا جرت بينه وبين الساسة الإنكليز حوارات حادة حول تنصلهم عن وعودهم والتلاعب بما ورد في مراسلات ما يعرف بمراسلات الحسين وهنري مكماهون وهذه سأعود لها لاحقا.

السيد تشرشل إلى رئيس الوزراء.

آفاق بلاد الرافدين مبشّرة، غير أن هناك ثلاث نقاط أحتاج فيها إلى مساعدتكم.

أولًا: أعتقد أننا سنصل إلى إجماع بين جميع السلطات على أن فيصل يقدّم الأمل في أفضل الحلول وأقلّها كلفة. وإذا كان الأمر كذلك، فهل أستطيع المضي قدمًا على هذا الأساس؟ والصيغة المقترحة هي: «ردًا على استفسارات أنصار الأمير فيصل، صرّحت الحكومة البريطانية بأنها لن تضع أي عوائق في طريق ترشيحه حاكمًا على العراق، وأنه إذا اختير فسيحظى بدعمها». فهل تعتقدون أنكم وأن اللورد كرزون قد قلتما ما يكفي للفرنسيين لتبرير مضيي على هذا الأساس؟ وإذا كان الأمر كذلك، فذلك أفضل، لأننا لا نريد أن يُقدِموا على أي كشف مبكر أو إثارة.

وعند تلقي موافقتكم على هذه الصيغة سأبلغ لورنس أنه يستطيع إيصال الصيغة إلى فيصل. وعلى هذا الأساس سيتوجه فيصل فورًا إلى مكة، مرورًا بمصر في الطريق. ولا نريد أي إعلان، حتى ولو بعبارات متحفظة، للصيغة إن أمكن، إلى أن يكون فيصل في مكة والسير بيرسي كوكس في بغداد قرابة منتصف نيسان. وستتطلب طريقة الاختيار دراسة متأنية لتفادي تعبير ملتبس أو عديم المعنى عن رأي بلاد الرافدين. والوقت قصير، إذ يجب أن يعود السير بيرسي كوكس، وتعتمد جميع خططي على تسوية واضحة معه قبل أن نفترق. ولا يساورني أي شك شخصي في أن فيصل يقدّم إلى حد بعيد أفضل فرصة لتوفير أموالنا. لذا أرجو أن تتفضلوا بإبلاغي برقيًا في أقرب وقت ممكن بأنني حرّ في وضع الخطط على أساس هذه الصيغة.

رئيس الوزراء إلى السيد تشرشل.

(سري وشخصي)

16 آذار 1921.

الرد على النقاط الثلاث الواردة في برقيتكم هو كما يلي:

أولًا: لقد ألمحنا مرارًا إلى الفرنسيين أنه إذا كان هناك طلب قوي من بلاد الرافدين على فيصل، وكان من الممكن إعادة السلام بإقامته حاكمًا على العراق، فلا نجد ما يبرر الاعتراض على ترشيحه. غير أنه ما لم تأتِ المبادرة من بلاد الرافدين، فإن موقفنا مع الفرنسيين سيكون مُحرجًا، ونرى أنه سيكون من الصعب جدًا التوفيق بين الإجراء الذي تقترحونه والموقف الذي اعتمدناه مع وزارة الخارجية الفرنسية في هذا الشأن. ونرى، لذلك، أنه من الضروري أن تأتي المبادرة الحقيقية في أي طلب لفيصل من بلاد الرافدين. ولا شك أن السير بيرسي كوكس والآنسة غيرترود بيل سينصحانكم بما إذا كانت هذه المبادرة وشيكة. وستتذكرون بلا ريب، مع ذلك، أن فيصل حين جرى جسّ نبضه في لندن بشأن موقفه الشخصي أوضح بجلاء أنه لن يصبح مرشحًا للعراق ما لم تُسوَّ مطالب عبد الله.

السيد تشرشل إلى رئيس الوزراء.

أصبحتُ الآن في وضع يمكّنني من عرض مقترحات محددة للعمل. وهذه المقترحات تتعلق فقط بالمرحلة الأولى من تخفيض القوات في بلاد

وقد توصلت جميع السلطات، بما فيها كوكس، والجنرال هالدين، وكونغريف، وإيرونسايد، ورادكليف، والكولونيل لورنس، والميجر يونغ، إلى اتفاق كامل حول جميع النقاط، السياسية والعسكرية على السواء. وسيغادر نحو ثلث القوات التي أُدرجت مخصصاتها في تقديرات 1921 1922 البلاد بأسرع ما يتوافر الشحن. وستُفرض تخفيضات متناسبة على أعداد الموظفين، والخدمات المساندة على اختلاف أنواعها، والأتباع، والحيوانات.

.

وقد اتُّخذت ترتيبات على الرغم من التخفيضات المذكورة أعلاه للسيطرة على كامل البلاد، بما في ذلك الموصل وكركوك، دون انقطاع، إلى أن تُدرَّب القوات المحلية. وتشمل الترتيبات السياسية حلّ فيصل للعراق، مع نظام حكم ذاتي منفصل لكردستان يُنظَّم تحت إشراف المفوضية العليا على أساس إلزامي. وسأشرح ذلك أيضًا عند عودتي.

وأرفق: (1) الإجراء المقترح بشأن الأمير فيصل والسياسة في العراق وكردستان؛ (2) برقية تفصيلية أعدّها لي الجنرال رادكليف بشأن الجانب العسكري؛ و(3) توقعًا ماليًا أعدّه السيد كروسلاند.

السياسة المتبعة تجاه العراق

لقد جرى النظر في مسألة تخفيض نفقات بلاد الرافدين في إطار المؤتمر على افتراض أنني قد أتلقى قريبًا ردًا مؤيدًا على برقيتي المؤرخة 14 آذار. ويمكن تحقيق الأهداف المنشودة على أفضل وجه باتباع الإجراء التالي. على السير بيرسي كوكس أن يصل إلى البصرة في أوائل نيسان والإعلان فورًا عن (؟ تخفيف) أحكام المحاكم العسكرية، وعن قرار حكومة جلالة الملك منح عفوٍ عام، مع استثناء واحد أو اثنين، للأشخاص المعتقلين أو المنفيين على خلفية اضطرابات عام 1920. وعلى فيصل، في أقرب وقت ممكن، أن يتوجه إلى مكة، ومنها يبرق قرابة 23 نيسان إلى أصدقائه في بلاد الرافدين قائلًا إن الحكومة البريطانية قد أبلغته، ردًا على استفساراتهم، بأنها لن تضع أي عائق في طريق ترشيحه حاكمًا على العراق، وأنه إذا اختير فسيحظى بدعمها. ونعتقد أن فيصل، من أجل مواجهة الدعاية المناهضة للانتداب في بلاد الرافدين، ينبغي أن يوضح أنه مستعد لقبول شروط الانتداب كما عُرضت أمام عصبة الأمم، غير أننا لا نرى أن بإمكانه أن يفعل ذلك إلا إذا خُوِّلتُ بأن أضمن أن القيام بذلك لن يحول دون إمكان إجراء إعادة تكييف لاحقة للعلاقات بين الدولة المنتدِبة وحكومة بلاد الرافدين المُشكَّلة على نحو سليم. ويمكن أن تتخذ هذه الإعادة شكل تعديل للانتداب إلى معاهدة تنص على استمرار دعم الدولة المنتدِبة، مع توفير الضمانات الكافية، وصون المصالح الخاصة والمكانة المميزة للأخيرة في العراق. وبالإضافة إلى ذلك، سأبرق إلى النقيب وسيد طالب، بصفتهما يمثلان الحكومة المؤقتة، معربًا عن أملي في الحصول على دعمهما وتعاونهما الشخصي في المستقبل. وفي الوقت نفسه، سيقوم عبد الله بمخاطبة أولئك الأصدقاء الذين كانوا قد أيدوا ترشيحه سابقًا، مبينًا أنه قد انسحب لمصلحة فيصل. ومن خلال ما وردني من أصدقائه، فإن الأثر الأولي لذلك سيكون أن يقوم فيصل إما بإيفاد ممثل عنه أو الحضور بنفسه إلى بلاد الرافدين خلال رمضان. ومن المتوقع أن يؤدي إعلان فيصل، يعقبه وصوله إلى البلاد، إلى تعبير حاسم عن الشعور العام المؤيد له، بما يجعل من غير الضروري أن نطلب من المؤتمر مناقشة مسألة الحاكم، إذ سيقومون ببساطة سواء مباشرة أو بصورة غير مباشرة بتأكيد ترشيحه. وبعد ذلك سيقوم فيصل بحلّ الحكومة المؤقتة القائمة، أي مجلس الوزراء، ويكلّف نجيب أو شخصًا آخر بتشكيل الوزارة. وقد جرى اعتماد التوصيات المتقدمة بالإجماع، وألتمس على وجه السرعة أن تحصلوا على موافقة مجلس الوزراء عليها في الوقت المناسب، بما يتيح لي تنسيق التفاصيل النهائية مع كوكس قبل مغادرته القاهرة.

السياسة في كردستان

نظرًا للمادة 62 من معاهدة سيفر، لم تُدرج كردستان الجنوبية حتى الآن ضمن الحكومة المؤقتة لبلاد الرافدين، وكان المفوض السامي قد ألمح إلى أنه يقترح التعامل مباشرة مع المسؤولين المحليين في المناطق الكردية إلى حين انقضاء المدة التي تسمح بها المادة 5. وبالعمل على افتراض أن المادة 62 لم تعد نافذة، وأنه بناءً على ذلك لا تقوم مسألة كردستان الجنوبية في أي تاريخ لاحق يتيح خيار الاتحاد مع كردستان الشمالية، فقد نظر المؤتمر في النهج السياسي الواجب اتباعه حيال المناطق الكردية الخالصة. وخلصنا إلى أنه إذا جرت في هذه المرحلة أي محاولة لإخضاعها لحكم الحكومة العربية، فإنها ستقاوم دون شك، وستنشأ تعقيدات من شأنها أن تُضاف إلى أعبائنا عند الانسحاب. وعليه، نوصي بإبلاغهم بالاشتراك مع حكومة العراق بأن نيتنا في ظل الانتداب هي الإبقاء على الترتيبات القائمة إلى أن يختار كيان تمثيلي للدول الكردية الانضمام إلى العراق. وستتمثل فائدة هذا الحل في تمكيننا من تجنيد وحدات كردية تحت قيادة ضباط بريطانيين، وبذلك تسريع خفض القوات الإمبراطورية في بعض المناطق. كما أن هذه السياسة ستسهم في إحباط مساعي الأتراك لاستمالة الأكراد داخل أراضينا.

السيد تشرشل إلى رئيس الوزراء.

سري وشخصي

18 آذار 1921.

أحرص كثيرًا على ألا يقع أي سوء فهم بيننا. فالصيغة المتعلقة بفيصل التي اقترحتها في برقيتي المؤرخة 14 آذار لم تكن مقصودة للنشر، بل بوصفها دلالة محددة على الحدود التي يمكن أن تُصاغ ضمنها سياستنا.

وفي برقيتي المطوّلة إليكم بتاريخ 16 آذار، عُرضت الإجراءات الحالية لاعتماد فيصل عرضًا كاملًا. وهذه الإجراءات التي نصح بها كوكس، والآنسة بيل، ولورنس تحظى بإجماع جميع السلطات هنا. ونحن ندرك تمامًا، كما تدركون، الرغبة في تأمين حركة تلقائية لفيصل في بلاد الرافدين تمهيدًا لأن تُؤيَّد من جانبنا. غير أننا، ما لم نغيّر رأينا من تلقاء أنفسنا في هذا الشأن، لا نستطيع الجزم بحدوث ذلك. فالتقدير معقّد بتعدد المطالبين بالعرش، وكثير منهم متعذّر عمليًا، ولا يقدّم أيٌّ منهم أفقًا لحكومة عربية فعّالة قادرة على تخفيف التزاماتنا العسكرية. ومثالًا على ذلك، إذا لو اختير ابن سعود فإنه سيغرق البلاد بأسرها في فوضى دينية. أمّا سيد طالب، الذي يناور بشدة طمعًا في المنصب، فهو رجل سيّئ السيرة وغير جدير بالثقة. والنقيب يتداعى على حافة القبر. ولا شك لدينا، أيًّا كان الشك، بأن النظام الشريفـي وحده يقدّم آفاقًا أفضل بكثير من هؤلاء، وهو في الواقع السياسة العملية.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من وكالة الحدث العراقية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من وكالة الحدث العراقية

منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 12 ساعة
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
قناة الرابعة منذ 9 ساعات
قناة الرابعة منذ 39 دقيقة
قناة السومرية منذ 6 ساعات
قناة السومرية منذ 20 ساعة
قناة الرابعة منذ ساعة
وكالة الحدث العراقية منذ 13 ساعة
قناة السومرية منذ 12 ساعة
قناة السومرية منذ 8 ساعات