تجريم الاغتناء غير المشروع أداة قانونية اعتمدها المنتظم الدولي لمحاربة الفساد. وقد صادق المغرب بدون تحفظ على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCACسنة2008.

وتدعو المادة 20 إلى إقرار قوانين وطنية لمحاربة الإثراء غير المشروع .

تقول المادة :"تنظر كل دولة طرف،رهنا بدستورها وبالمبادئ الأساسية لنظامها القانوني. في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وغيرها لتجريم الإثراء غير المشروع..."

[Sous r serve de sa constitution et des principes fondamentaux de son syst me juridique,chaque tat Partie envisage d'adopter les mesures l gislatives et autres n cessaires pour riger en infraction p nale..l'enrichissement illicite..."]

ولأن هذه الآلية تركت للارادة السياسية للدول قصد محاربة الفساد، فإن العديد منها اعتمدت نصوصا قانونية صريحة لتجريم الإثراء غير المشروع، ومنها ( تونس،الجزائر، مصر،كينيا، جنوب أفريقيا،الارجنتين،البرازيل ،الصين،....)،

فيما اعتمدت دول أخرى أنظمة تشريعية مختلفة كبدائل قانونية تخص التصريح الإجباري بالممتلكات، وتجريم تضارب المصالح والجرائم المالية والضريبية، ومصادرة الأموال غير المشروعة وغسل الاموال ..الخ. ومن هذه الدول فرنسا، والمانيا، واسبانيا، وإيطاليا...وسواء تعلق الأمر بنصوص جنائية مباشرة أو غير مباشرة، فإن فعلية محاربة الفساد المرتكزة على القانون هي الأداة الوحيدة التي تعكس ارادة الدول في محاربة الفساد.

وفي السياق المغربي، فإن اقبار المقتضيات القانونية ذات الصلة بالاغتناء غير المشروع لا يشكل تراجعا عن الاتفاقية الدولية التي صادق عليها المغرب فقط، بل تكريسا لتأويل محافظ يذهب في اتجاه معاكس لروح الدستور.

وإذا كان البعض يدعي بأن إقرار قانون خاص، أو مقتضيات قانونية ذات الصلة سيمس بقرينة البراءة فإن هذا الادعاءمردود عليه طالما أن قرينة البراءة منصوص عليها في الدستور المغربي ،كما أن الانظمة الجنائية معمول بها في الاصل في كل بقاع العالم لمحاربة كل أنواع الجرائم، سواء تعلقت بالاموال أو بأشياء أخرى.

فهل تمس الانظمة الجنائية العالمية( ياترى) بقرينة البراءة عندما تصدر قوانين جنائية لمحاربة الفساد المالي، والاغتناء غير المشروع؟

هذا المحتوى مقدم من جريدة كفى