هذه ليست وجهة نظر فلسفية، بل نتيجة لأبحاث في علم النفس التطوري، وعلم الأعصاب الأخلاقي، والاقتصاد السلوكي، والذكاء الاصطناعي، ومع تراكم الأدلة تظهر صورة جديدة ومقلقة، حيث إن المستقبل لن يشبه الماضي أخلاقياً، والمبادئ التي اعتبرها البشر مقدسة ستفقد معناها في عالم يعاد فيه تعريف السلوك، والوعي، والنية، والمقبول اجتماعياً بحسب الفئات، ولم يعد القبول المجتمعي قراراً جماعياً مشتركاً، فالقوانين والتشريعات المحلية المتأثرة حتماً بالقوانين الدولية قد تجعل المرفوض في السابق في مجتمع ما أمراً مقبولاً اليوم، ولا يجرؤ من يعارضه بالجهر بذلك، بل في البيت الواحد قد يتفاوت تعريف الفعل الأخلاقي من شخص لآخر.
البداية جاءت من علم النفس التطوري الذي كشف أن الأخلاق ليست وحياً أو مطلقاً، بل استراتيجية للبقاء، فالصدق، والإيثار، والتعاون، والولاء، وعدم الاعتداء كلها ظهرت كآليات ضرورية لبقاء المجموعات الصغيرة التي عاش فيها الإنسان القديم، ومع تمدد المجتمعات تحولت هذه السلوكيات إلى ما نسميه «قواعد أخلاقية»، وجاء الدين ليضيف لها بعداً آخر، روحياً وتشريعياً خاصاً، فالأخلاق لم تبنَ في الأساس على حقيقة ثابتة، بل على بيئة محدودة من مجتمع صغير، وموارد شحيحة، وخطر وتهديد خارجي دائم، ونسبة القدرة على الاستمرار في الحياة، ووعي بسيط غير معقد.
ثم جاءت الضربة الثانية من علم الأعصاب، فالدماغ لا يحمل مركزاً أخلاقياً كما كنا نعتقد، بل يحمل شبكات من العواطف والذاكرة والانحيازات والتجارب، إذاً القرارات الأخلاقية ليست تطبيقاً لمبادئ ثابتة، بل استجابات عصبية تتأثر بالاحتياجات الفسيولوجية والشعورية والنفسية والمعتقدات، والخوف، واللذة، والتربية، والكيمياء الدماغية، وحتى الطعام والهرمونات.
فالإنسان قد يقتل إنساناً آخر دون ندم متى ما كان هناك قبول متعارف عليه لفعله، أو لديه مسببات هو يراها منطقية، ويؤمن أنها أخلاقية، وقد أظهرت تجارب معهد MIT الأميركي أن تغييراً بسيطاً في مستوى السيروتونين، أو نشاط اللوزة الدماغية يمكن أن يحوّل قراراً أخلاقياً من القبول إلى الرفض، ولهذا نحن اليوم بما نمر به من مؤثرات خارجية وداخلية نتعرض لها ونستخدمها بصفة يومية دائمة، نشارك الآخرين صياغة مفهومنا للخير والشر، والصواب والخطأ، وقد يحرضنا بطريقة غير مباشرة لتبني موقف معين، وأن.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية
