كيف أربك الدينار القيادة العراقية في التسعينيات؟

يعتمد هذا التقرير على حزمة من الوثائق الرسمية المحفوظة في الأرشيف الوطني البريطاني ضمن الملف المرجعي FCO 8/9479، وهو ملف يسلّط الضوء على مسار العلاقات بين إيران والعراق خلال عام 1993. وقد أصبحت هذه المواد متاحة للباحثين والمهتمين ابتداءً من الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2025، بعد أن ظلت محجوبة سنوات طويلة بموجب القيود المعمول بها على الوثائق الدبلوماسية الحساسة.

تضم هذه السجلات مراسلات وتقارير سرية وتقييمات سياسية شكّلت آنذاك الأساس لفهم التحولات التي ميّزت العلاقة بين البلدين، سواء على المستوى الأمني أو الدبلوماسي أو الإقليمي. وتكشف هذه الملفات عن آليات التواصل الرسمي، والقراءات البريطانية للتوترات القائمة، والتحركات الجانبية التي كان لها دور مؤثر في تشكيل المشهد السياسي في المنطقة خلال تلك المرحلة الحرجة من تاريخ الشرق الأوسط.

انهيار الدينار والضغوط الداخلية والدبلوماسية

انهيار الدينار العراقي أثار انتقادات علنية للوزارات، وأدى إلى إجراءات جديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، مع استمرار الإعدامات. على الصعيد الخارجي، حققت الدبلوماسية العراقية نجاحات محدودة في روسيا وفرنسا، وتجددت الهجمات الكلامية على إيران والمطالب العراقية بالكويت.

"في الـ 29 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1993، أرسلت السفارة البريطانية في عمان برقية سرية رقم 449 إلى وزارة الخارجية البريطانية في لندن، تتناول فيها الوضع الراهن في العراق. أشارت البرقية إلى أن انهيار العملة أدى إلى موجة من الانتقادات العلنية للوزارات العراقية، ما استدعى اتخاذ إجراءات اقتصادية إضافية لمواجهة الأزمة المتفاقمة. وفي الوقت نفسه، استمرت عمليات الإعدام داخل البلاد، في حين شهد النشاط الدبلوماسي نجاحات محدودة فقط في روسيا وفرنسا. كذلك جددت الحكومة العراقية هجماتها اللفظية على إيران، وأعادت تأكيد مطالبها تجاه الكويت.

وفقاً لما جرى الاتفاق عليه مع قسم الشرق الأوسط، فقد قامت السفارة بإعادة صياغة شكل وعنوان تقاريرها الدورية حول العقوبات. وتعتبر هذه النسخة الأولى محاولة لتقديم مراجعات عامة أكثر للأحداث في العراق، تغطي الفترة منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، من دون تكرار التقارير الصادرة من نيويورك حول الأمم المتحدة أو من أنقرة حول الأكراد.

خلال الشهر الماضي، كان التطوّر الداخلي الأبرز في العراق هو انهيار قيمة الدينار العراقي، إذ انخفض سعره من سبعين ديناراً للدولار في أكتوبر إلى مئة دينار في أوائل نوفمبر، ثم إلى مئة وستين ديناراً في 21 نوفمبر، قبل أن يشهد تعافياً طفيفاً بعد الاتفاق على SCR 715وفي خطوة غير مسبوقة في 2 نوفمبر، أعلنت الحكومة العراقية باقتضاب أنها ستتوقف عن شراء الدولارات في بغداد، من دون توضيح المدة التي يمكن خلالها استمرار برنامج الاستيراد باستخدام الدينار فقط، وحتى الآن لم يتم التراجع عن هذا القرار علناً".

عُدي صدام يثير جدلاً السياسات الاقتصادية

عُدي صدام وأكاديميون ناقشوا أزمة انهيار الدينار، وانتقدوا فشل الرقابة الحكومية وارتفاع الطلب على الدولار نتيجة تخفيف قيود الاستيراد وبرنامج الخصخصة المرتقب. الإصلاحات الاقتصادية شملت تعديل الرسوم الجمركية على بعض السلع، تقليص الإعفاءات الضريبية، وإطلاق مرافق وخدمات جديدة مثل محطة الأقمار الاصطناعية الدجيل.

"أدى انهيار سعر الصرف إلى جدل غير مسبوق في بغداد، بخاصة في صحيفة "بابل" المملوكة لعُدي صدام حسين، التي لطالما كانت متقدمة في انتقاد بعض أعضاء الحكومة، عادةً أولئك الذين يُعرف عن عُدي عدم إعجابه بهم. ففي 10 نوفمبر، نشرت الصحيفة نقاشاً مطولاً حول الأزمة شارك فيه أكاديميون إلى جانب عُدي وقيس البدري، المستشار الاقتصادي في قصر الرئاسة.

بدأ عُدي تصريحاته بتأكيد أن صدام حسين ليس مسؤولاً عن الأزمة، لأنه ترك مجلس الوزراء للإشراف على الاقتصاد، وانتقد أيضاً الأجهزة الأمنية لضعفها وفشلها في مراقبة المضاربين. وردَّ الأكاديميون على ذلك بمهاجمة البنك المركزي ووزارة التصنيع العسكري، التي وصفوها بأنها من أكبر مشتري الدولار، مشيرين إلى أن موظفي الوزارة قد يكون من الأفضل توظيفهم في الأنشطة الزراعية. ومن المحتمل أن تكون الإشاعات الأخيرة حول اعتقال مدير البنك مرتبطة بهذه المسألة.

ناقش المشاركون أيضاً أن قرار تخفيف قيود الاستيراد أسهم في زيادة الطلب على الدولار، كذلك دفع قرار خصخصة المصانع الحكومية المستثمرين للاحتفاظ بالدولار انتظاراً لبدء برنامج الخصخصة. من جانبه، أوضح قيس البدري أن الحكومة ببساطة غير قادرة على استقرار سعر الصرف، وأن الطلب على الدولار سيظل مرتفعاً، لكنه أشار إلى أن الإنفاق الحكومي المتوقع في موازنة عام 1993 (التي لم تُنشر بعد) سيكون أقل بنسبة عشرين في المئة مقارنة بعام 1992".

تعديلات اقتصادية في العراق لتعزيز الأداء

العراق أطلق مشاريع صناعية وبنية تحتية جديدة، أبرزها تطوير الصناعة البتروكيماوية، محطة الأقمار الاصطناعية، ومصنع الكربون الأسود، مع مشاركة شركات محلية وأردنية في معرض بغداد العسكري. الوضع الأمني لا يزال غير مستقر مع اعتقالات وانفجارات، فيما الصحافة، خصوصاً صحيفة بابل، تنتقد غياب حرية التعبير وتدعو لتعليقات اقتصادية أكثر موضوعية.

"في ما يخص التعديلات الأخيرة على قيود الاستيراد، فقد أعلنت الحكومة العراقية عنها في الثامن من نوفمبر وسط حالة من الارتباك العام. وعلى عكس التقارير المنتشرة، يبدو أن الإجراءات لم تسمح باستيراد عدد كبير من السلع، إذ شملت التغييرات إزالة بعض الملابس فقط من قائمة السلع الفاخرة المحظورة. أما الابتكار الرئيس فتمثل في رفع الرسوم الجمركية عن مجموعة من السلع، بما في ذلك المواد الغذائية وقطع الغيار والمواد البنائية والكهربائية، في حين جرى تقييد التجارة المربحة بقطع غيار السيارات المستعملة بإضافتها إلى.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

المزيد من اندبندنت عربية

منذ 8 ساعات
منذ 41 دقيقة
منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 20 ساعة
قناة العربية منذ 20 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 17 ساعة
قناة العربية منذ 18 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ ساعتين